الشَّبَابُ وَحَمْلُ أَمَانَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، وَنَمَاذِجٌ مِنْ خَيْرِ الْبَشَرِ


((الشَّبَابُ وَحَمْلُ أَمَانَةِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-،

وَنَمَاذِجٌ مِنْ خَيْرِ الْبَشَرِ))

*مِنَ الْأَنْبِيَاءِ خَيْرِ الْبَشَرِ -عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مَنْ حَمَلَ رِسَالَةَ اللهِ فِي مَرْحَلَةِ الشَّبَابِ:

فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ} [الأنبياء: 57]: أَقْسَمَ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ دُونَ أَنْ يُسْمِعَهُمْ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ، تَاللهِ لَأُدَبِّرَنَ التَّدْبِيرَ الَّذِي فِيهِ مَكْرُوهٌ بِأَصْنَامِكُمْ بَعْدَ ذَهَابِكُمْ عَنْهَا مُنْطَلِقِينَ إِلَى عِيدِكُمْ، وَكَانَ لَهُمْ عِيدٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَجْتَمِعُونَ فِيهِ، فَدَعَوْهُ إِلَى الْخُرُوجِ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَخْرُجْ قَائِلًا إِنِّي سَقِيمٌ.

{فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ} [الأنبياء: 58].

وَحَطَّمَ إِبْرَاهِيمُ الْأَصْنَامَ بَعْدَ ذَهَابِهِمْ إِلَى مُجْتَمَعِهِمْ فِي يَوْمِ عِيدٍ لَهُمْ، وَجَعَلَهُمْ كِسَرًا وَقِطَعًا إِلَّا صَنَمًا كَبِيرًا لَهُمْ، تَرَكَهُ وَلَمْ يُكَسِّرْهُ، وَوَضَعَ الْفَأْسَ فِي عُنُقِهِ؛ رَغْبَةً فِي أَنْ يَرْجِعُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَمَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ إِذَا عَلِمُوا ضَعْفَ الْآلِهَةِ وَعَجْزَهَا.

{قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: 59]: فَلَمَّا رَجَعَ الْقَوْمُ مِنْ عِيدِهِمْ إِلَى بَيْتِ آلِهَتِهِمْ؛ رَأَوْا أَصْنَامَهُمْ مُكَسَّرَةً مُحَطَّمَةً إِلَّا صَنَمًا كَبِيرًا فِيهَا، قَالُوا: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا؟! إِنَّهُ فِي تَكْسِيرِهَا وَاجْتِرَائِهِ عَلَيْهَا لَمِنَ الْمُتَجَاوِزِينَ حُدُودَ الْحَقِّ الَّذِي يُؤْمِنُ قَوْمُنَا بِهِ، {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} [الأنبياء: 60]: قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَمِعْنَا شَابًّا فَتًى يَعِيبُهُمْ وَيَسُبُّهُمْ، يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ، نَظُنُّ أَنَّهُ صَنَعَ هَذَا.

وَقَالَ تَعَالَى: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12].

وَهَبْنَا لِزَكَرِيَّا يَحْيَى وَقُلْنَا لَهُ: خُذْ كِتَابَ التَّوْرَاةِ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ، وَذَلِكَ بِحُسْنِ حِفْظِهِ وَفَهْمِهِ وَتَدَبُّرِهِ، وَحُسْنِ الْعَمَلِ بِشَرَائِعِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَحُسْنِ تَعْلِيمِهِ وَنَشْرِهِ، وَأَعْطَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ، وَسَدَادَ الرَّأْيِ، وَحُسْنَ الْفَهْمِ وَالْبَصِيرَةَ، وَتَصْرِيفَ الْأَمْرِ، وَالْفَصْلَ بَيْنَ الْأَقْضِيَةِ وَالْخُصُومَاتِ، وَهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ.

وَقَالَ تَعَالَى: {قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ( 27 )} [القصص: 26-27].

{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ} اتَّخَذَهُ أَجِيرًا لِيَرْعَى أَغْنَامَنَا، {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأمِينُ} يَعْنِي: خَيْرَ مَنْ اسْتَعْمَلْتَ مَنْ قَوِيَ عَلَى الْعَمَلِ وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا: وَمَا عِلْمُكِ بِقُوَّتِهِ وَأَمَانَتِهِ؟

قَالَتْ: أَمَّا قُوَّتُهُ: فَإِنَّهُ رَفَعَ حَجَرًا مِنْ رَأْسِ الْبِئْرِ لَا يَرْفَعُهُ إِلَّا عَشْرَة، وَقِيلَ: إِلَّا أَرْبُعونَ رَجُلًا، وَأَمَّا أَمَانَتُهُ: فَإِنَّهُ قَالَ لِي امْشِي خَلْفِي حَتَّى لَا تَصِفَ الرِّيحُ بَدَنِكِ.

 

 

المصدر: دَوْرُ الشَّبَابِ فِي بِنَاءِ الْأُمَّةِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْإِسْلَامِيَّةِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْعَدْلُ وَالْفَضْلُ مُجَسَّدَانِ فِي النَّبِيِّ ﷺ
  الْإِسْلَامُ دِينُ الرَّحْمَةِ بِجَمِيعِ الْعَالَمِينَ
  دَوْرُ الْفَرْدِ فِي بِنَاءِ أُمَّتِهِ الْإِسْلَامِيَّةِ
  الرَّسُولُ ﷺ هُوَ إِمَامُ الصَّادِقِينَ
  مِنْ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْهِجْرَةِ: هَجْرُ الشِّرْكِيَّاتِ إِلَى التَّوْحِيدِ
  الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَيْتَامِ وَرِعَايَتُهُمْ
  فَضَائِلُ رِعَايَةِ الْبَنَاتِ
  التَّرْهِيبُ مِنَ الْخِيَانَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  مَعَانٍ عَظِيمَةٌ لِلْوَطَنِ
  النَّفْسُ مَعَ صَاحِبِهَا كَالشَّرِيكِ فِي الْمَالِ!!
  حَثُّ النَّبِيِّ عَلَى العَمَلِ وَتَعْمِيرِ الْأَرْضِ فِي سُنَّتِهِ
  وَسَائِلُ لِتَحْقِيقِ الْإِيجَابِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ
  الْعُلُومُ وَالْأَعْمَالُ النَّافِعَةُ الْعَصْرِيَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ
  الْمُعَامَلَةُ بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ، وَالْعَدْلِ مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسَالِمِينَ
  إِدْمَانُ الْإِنْتَرْنِت وَمَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ!!-الشيخ محمد سعيد رسلان
  • شارك