دَاءُ الْأُمَّةِ وَدَوَاؤُهَا وَحَلُّ قَضِيَّةِ الْأُمَّةِ


((دَاءُ الْأُمَّةِ وَدَوَاؤُهَا وَحَلُّ قَضِيَّةِ الْأُمَّةِ))

فَمِنَ الْعَجِيبِ أَنَّ أُمَّةً بِهَذِهِ الصِّفَةِ تَتَمَكَّنُ مِنْ رِقَابِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ رَبُّهَا الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ سُوءٍ، الْمُبَرَّأُ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، وَنَبِيُّهَا مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَسَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، النَّبِيُّ الَّذِي أَكْمَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لَهُ الدِّينَ، وَكَمَّلَ لَهُ خُلُقَهُ، وَأَحْسَنَ لَهُ خَلْقَهُ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ، وَأَفْضَلَ إِلَيْهِ، وَآتَاهُ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ كَرَامَةً وَرِفْعَةً، وَعَطَاءً وَإِكْرَامًا.

وَكِتَابُهَا الْقُرْآنُ الْمَجِيدُ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ، الَّذِي لَمْ يَأْتَمِنِ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَلَيْهِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، فَحَفِظَهُ بِنَفْسِهِ، وَكُتُبُ الْأَقْدَمِينَ كَانُوا مُسْتَحْفَظِينَ عَلَيْهَا، فَبَدَّلُوهَا وَحَرَّفُوهَا، وَمَسَخُوهَا وَسَلَخُوهَا مِنْ سِيَاقَاتِهَا حَتَّى وَضَعُوهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا.

سَلَامُهُمْ حَرْبٌ، وَعَطَاؤُهُمْ مَنْعٌ، وَإِكْرَامُهُمْ إِذْلَالٌ؛ لِأَنَّهُمْ مَهِينُونَ، أَهَانَهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، هَؤُلَاءِ يَتَمَكَّنُونَ مِنْ رِقَابِ أَبْنَاءِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ؟!!

إِنَّ الْخَلَلَ الْوَاقِعَ فِي الْأُمَّةِ إِذَنْ لَعَظِيمٌ.

*أَمْرَاضٌ خَطِيرَةٌ فِي الْأُمَّةِ الْيَوْمَ هِيَ سَبَبُ الْهَزِيمَةِ وَالذِّلَّةِ!!:

*دَاءُ النِّسْيَانِ!!

يَنْسَى النَّاسُ، وَيَعُودُونَ إِلَى سَالِفِ حَيَاتِهِمْ وَوَقَائِعِ أَحْوَالِهِمْ، وَسُرْعَانَ مَا يَذْهَبُ الْحَدَثُ فِي خِضمِّ الْأَحْدَاثِ، وَكُلَّمَا جَاءَتْ فِتْنَةٌ رَقَّقَتْ سَابِقَتَهَا، وَسَارَ النَّاسُ إِلَى أَمْرٍ جَدِيدٍ، وَانْفِعَالٌ مُؤَقَّتٌ، وَهُتَافٌ وَصُرَاخٌ، وَتَخْوِينٌ وَتَفْرِيقٌ، ثُمَّ مَاذَا بَعْدُ؟!!

لَا شَيْءَ، وَيَعُودُ النَّاسُ إِلَى سَالِفِ حَيَاتِهِمْ وَوَقَائِعِ أَحْوَالِهِمْ، يُقْبِلُونَ عَلَى الْمَلَذَّاتِ، هَلِ انْقَطَعَتْ مُوَاقَعَةُ الشَّهَوَاتِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُقَتَّلُونَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يُقْصَفُونَ؛ لِأَنَّ الْأَطْفَالَ يُهَدَّدُونَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يُشَرَّدُونَ؟!!

