((الدَّوَاءُ الشَّافِي لِمَنْ يَعُودُ لِلذَّنْبِ بَعْدَ التَّوْبَةِ)) الشَّيْخُ الدُّكْتُور: عَبْد الرَّزَّاق الْبَدْر -حَفِظَهُ اللهُ-.


((الدَّوَاءُ الشَّافِي لِمَنْ يَعُودُ لِلذَّنْبِ بَعْدَ التَّوْبَةِ))

الشَّيْخُ الدُّكْتُور: عَبْد الرَّزَّاق الْبَدْر -حَفِظَهُ اللهُ-.

هُنَا سُؤَالٌ -أَيْضًا- يَقُولُ: أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكُمْ شَيْخَنَا، نُخْبِرُكُمْ بِأَنَّا نُحِبُّكُمْ فِي اللهِ.

وَالسُّؤَالُ هُوَ: مَا هِيَ نَصِيحَتُكُمْ وَتَوْجِيهُكُمْ لِطَالِبِ عِلْمٍ يَقَعُ فِي بَعْضِ مَسَاخِطِ اللهِ، وَيَتُوبُ، ثُمَّ يَرْجِعُ بَعْدَ ذَلِكَ؟

أَوَّلًا: أَسْأَلُ اللهَ الْكَرِيمَ لَنَا أَجْمَعِينَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الْمُتَحَابِّينَ فِي اللهِ، إِنَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَكَوْنُ الْإِنْسَانِ يَتَعَرَّضُ فِي حَيَاتِهِ لِلْوُقُوعِ فِي بَعْضِ الذُّنُوبِ وَالْأَخْطَاءِ، وَرُبَّمَا -أَيْضًا- يَفُوتُهُ أَنْ يَذُمَّ نَفْسَهُ، وَأَنْ يُبْعِدَهَا عَنِ الْمَعَاصِي، فَهَذَا عُرْضَةٌ لَهُ الْإِنْسَانُ، وَقَدْ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: ((كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ)).

وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ: ((يَقْولُ اللهُ تَعَالَى: يَا عِبَادِي! إِنَّكُمْ تُذْنِبُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ)).

وَأَيْضًا فِي الْحَدِيثِ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: ((قَالَ اللهُ تَعَالَى: لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا؛ لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرَ لَهُمْ)).

فَالْعَبْدُ لَيْسَ مَعْصُومًا، الْعَبْدُ عُرْضَةٌ لِلْخَطَأِ وَالتَّقْصِيرِ؛ لَكِنْ يَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ دَائِمًا وَأَبَدًا عَلَى الْعِنَايَةِ بِأُمُورٍ ثَلَاثَةٍ يَنْفَعُهُ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِهَا، أَلَا وَهِيَ:

*مُلَازَمَةُ التَّوْبَةِ، وَالْمُبَادَرَةُ إِلَيْهَا، وَكُلَّمَا بَدَرَ مِنْهُ خَطَأٌ؛ يُبَادِرُ إِلَى التَّوْبَةِ مِنْ خَطَئِهِ وَتَقْصِيرِهِ.

*وَالْأَمْرُ الثَّانِي: أَنْ يُكْثِرَ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ، وَقَدْ قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: ((طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا)).

وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدُسِيِّ أَنَّ اللهَ يَقُولُ: ((يَا ابْنَ آدَمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي؛ غَفَرْتُ لَكَ)).

وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي فَضْلِ الِاسْتِغْفَارِ كَثِيرَةٌ، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33].

فَالْإِكْثَارُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ..

*الْأَمْرُ الثَّالِثُ: الْإِكْثَارُ مِنَ الْحَسَنَاتِ، وَالْمُسَارَعَةُ إِلَيْهَا، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ} [هود: 114].

وَيَقُولُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِي وَصِيَّتِهِ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عِنْدَمَا بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ، قَالَ: ((اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ)).

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الزَّكَاةُ مِنْ مَحَاسِنِ دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  بِنَاءُ الْوَعْيِ لِمُوَاجَهَةِ الْإِشَاعَاتِ
  نِدَاءٌ إِلَى طُلَّابِ الْعِلْمِ
  المَوْعِظَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : ((رَمَضَانُ شَهْرُ الْجَوَدِ وَالْكَرَمِ وَالْعَطَاءِ))
  الْعَدْلُ هُوَ أَسَاسُ الْعَلَاقَاتِ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْإِسْلَامِ
  «تاريخ نشأةِ بِدْعَةِ الاحتفالِ بِالمَوْلِدِ النَّبويِّ» الشَّيخ العلَّامة المُحَدِّثُ: عبد المُحْسِن العبَّاد البدر -حفظه الله-
  ثَمَرَاتُ رِعَايَةِ كِبَارِ السِّنِّ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ
  بَيْنَ الِابْنِ وَأُمِّهِ!!
  مِنْ آدَابِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمَةِ: إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ، وَإِعَانَةُ الضُّعَفَاءِ وَذَوِي الِاحْتِيَاجَاتِ الْخَاصَّةِ
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي كَوْنِ الرَّحْمَنِ
  الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا جَسَدٌ وَاحِدٌ
  مِنْ دُرُوسِ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ثَنَاءُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ
  اسْتِقْبَالُ الْعَشْرِ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: رِعَايَةُ الْأَهْلِ وَتَعْلِيمُهُمْ
  حُقُوقُ الْحَاكِمِ الْمُسْلِمِ فِي الْإِسْلَامِ
  • شارك