النَّبِيُّ ﷺ عَلَّمَ الْأُمَّةَ الْوَرَعَ فِي الْمُعَامَلَاتِ


 ((النَّبِيُّ ﷺ عَلَّمَ الْأُمَّةَ الْوَرَعَ فِي الْمُعَامَلَاتِ))

إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخْبَرَنَا عَنْ أَصْلِ الْوَرَعِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، فَقَالَ: ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ)) .

 ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ)): فَسَّرَهُ فِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، فَقَالَ: ((الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ، وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ)) .

((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ)): الَّذِي لَا تَكُونُ مِنْهُ عَلَى بَيِّنَةٍ أَنَّهُ حَلَالٌ فَلَا تَمُدَّ يَدَكَ إِلَيْهِ، وَلَا تَتَطَلَّعَنَّ إِلَيْهِ، بَلْ عُدَّهُ مَعْدُومًا لَا وُجُودَ لَهُ، وَاضْرِبْ عَنْهُ صَفْحًا، وَاطْوِ عَنْهُ كَشْحًا، وَيَمِّمْ طَرِيقَ الْخَيْرِ لَا تَلْوِي عَلَى شَيْءٍ.

قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ)): وَهَذَا أَصْلٌ أَصِيلٌ فِي الْوَرَعِ، بَلْ هُوَ قَاعِدَتُهُ الَّتِي عَلَيْهَا يَنْبَنِي.

وَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ ضَارِبًا الْمَثَلَ الْوَاقِعِيَّ لِلْوَرَعِ: ((إِنِّي لَأَدْخُلُ بَيْتِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا إِلَى فِيَّ، ثُمَّ أَخَافُ أَوْ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنْ حَرَامٍ فَأَطْرَحُهَا))  ﷺ.

 كَانَ يَجِدُ التَّمْرَةَ مَسْقُوطَةً عَلَى فِرَاشِهِ -وَمَسْقُوطَةً بِمَعْنَى سَاقِطَةً، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45]: أَيْ حِجَابًا سَاتِرًا، فَمَسْتُورٌ بِمَعْنَى سَاتِرٌ، وَمَسْقُوطَةٌ بِمَعْنَى سَاقِطَةٌ-.

فَيَدْخُلُ بَيْتَهُ، فَيَجِدُ عَلَى فِرَاشِهِ التَّمْرَةَ، وَإِنَّهُ لَجَائِعٌ ﷺ، وَكَانَ يَقُولُ: ((إِنِّي مُنْذُ ثَلَاثٍ مَا دَخَلَ بَطْنِي مَا يُقِيتُ -وَيَعِيشُ عَلَيْهِ- ذُو كَبِدٍ رَطْبَةٍ ﷺ )) .

وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُخْرِجُهُ الْجُوعُ مِنْ بَيْتِهِ، كَمَا أَخْرَجَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ-رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-، فَيَقُولُ: ((مَا أَخْرَجَكُمَا فِي هَذِهِ السَّاعَةِ؟)).

يَقُولَانِ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَخْرَجَنَا إِلَّا الْجُوعُ.

يَقُولُ: ((أَنَا وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا الْجُوعُ ﷺ )) .

فَيَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِهِ، لَا يُظَنُّ أَنَّ شَيْئًا فِيهِ شُبْهَةٌ يُمْكِنُ أَنْ يَتَسَلَّلَ هَكَذَا إِلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَلَكِنْ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا يُمْكِنُ الْقَطْعُ بِهَا إِلَّا بِيَقِينٍ، غَيْرَ أَنَّ الْوَرَعَ يَعْمَلُ هَاهُنَا عَمَلَهُ، يَرْفَعُهَا إِلَى فِيهِ، وَإِنَّهُ لَجَائِعٌ، ثُمَّ يَطْرَحُهَا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ، وَالصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ.

 المصدر: المال الحرام وأثره المدمر على الفرد والمجتمع 

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: صُحْبَةُ الصَّالِحِينَ وَمُجَانَبَةُ الْفَاسِدِينَ
  الْحَثُّ عَلَى رِعَايَةِ الْأَيْتَامِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  مَنْهَجُ الْإِخْوَانِ وَالْجَمَاعَاتِ الضَّالَّةِ فِي مُعَامَلَةِ الْحُكَّامِ
  ثَمَرَاتُ مَعِيَّةِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  أَعْلَى دَرَجَاتِ الْعَطَاءِ لِلْوَطَنِ: الدَّعْوَةُ إِلَى التَّوْحِيدِ
  مِنْ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ ظَاهِرَةِ الْإِدْمَانِ: تَحْذِيرُ الشَّبَابِ مِنْ أَخْطَارِ الْمُخَدِّرَاتِ
  دِينُ الِاسْتِقَامَةِ وَالتَّوَازُنِ
  الْأَمَلُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  هَدَفُ الْيُهُودِ الْخَبِيثُ: هَدْمُ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
  بَرَاءَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ جَرَائِمِ الْجَمَاعَاتِ الْمُتَطَرِّفَةِ
  الحُبُّ الفِطْرِيُّ لِلْأَوْطَانِ
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الصَّلَاةِ
  المَوْعِظَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : ​((رَمَضَانُ فُرْصَةٌ لِلْعِلَاجِ مِنْ مَرَضِ الشَّهَوَاتِ))
  الدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ مِنْ أَهَمِّ عَوَامِلِ الْقُوَّةِ فِي بِنَاءِ الدُّوَلِ
  الْحَثُّ عَلَى وَحْدَةِ الصَّفِّ فِي الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَثَمَرَاتُهَا
  • شارك