*دَاءُ الِاسْتِهَانَةِ بِآلَامِ الْأُمَّةِ، وَالْمُسَانَدَةُ الْوَهْمِيَّةُ الْخَائِبَةُ لِقَضِيَّةِ الْأُمَّةِ:

النَّاسُ يَبْكُونَ وَهُمْ يَتَلَهُّونَ يَتَفَرَّجُونَ!! صَارَ أَمْرًا عَادِيًّا مَأْلُوفًا، وَصَارَ الْحَدَثُ الْمُتَكَرِّرُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَنْفُسِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبْنَى عَلَى الْحِسِّ الْإِيمَانِيِّ الصَّحِيحِ، النَّاسُ يَتَفَرَّجُونَ، وَقَدْ تَنْهَمِرُ مِنْهُمُ الدُّمُوعُ لِمَا يَرَوْنَ وَلِمَا يُشَاهِدُونَ، ثُمَّ مَاذَا بَعْدُ؟!! لَا شَيْءَ.

أَلَمْ تَنْفَعِلُوا قَبْلُ؟!!

أَلَمْ تَخْرُجِ الْمُظَاهَرَاتُ؟!!

أَلَمْ يَعْلُ الْهُتَافُ؟!!

أَلَمْ يَرْتَفِعِ الصُّرَاخُ؟!!

أَلَمْ نُرِقْ أَنْهَارًا مِنَ الْمِدَادِ عَلَى أَطْنَانٍ مِنَ الْأَوْرَاقِ؟!!

أَلَمْ تَمُرَّ تِلْكَ الذِّكْرَيَاتُ؟!!

ثُمَّ أَلَمْ تُطْمَرْ بَعْدُ فِي خِضَّمِ بَحْرِهَا ثُمَّ عَفَّى عَلَيْهَا الزَّمَانُ، وَعَادَ الْقَوْمُ لِلَهْوِهِمْ وَلَعِبِهِمْ، وَالْقِتَالِ بِالْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ!! نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ دَعْمِ الشَّعْبِ الْمُحَاصَرِ!!

لَا بَأْسَ مِنْ إِقَامَةِ مُبَارَاتَيْنِ تُحْشَدُ فِيهِمَا الْجُمُوعُ الْهَاتِفَةُ مُتَعَصِّبَةً صَاخِبةً، ثُمَّ نَأْخُذُ الْأَمْوَالَ لِنَدْعَمَ الشَّعْبَ الَّذِي تُرَاقُ دِمَاؤُهُ وَيُهْتَكُ عِرْضُهُ، وَيُرَوَّعُ فِي الصَّبَاحِ وَفِي الْمَسَاءِ، لَا يَطْعَمُ جَفْنُ أَحَدٍ مِنْهُمْ لَحْظَةً مِنْ غُمْضٍ، يَا لَهَا مِنْ أَعْصَابٍ مَحْرُوقَةٍ كَالْأَرْضِ الْمَحْرُوقَةِ!!

وَلَا بَأْسَ أَيْضًا مِنْ دَعْمِ الْقَضِيَّةِ؛ بِإِقَامَةِ حَفْلَةٍ أَوْ حَفْلَتَيْنِ لِمُغَنِّيَةٍ أَوْ مُغَنِّيَتَيْنِ، أَوْ لِرَاقِصَةٍ أَوْ رَاقِصَتَيْنِ، ثُمَّ تُجْمَعُ الْأَمْوَالُ مِنَ الشَّعْبِ الَّذِي يَرَى وَيَرْقُبُ، وَتَتَحَرَّكُ فِيهِ الْغَرَائِزُ، فَتُجْمَعُ الْأَمْوَالُ بَعْدُ لِكَيْ تُصَبَّ فِي الْأَيْدِي الْمَمْدُودَةِ، وَالْأَفْوَاهِ الْفَاغِرَةِ الْمَفْتُوحَةِ، وَلِكَيْ تَذْهَبَ إِلَى الْمَعِدَاتِ الَّتِي قَتَلَهَا الْجُوعُ وَمَزَّقَهَا.

لَا بَأْسَ أَنْ يُجْمَعَ مِنْ بِغَاءٍ!! لَا بَأْسَ أَنْ يُجْمَعَ مِنْ حَرَامٍ وَاغْتِصَابٍ!!

