«تاريخ نشأةِ بِدْعَةِ الاحتفالِ بِالمَوْلِدِ النَّبويِّ» الشَّيخ العلَّامة المُحَدِّثُ: عبد المُحْسِن العبَّاد البدر -حفظه الله-


«تاريخ نشأةِ بِدْعَةِ الاحتفالِ بِالمَوْلِدِ النَّبويِّ»

الشَّيخ العلَّامة المُحَدِّثُ: عبد المُحْسِن العبَّاد البدر -حفظه الله-

 

قَالَ الشَّيخ العلَّامة المُحَدِّثُ: عبد المُحْسِن العبَّاد البدر -حفظه الله-:

الموالدُ أُحْدِثَت في القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجريِّ، وأَوَّلُ مَن أَحْدَثَهَا العُبيديُّون الذينَ حَكَمُوا مِصْرَ في القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْريِّ؛ لأنَّهُ كَمَا قالَ المَقريزيُّ في «الخُطَطِ والآثَارِ في تاريخِ مِصْر»:

قال: «إنَّهُم أَحْدَثُوا ستَّةَ موالد: ميلادُ النَّبيِّ ، وميلادُ عليٍّ، وميلادُ فاطمة، وميلادُ الحَسَن، وميلادُ الحُسين، والسادسُ: ميلادُ الحاكمِ الموجودِ مِن حُكَّامِهِم.

فإذن هذه الاحتفالات، وتخصيصُ تلكَ المُنَاسَبَات بأعمالٍ مخصوصةٍ، هذا مَا حَصَلَ في القرونِ الثلاثةِ التي هي خيرُ القرونِ، التي قال الرسولُ : «خيرُ القرونِ قَرْنِي، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهُم، ثُمَّ الذينَ يَلُونَهُم».

الصحابةُ لا يوجد عندهُم هذا الاحتفال بالمَوَالِدِ، والتابعونَ كذلك، وأتباعُ التَّابِعِينَ كذلك، ثلاث مائة سنة كاملة لا يُوجَدُ فِيهَا هذا الشيء! وإنَّمَا أُحْدِثَ هذا في القرنِ الرَّابِعِ الهِجْريِّ، والذي أَحْدَثَهُ العبيديُّونَ الذينَ حَكَمُوا مِصرَ.

ثُمَّ ما هو المُسْتَنَدُ في هذا الاحتفالِ؟

هو متابعةُ النَّصَارَى؛ لأنَّ النَّصَارَى يحتفلونَ بميلادِ عيسى؛ إذن نحتفلُ بميلادِ مُحَمَّدٍ .

يعني: الذي أَحْدَثَهُ العُبيديُّونَ، والمُسْتَنَد: اتِّبَاعُ النَّصَارَى!

ومعلومٌ أنَ الخيرَ كلُّ الخيرِ فِيمَا كانَ عليه رسولُ الله وأصحابُهُ، والرسولُ مَا أَرْشَدَ إلى ذلك، ولا فَعَلَ ذلك، ولا -أَيْضًا- الخلفاءُ الرَّاشِدُونَ، والصحابةُ كلُّهُم مَا حَصَلَ منهم، والتَّابِعُونَ مَا حَصَلَ، وأَتْبَاعُ التَّابِعِينَ مَا حَصَلَ؛ وَإِنَّمَا وُجِدَ ذلك في القَرْنِ الرَّابِعِ.

وَلِهَذَا لا يُوجَدُ في الكُتُبِ المُؤلَّفَةِ في قَرْنٍ مِن القرونِ الثلاثةِ شيءٌ فيه الدَّلالةُ على الاحتفالاتِ بِالمَوَالِدِ أَبَدًا، ليس فيه شيءٌ على أَنَّ النَّاسَ كانوا يحتفلونَ، وأنهم يأمرونَ بالاحتفالِ، وأنَّهُم يفعلونَ ذلك، ثلاث مئة سَنَة كاملة لا يُوجَدُ فيها ذلك! وَمَعْلُومٌ أنَّ الخيرَ كلُّ الخيرِ في اتِّبَاعِ مَن سَلَفَ.

مَحَبَّةُ الرسولِ يَجِبُ أنْ تَكُونَ في القلوبِ أعظمَ مِن مَحَبَّةِ كلِّ محبوبٍ؛ لَكِنْ وِفْقًا لِسُنَّتِهِ ﷺ، وَلَم يَأْتِ في سُنَّتِهِ وَلَا عَمَل السَّلَفِ الصَّالِحِ -الذينَ هُم الصَّحَابَةُ وَمَن كانَ عَلَى نَهْجِهِم- شُيءٌ مِن ذَلِكَ.

فإذن الخيرُ كلُّ الخيرِ في كَوْنِ الإنسانِ يَتَّبِعُ السُّنَنَ، وَيُحَذِّرُ مِن الوقوعِ في الأمورِ المُحْدَثَةِ المُبْتَدَعَةِ؛ لأَنَّ الواجبَ أنْ يكونَ الإنسانُ مُتَّبِعًا؛ كَمَا قالَ الشَّاعِرُ:

كلُّ خَيْرٍ في اتِّبَاعِ مَنْ سَلَفَ   ***   وكلُّ شرٍّ في ابْتِدَاعِ مَنْ خَلَفَ

«المصدر: شَرْحُ سُنَنِ ابن مَاجَه: (الشريط: 153، الدقيقة الأولى، مِن الساعة الثانية».

 

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِين

مَوْقِعُ تَفْرِيغِ خُطَبِ عُلَمَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ

www.drostext.com

                   

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  تَعْرِيفُ النِّكَاحِ
  فَلْنَتَّقِ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا-، وَلْنُحَقِّقْ مَقْصُودَ الصِّيَامِ -التَّقْوَى-
  وِقَايَةُ الْأَبْنَاءِ مِنْ مَكْرِ أَصْحَابِ الْأَحْزَابِ وَالْجَمَاعَاتِ
  نِظَامٌ مُحْكَمٌ لِلْمُعَامَلَاتِ الِاقْتِصَادِيَّةِ فِي الْإِسْلَامِ
  ذِكْرُ اللهِ فِي خِتَامِ رَمَضَانَ
  سُنَّةُ التَّكْبِيرِ مُنْفَرِدًا فِي الطَّرِيقِ وَالْمُصَلَّى بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ
  قَضَاءُ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ سَبَبٌ فِي تَقْيِيدِ النِّعَمِ عِنْدَ الْعَبْدِ
  مَعْرَكَةُ الْجَيْشِ الْمِصْرِيِّ ضِدَّ الْإِرْهَابِ
  رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ وَشَرِيعَتِهِ حَتَّى بِالْحَيَوَانَاتِ
  خُلُقُ التَّوَاضُعِ فِي الْحَجِّ، وَالنَّبِيُّ ﷺ سَيِّدُ الْمُتَوَاضِعِينَ
  أَمْرُ النَّبِيِّ ﷺ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَتَرْغِيبُهُ فِيهَا
  رِسَالَةٌ أَخِيرَةٌ مُهِمَّةٌ وَجَامِعَةٌ إِلَى الأُمَّةِ المِصْرِيَّةِ خَاصَّةً
  فَضَائِلُ وَثَمَرَاتُ الزَّكَاةِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
  حَالُ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- عِنْدَ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَتِلَاوَتِهِ
  الْعَدْلُ هُوَ أَسَاسُ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ
  • شارك