بَدْأُ التَّأْرِيخِ الْهِجْرِيِّ


 ((بَدْأُ التَّأْرِيخِ الْهِجْرِيِّ))

فَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «أَنَّهُ يَأْتِينَا مِنْكَ كُتُبَ لَيْسَ لَهَا تَأْرِيخٌ»، فَجَمَعَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- فَاسْتَشَارَهُمْ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: «أَرِّخُوا كَمَا تُؤَرِّخُ الفُرْسُ بِمُلُوكِهَا؛ كُلَّمَا هَلَكَ مَلِكٌ أَرَّخُوا بِوِلَايَةِ مَنْ بَعْدَهُ»، فَكَرِهَ الصَّحَابَةُ ذَلِكَ.

فَقَالَ بَعْضُهُم: «أَرِّخُوا بِتَارِيخِ الرُّومِ»، فَكَرِهُوا ذَلِكَ أَيْضًا.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: «أَرِّخُوا مِنْ مَوْلِدِ النَّبِيِّ ﷺ».

وَقَالَ آخَرُونَ: «مِنْ مَبْعَثِهِ».

وَقَالَ آخَرُونَ: «مِنْ هِجْرَتِهِ».

فَقَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: «الْهِجْرَةُ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، فَأَرِّخُوا بِهَا»، فَأَرَّخُوا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ تَشَاوَرُوا مِنْ أَيِّ شَهْرٍ يَكُونُ ابْتِدَاءُ السَّنَةِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: «مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهُ الشَّهْرُ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ».

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: «مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الشَّهْرُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ النبيُّ ﷺ مُهَاجِرًا»، وَاخْتَارَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- أَنْ يَكُونَ مِنَ المُحَرَّمِ؛ لِأَنَّهُ شَهْرٌ حَرَامٌ يَلِي شَهْرَ ذِي الْحَجَّةِ الَّذِي يُؤدِّي الْمُسْلِمُونَ فِيهِ حَجَّهُمْ، الَّذِي بِهِ تَمَامُ أَرْكَانِ دِينِهِمْ، وَكَانَتْ فِيهِ بَيْعَةُ الْأَنْصَارِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- لِلنَّبِيِّ ﷺ وَالْعَزِيمَةُ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَكَانَ ابْتِدَاءُ السَّنَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْهِجْرِيَّةِ مِنَ الشَّهْرِ الْحَرَامِ الْمُحَرَّمِ.

 

 

المصدر : الإسلام دين الرحمة والسلام، وفضل شهر الله المحرم وصوم عاشوراء

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  أُصُولُ الشَّرِيعَةِ سَبِيلُ صَلَاحِ النَّاسِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ أَنَّ: مَبْنَى الشَّرِيعَةِ عَلَى التَّيْسِيرِ
  وَسَائِلُ الدِّفَاعِ عَنِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَحِمَايَتِهِ
  المَوْعِظَةُ الْعِشْرُونَ : ((فَضْلُ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))
  دَلَائِلُ أَهَمِّيَّةِ الطَّهَارَةِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: لُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامِهِمْ
  آثَارُ السَّلَفِ فِي مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ
  الدرس الرابع عشر : «المُسَارَعَةُ فِي الخَيْرَاتِ»
  النَّهْيُ عَنِ الْإِسْرَافِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  لَا يُفِيدُ الصِّيَامُ شَيْئًا مَعَ كَثْرَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ
  الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ فِي الْقُرْآنِ
  حُبُّ الْوَطَنِ غَرِيزَةٌ مُتَأَصِّلَةٌ فِي النُّفُوسِ السَّوِيَّةِ
  وُجُوبُ شُكْرِ نِعْمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
  فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ
  الْحَثُّ عَلَى الْمُرُوءَةِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  • شارك