لَا بَأْسَ!! ثُمَّ لِنَنَمْ بَعْدُ وَقَدْ قَرَّتْ مِنَّا الْعُيُونُ، وَهَدَأَتْ مِنَّا النُّفُوسُ، أَلَمْ نَدْعَمِ الْقَضِيَّةَ؟!!

لَا يُمْكِنُ أَنْ تَدْعَمَ الْقَضِيَّةَ أُمَّةٌ مُؤَخِّرَةُ فُلَانَةَ مِنَ الرَّاقِصَاتِ عِنْدَهَا أُمَّةٌ مُؤَخِّرَةُ الرَّاقِصَةِ فُلَانَةَ عِنْدَ جُمُوعِ أَبْنَائِهَا- أَهَمُّ مِنْ مُقَدِّمَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ!! لَا يَكُونُ.

*مِنْ أَخْطَرِ أَمْرَاضِ الْأُمَّةِ الْيَوْمَ: دَاءُ التَّحَزُّبِ وَالْفُرْقَةِ:

وَمِنَ الْأَمْرَاضِ الَّتِي أَصَابَتِ الْأُمَّةِ أَنَّ الِاعْتِقَادَ مُدَمَّرٌ مَنْسُوفٌ، وَالدِّينَ مُغَيَّبٌ فِي زُيُوفٍ، وَالنَّاسُ فِي حَيْرَةٍ  يَتَلَدَّدُونَ، نُرِيدُ أَنْ نَعُودَ إِلَى الدِّينِ، عَلَى أَيِّ طَرِيقَةٍ؟ وَمَعَ أَيِّ جَمَاعَةٍ؟

دِينُ مَنْ؟

دِينُ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ أَمْ دِينُ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ؟

مَا الْأُصُولُ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ نَتَمَسَّكَ بِهَا؟

وَمَا الْعَقَائِدُ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ نَصْدُرَ عَنْهَا؟

مَا هُوَ الدِّينُ الَّذِي جَاءَ بِهِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ؟

قَدْ شَوَّهَتْهُ النَّزْعَاتُ!!

وَذَهَبَت بِبَهْجَتِهِ الْجَمَاعَاتُ!!

وَصَارَ بَدَدًا وَبِدَدًا!!

وَصَارَ مُمَزَّقًا مِزَقًا!!

وَالْيَومَ مِنْ تَحْتِ الرُّكَامِ يَبْحَثُ الْقَوْمُ عَنْ دِينِ مُحَمَّدٍ!!

وَدِينُ مُحمَّدٍ قَائمٌ فِي نُصُوعِهِ لَا يَزُولُ، وَلَكِنْ كِتَابُ اللهِ وَسُنَّةُ رَسُولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فَهْمِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ.

النَّاسُ فِي حَيْرَةٍ يَتَلَدَّدُونَ!!

تَشَعَّبَتِ السُّبُلُ، وَتَفَرَّقَتِ الطُّرُقُ، وَخَرَجَتْ أَقوَامٌ -أَجيَالٌ مُشَوَّهَةٌ- شَائِهَةٌ؛ تَحْسَبُ أَنْفُسَهَا طَلِيعَةً لِجُنْدِ مُحَمَّدٍ، الَّذِينَ يُحَرِّرُونَ الْأَرْضَ وَالَّذِينَ يَصُونُونَ الْعِرْضَ؛ يَتَكَلَّمُونَ مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ، وَهُمْ يُجَانِبُونَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ!! قُسَاةُ الْقُلُوبِ، غِلَاظُ الْأَكْبَادِ، لَهُمْ عِبَادَاتٌ وَلَا عَقِيدَةَ لَهُمْ تَقُومُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيهِ أَصْحَابُ مُحمَّدٍ الْمَأمُونِ.

غَامَتِ الرُّؤَى، وَانْبَهَمَتِ السُّبُلُ وَضَلَّتِ الْأَقدَامُ سَوَاءَ الطَّرِيقِ -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ-.

