هَلْ يُحْكَمُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّهَادَةِ؟


هَلْ يُحْكَمُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّهَادَةِ؟

هَلْ يُقَالُ فُلَانٌ شَهِيدٌ؟

عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ خَطَبَ، فَقَالَ: ((تَقُولُونَ فِي مَغَازِيكُمْ -يَعْنِي فِي غَزَوَاتِكُمْ- تَقُولُونَ: فُلَانٌ شَهِيدٌ، وَمَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْ أَوْقَرَ رَاحِلَتَهُ -يَعْنِي حَمَّلَهَا وِقْرًا، وَالْوِقْرُ هُوَ الْحِمْلُ الثَّقِيلُ- أَلَا لَا تَقُولُوا ذَلِكُمْ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ)). وَهَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ((الْمُسْنَدِ))، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُور فِي ((سُنَنِهِ))، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)). مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((بَابٌ: لَا يُقَالُ فُلَانٌ شَهِيدٌ)).

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: ((اللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ))؛ أَيْ يُجْرَحُ فِي سَبِيلِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: ((وَنَرَى الصَّلَاةَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ، وَعَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ، وَلَا نُنْزِلُ أَحَدًا مِنْهُمْ جَنَّةً وَلَا نَارًا، وَلَا نَشْهَدُ عَلَيْهمْ بِكُفْرٍ وَلَا بِشِرْكٍ وَلَا بِنِفَاقٍ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَنَذَرُ -أَيْ نَتْرُكُ- سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى)).

قَالَ ابْنُ أَبِي الْعِزِّ الْحَنَفِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي شَرْحِ تِلْكَ الْعَقِيدَةِ -عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ-: ((يُرِيدُ الطَّحَاوِيُّ: أَنَّا لَا نَقُولُ عَنْ أَحَدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، إِلَّا مَنْ أَخْبَرَ الصَّادِقُ ﷺ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ كَالْعَشَرَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَإِنْ كُنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَدْخُلَ النَّارَ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ شَاءُ اللَّهُ إِدْخَالَهُ النَّارَ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا بِشَفَاعَةِ الشَّافِعِينَ، وَلَكِنَّا نَقِفُ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ، فَلَا نَشْهَدُ لَهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ، لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ بَاطِنَةٌ، وَمَا مَاتَ عَلَيْهِ لَا نُحِيطُ بِهِ، لَكِنْ نَرْجُو لِلْمُحْسِنِ، وَنَخَافُ عَلَى الْمُسِيئِينَ)).

 

المصدر:حُسْنُ الْخَاتِمَةِ بَيْنَ الِاجْتِهَادِ وَالتَّوْفِيقِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  اسْتِقْبَالُ الْعَشْرِ بِتَحَرِّي الْحَلَالِ
  نِعْمَةُ الزَّوَاجِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  بَيَانُ فَضْلِ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ
  التَّحْذِيرُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى
  بَيَانُ مَخَاطِرِ التَّدْخِينِ وَوُجُوهُ تَحْرِيمِهِ
  مَظَاهِرُ خُطُورَةِ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْإِدْمَانِ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ
  تزكية النفس سبيل الفلاح والنجاح
  اسْتِقْبَالُ الْعَشْرِ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ وَتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ
  مَحَبَّةُ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلُهُ وَهُوَ صَائِمٌ
  لِمَنْ تَكُونُ الْبَيْعَةُ وَالسَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ؟
  حَقُّ الْوَالِدَيْنِ بَعْدَ تَوْحِيدِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- وَذُلُّ الْعَاقِّ لِوَالِدَيْهِ
  صِدْقُ الْعَزِيمَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ
  الدُّرُوسُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ
  لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ الْعَفُوِّ الْكَرِيمِ!
  اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
  • شارك