مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: صُحْبَةُ الصَّالِحِينَ وَمُجَانَبَةُ الْفَاسِدِينَ


((مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ:

صُحْبَةُ الصَّالِحِينَ وَمُجَانَبَةُ الْفَاسِدِينَ))

وَمِنَ السُّبُلِ الْعَظِيمَةِ لِمُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: صُحْبَةُ الصَّالِحِينَ، وَمُجَانَبَةُ الْفَاسِدِينَ، وَالْحَيَاةُ فِي بِيئَةٍ صَالِحَةٍ مُؤْمِنَةٍ؛ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].

وَاحْبِسْ -يَا رَسُولَ اللهِ، وَيَا كُلَّ دَاعٍ إِلَى اللهِ- نَفْسَكَ؛ صَابِرًا عَلَى تَحَمُّلِ مَشَقَّاتِ التَّعْلِيمِ وَالتَّرْبِيَةِ وَالتَّزْكِيَةِ، مُصَاحِبًا وَمُلَازِمًا الَّذِينَ يَعْبُدُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ {بِالْغَدَاةِ}: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، {وَالْعَشِيِّ}: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ، {يُرِيدُونَ} بِعِبَادَتِهِمْ وَجْهَ اللهِ، لَا يُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا.

وَلَا تَصْرِفْ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ، تَطْلُبُ مُجَالَسَةَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْأَشْرَافِ، وَصُحْبَةَ أَهْلِ الدُّنْيَا.

{وَلَا تُطِعْ} مُثَبِّطًا لَكَ عَنْ عَمَلِكَ، أَوْ مُسْتَدْرِجًا إِيَّاكَ إِلَى مَزَالِقِ الْأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ مَنْ وَجَدْنَا قَلْبَهُ غَافِلًا عَنْ ذِكْرِنَا، وَاتَّبَعَ فِي طَلَبِ الشَّهَوَاتِ هَوَاهُ، وَكَانَ أَمْرُهُ مُتَفَلِّتًا عَلَى غَيْرِ هُدًى؛ فَكَانَتْ حَيَاتُهُ وَطَاقَاتُهُ مُبَدَّدَةً ذَاهِبَةً سَرَفًا وَتَضْيِيعًا.

وَالْحَذَرَ الْحَذَرَ مِنْ مُخَالَطَةِ الْفَاسِدِينَ الضَّالِّينَ؛ ((فَإِنَّ كَثْرَةَ الْخُلْطَةِ تُورِثُ الْقَلْبَ امْتِلَاءً مِنْ دُخَانِ أَنْفَاسِ بَنِي آدَمَ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَيُوجِبَ لَهُ تَشَتُّتًا وَتَفَرُّقًا، وَهَمًّا وَغَمًّا، وَضَعْفًا، وَحَمْلًا لِمَا يَعْجِزُ عَنْ حَمْلِهِ؛ مِنْ مَئُونَةِ قُرَنَاءِ السُّوءِ، مَعَ إِضَاعَةِ مَصَالِحِهِ، وَالِاشْتِغَالِ عَنْهَا بِهِمْ وَبِأُمُورِهِمْ، وَتَقْسِيمِ فِكْرِهِ فِي أَوْدِيَةِ مَطَالِبِهِمْ وَإِرَادَاتِهِمْ، فَمَاذَا يَبْقَى مِنْهُ لِلَّهِ وَلِلدَّارِ الْآخِرَةِ؟!!

هَذَا، وَكَمْ جَلَبَتْ خُلْطَةُ النَّاسِ مِنْ نِقْمَةٍ، وَدَفَعَتْ مِنْ نِعْمَةٍ، وَأَنْزَلَتْ مِنْ مِحْنَةٍ، وَعَطَّلَتْ مِنْ مِنْحَةٍ، وَأَحَلَّتْ مِنْ رَزِيَّةٍ، وَأَوْقَعَتْ فِي بَلِيَّةٍ!! وَهَلْ آفَةُ النَّاسِ إِلَّا النَّاسُ؟!!

وَهَلْ كَانَ عَلَى أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ الْوَفَاةِ أَضَرَّ مِنْ قُرَنَاءِ السُّوءِ؟!!

لَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تُوجِبُ لَهُ سَعَادَةَ الْأَبَدِ، وَالنَّبِيُّ عِنْدَ رَأْسِهِ يَقُولُ: ((يَا عَمَّاهُ! قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.. هِيَ كَلِمَةٌ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ)).

فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانُ الْإِنْسِ: أَتَدَعُ دِينَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَتَدْخُلُ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ؟!!

فَكَانَ آخِرَ مَا قَالَ: أَنَّهُ عَلَى دِينِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.. فَدَخَلَ النَّارَ.

فَاحْذَرْ أَهْلَ زَمَانِكَ، وَأَقْلِلْ مِنَ الْمُخَالَطَةِ عَلَى قَدْرِ وُسْعِكَ؛ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَقٌّ تُؤَدِّيهِ؛ مِنْ رَحِمٍ تَصِلُهُ أَوْ بِرٍّ تَذْهَبُ بِهِ إِلَى مُسْتَحِقِّيهِ، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَالْزَمْ قَعْرَ بَيْتِكَ، وَأَقْبِلْ عَلَى رَبِّكَ كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ نَبِيُّكَ ﷺ، وَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ عَامَّتِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَضَرِّ مَا يَكُونُ مِنْ أَمْرٍ عَلَيْكَ.

وَهَذِهِ الْخُلْطَةُ الَّتِي تَكُونُ عَلَى نَوْعِ مَوَدَّةٍ فِي الدُّنْيَا، وَقَضَاءِ وَطَرِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ؛ هَذِهِ الْخُلْطَةُ تَنْقَلِبُ إِذَا حَقَّتِ الْحَقَائِقُ عَدَاوَةً، وَيَعَضُّ الْمُخَالِطُ عَلَيْهَا يَدَيْهِ نَدَمًا؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27-29].

وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67].

وَقَالَ خَلِيلُهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِقَوْمِهِ: {إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ} [العنكبوت: 25])) .

 

المصدر: خُطُورَةُ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْإِدْمَانِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مِنْ دُرُوسِ الْهِجْرَةِ: تَوْزِيعُ الْمَهَامِّ الْمُحْكَمُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ
  سَلُوا اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ
  فَضْلُ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ
  حُكْمُ مَانِعِ الزَّكَاةِ
  أَهَمِّيَّةُ اِغْتِنَامِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ
  ثَمَرَاتُ الِاقْتِصَادِ الْقَوِيِّ عَلَى الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ
  عَاقِبَةُ إِهْمَالِ مُرَاقَبَةِ الْقُلُوبِ وَرِعَايَةِ الضَّمَائِرِ
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْهِدَايَةِ
  الْمَوْعِظَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : ((التَّوْحِيدُ أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبِيدِ))
  فَوَائِدُ الْإِيمَانِ وَثَمَرَاتُهُ عَلَى الْفَرْدِ
  نَمَاذِجُ مِنْ مِحَنِ وَابْتِلَاءَاتِ خَيْرِ الْبَشَرِ
  دِينُ الْعَمَلِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ
  المَوْعِظَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : ((رَمَضَانُ شَهْرُ الْجَوَدِ وَالْكَرَمِ وَالْعَطَاءِ))
  النَّبِيُّ ﷺ الْأُسْوَةُ الْحَسَنَةُ فِي الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ
  مَنَازِلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  • شارك