*أُمَّةٌ مُخْتَرَقَةٌ إِلَى الْقُرَى وَالنُّجُوعِ مِنْ شَيَاطِينِ الْيَهُودِ وَالْمَاسُونِ:

أُمَّةٌ مُخْتَرَقَةٌ إِلَى الْقُرَى وَالنُّجُوعِ، اخْتَرَقَتْهَا جَحَافَلُ يَهُودَ، وَالْمَاسُونِيَّةُ مِنْ أَعْتَى صُوَرِ الصُّهْيُونِيَّةِ، وَمِنْ مَحَافِلِهَا يَخْرُجُ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْخُطَطِ، مِنْ أَجْلِ مَا يُسَمُّونَهُ بِـ(مَمْلَكَةِ صُهْيُونَ الْكُبْرَى)، وَهِيَ وَعْدُ الرَّبِّ الْإِلَهِ مُتَرْجَمًا إِلَى لُغَةِ الْعَصْرِ عِنْدَهُمْ.

وَمِنْ فُرُوعِ الْمَاسُونِيَّةِ (أَنْدِيَةُ الرُّوتَارِي) وَ(اللِّيُونز)، وَهِيَ تَتَسَلَّلُ بَيْنَكُمْ فِي دِيَارِكُمْ؛ بِسَبَبِ رِجَالٍ مِنْ جِلْدَتِكُمْ، يَتَمَسَّكُونَ بِدِينِكُمْ ظَاهِرًا، وَلَا يَعْلَمُونَ خَبِيئَةَ الْأَمْرِ، وَهِيَ جَمْعِيَّةٌ خَيْرِيَّةٌ ظَاهِرًا، مُخَرِّبَةٌ تَسِيرُ عَلَى قَوَاعِدِ الصُّهْيُونِيَّةِ بَاطِنًا، مَعْلُومٌ هَذَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ يَتَسَلَّلُونَ إِلَى الْقُرَى وَالنُّجُوعِ، وَالنَّاسُ فِي بَلَاهَةٍ يَنْظُرُونَ.

 

المصدر:الْقُدْسُ عَرَبِيَّةٌ إِسْلَامِيَّةٌ وَسَتَظَلُّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  حُكْمُ النِّكَاحِ فِي الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ
  ثَمَرَاتُ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ
  جُمْلَةٌ مِنْ أَمْثِلَةِ النِّفَاقِ الْعَمَلِيِّ
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى حُسْنِ اخْتِيَارِ الصَّدِيقِ
  مَبْنَى الْحَيَاةِ عَلَى الِابْتِلَاءِ
  الْمَوْعِظَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعُشْرُونَ : ((الْحَثُّ عَلَى التَّوَاضُعِ))
  الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ، وَاعْتِقَادٌ، وَعَمَلٌ وَأَنَّهُ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ
  الرَّدُّ عَلَى شُبْهَةِ: أَنَّ الْإِسْلَامِ دِينُ اسْتِرْقَاقٍ لِلْأَحْرَارِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: إِصْلَاحُ النَّفْسِ
  نَصِيحَةٌ غَالِيَةٌ لِلنِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ
  الرَّدُّ عَلَى افْتِرَاءَاتِ الْمَادِّيِّينَ الْجَاهِلِينَ أَنَّ الْعُلُومَ الْعَصْرِيَّةَ وَالْمُخْتَرَعَاتِ الْحَدِيثَةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ
  الْهِجْرَةُ إِلَى الْحَبَشَةِ أَوَّلُ هِجْرَةٍ فِي الْإِسْلَامِ
  جُمْلَةٌ مِنْ سُنَنِ الْعِيدِ
  أَمْرُ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- بِصِلَةِ الْأَرْحَامِ فِي كِتَابِهِ
  الْإِسْلَامُ دِينُ الْوَحْدَةِ وَعَدَمُ الْفُرْقَةِ
  • شارك