مَتَى تَعُودُ إِلَيْنَا الْقُدْسُ وَنَسْتَرِدُّ الْأَقْصَى السَّلِيبَ؟!!


((مَتَى تَعُودُ إِلَيْنَا الْقُدْسُ وَنَسْتَرِدُّ الْأَقْصَى السَّلِيبَ؟!!))

*وَالسُّؤَالُ الْآنَ: مَتَى تَعُودُ إِلَيْنَا فِلَسْطِينُ؟

فِي لِقَاءٍ بَيْنَ الْمُفْتِي الْأَسْبَقِ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ الْحُسَيْنِيِّ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ وَطَنِهِ فِلَسْطِينَ، سُئِلَ -رَحِمَهُ اللهُ- كَمَا هِيَ الْعَادَةُ إِذَا مَا الْتَقَى بِهِ بَعْضُ أَبْنَاءِ وَطَنِهِ السَّلِيبِ: مَتَى نَعُودُ إِلَى فِلَسْطِينَ؟

قَالَ: إِذَا عُدْتُمْ إِلَى اللهِ عُدْتُمْ إِلَى فِلَسْطِينَ.

وَإِذَا سَأَلَ مُسْلِمٌ فِي أَيِّ بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ مَتَى تَعُودُ إِلَيْنَا فِلَسْطِينُ؟

فَالْجَوَابُ هُوَ الْجَوَابُ: إِذَا عُدْتُمْ إِلَى اللهِ عَادَتْ إِلَيْكُمْ فِلَسْطِينُ.

وَهَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقًى مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، كَمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ ثَوْبَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، قَالَ: ((تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الْأُمَمُ، كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا)).

قَالُوا: أَوَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟

فَقَالَ ﷺ: ((لَا، إِنَّكُمْ يَؤْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللهُ الرَّهْبَةَ مِنْكُمْ مِنْ قُلُوبِ أَعْدَائِكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ)).

قَالُوا: وَمَا الْوَهْنُ يَا رَسُولَ اللهِ؟

قَالَ: ((حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ)) .

فَإِذَا عُدْنَا إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- أَعَادَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْنَا وَإِلَيْنَا مَا سُلِبَ مِنَّا، وَإِذَا مَا لَجَّ بِنَا بُعْدُنَا عَنْ رَبِّنَا فُقِدَ مِنَّا مَا فِي أَيْدِينَا.

وَقَدْ قَضَى رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ الْعَظِيمِ: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].

فَبَيَّنَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّ كُفْرَانَ النِّعْمَةِ يُزِيلُهَا، وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ بِنِعْمَتِي فَلَمْ تَشْكُرُوهَا، وَلَمْ تُقَيِّدُوهَا لَدَيْكُمْ وَعِنْدَكُمْ بِالشُّكْرِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ الرَّسُولُ ﷺ، وَكَمَا بَيَّنَ عُلَمَاؤُنَا عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةُ- أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ الشَّرِيفِ: النِّعْمَةُ صَيْدٌ، وَالشُّكْرُ قَيْدٌ.

فَإِذَا أَنْعَمَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ، فَأَحَبَّ اسْتِدَامَتَهَا، وَأَرَادَ عَدَمَ زَوَالِهَا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- عَلَيْهَا، فَإِذَا مَا فَرَّطَ فِيهَا سُلِبَتْ، وَوَقَعَ عَلَيْهِ مِنَ الْخِزْيِ وَالْمَهَانَةِ مَا وَقَعَ، وَهَذَا مِمَّا قَدَّرَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَجَعَلَهُ فِي سُنَنِهِ فِي كَوْنِهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.

وَقَدْ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ الصَّالِحُ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- هَذَا السُّؤَالَ:

كَيْفَ يَسْتَرِدُّ المُسْلِمُونَ فِلَسْطِينَ؟

فَأَجَابَ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَرِدُّوهَا إِلَّا بِاسْمِ الإِسْلَامِ، عَلَى مَا كَانَ عَلَيِّهِ النَّبِيُّ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} [الأعراف: 128].

وَمَهْمَا حَاوَلَ الْعَرَبُ، وَمَهْمَا مَلَئُوا الدُّنْيَا مِنَ الأَقْوَالِ وَالْاِحْتِجَاجَاتِ، فَإِنَّهَمْ لَنْ يُفْلِحُوا أَبَدًا حَتَّى يُنَادُوا بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْهَا بِاسْمِ دِينِ الإِسْلَامِ، بَعْدَ أَنْ يُطَبِقُوهُ فِي أَنْفِسِهِمْ، فَإِنْ هُمْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَسَوْفَ يَتَحَقَّقُ لَهُمْ مَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ: ((لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ)) . أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رَوَايَةِ أَبِي هُرَيرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

فَالشَّجَرُ وَالْحَجَرُ يَدُلَّانِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَهُودِ يَقُولُ: ((يَا عَبْدَ اللَّهِ)) بِاسْمِ الْعُبُودِيَّةِ للهِ، وَيَقُولُ: ((يَا مُسْلِمُ)) بِاسْمِ الْإِسْلَامِ، والرَّسُولُ ﷺ يَقُولُ: ((يُقَاتِل الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ))، وَلَمْ يَقُلْ: يُقَاتِلُ الْعَرَبُ.

وَلِهَذَا أَقُولُ: إِنَّنَا لَنْ نَنْتَصِرَ عَلَى الْيَهُودِ بِاسْمِ الْعُرُوبَةِ أَبَدًا؛ لَنْ نَنْتَصِرَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِاسْمِ الإِسْلَامِ؛ وَمَنْ يَشَاءُ فَلْيَقْرَأْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105].

فَجَعَلَ المِيرَاثَ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَمَا عُلِّقَ بِوَصْفٍ فَإِنَّهُ يُوجَدُ بِوُجُودِهِ، وَيَنْتَفِي بِانْتَفَائِهِ؛ فَإِذَا كُنَّا عِبَادَ اللهِ الصَّالِحِينَ وَرِثْنَاهَا بِكُلِّ سُهُولَةٍ وَيُسْرٍ، وَبِدُونِ هَذِهِ الْمَشَقَّاتِ، وَالْمَتَاعِبِ، وَالْمَصَاعِبِ، وَالْكَلَامِ الطَّوِيلِ الْعَرِيضِ الَّذِي لَا يَنْتَهِي أَبَدًا!! نَسْتَحِلُّهَا بِنَصْرِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَبِكِتَابَةِ اللهِ لَنَا ذَلِكَ، وَمَا أَيْسَرَهُ عَلَى اللهِ!

وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مَا مَلَكُوا فِلَسْطِينَ فِي عَهْدِ الْإِسْلَامِ الزَّاهِرِ إِلَّا بِإِسْلَامِهِمْ، وَلَا اسْتَوْلَوْا عَلَى (الْمَدَائِنِ) عَاصِمَةِ الْفُرْسِ، وَلَا عَلَى عَاصِمَةِ الرُّومِ، وَلَا عَلَى عَاصِمَةِ الْقِبْطِ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ؛ وَلِذَلِكَ لَيْتَ شَبَابَنَا يَعُونَ وَعْيًا صَحِيحًا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِصَارُ الْمُطْلَقُ إِلَّا بِالْإِسْلَامِ الْحَقِيقِيِّ، لَا إِسْلَامِ الهُوِيَّةِ بِالْبِطَاقَةِ الشَّخْصِيَّةِ!

وَأَقُولُ -وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ-: لَا يُمْكِنُ أَنْ تُسْتَرَدَّ الشَّامُ -وَأَخُصُّ بِذَلِكَ فِلَسْطِينَ- إِلَّا بِمَا اسْتُرِدَّتْ بِهِ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، بِقِيَادَةٍ كِقِيَادَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، وَبِرِجَالٍ كَجُنُودِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، لَا يُقَاتِلُونَ إِلَّا لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَإِذَا حَصَلَ هَذَا لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ سَيُقَاتِلُونَ الْيَهُودَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ خَلْفَ الشَّجَرَةِ فَتُنَادِي الشَّجَرَةُ: يَا مُسْلِمُ! يَا عَبْدَ اللهِ! هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ.

أَمَّا مَا دَامَ النَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَى هَذِهِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْيَهُودِ عَلَى أَنَّهَا عَصَبِيَّةٌ قَوْمِيَّةٌ فَلَنْ نُفْلِحَ أَبَدًا؛ لِأَنَّ اللهَ لَنْ يَنْصُرَ إِلَّا مَنْ يَنْصُرُهُ، كَمَا قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج: 40-41].

فَنَحْنُ إِذَا رَأَيْنَا صَدْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، نَجِدُ أَنَّهَا انْتَصَرَتْ عَلَى أَسَاسِ التَّوْحِيدِ؛ الْإِخْلَاصِ للهِ وَالِاتِّبَاعِ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَالْبُعْدِ عَنْ سَفَاسِفِ الْأُمُورِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الرَّدِيئَةِ، وَعَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ، وَعَنْ تَقْلِيدِ الْأَعْدَاءِ.

وَالْمُشْكِلُ أَنَّ مِنَ النَّاسِ الْيَوْمَ مَنْ يَرَى أَنَّ تَقْلِيدَ الْكُفَّارِ عَزٌّ وَشَرَفٌ، وَيَرَوْنَ أَنَّ الرُّجُوعَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ الرَّسُولُ ﷺ وَأَصْحَابُهُ تَأَخُّرٌ وَتَقَهْقُرٌ، طِبْقَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ: {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ} [المطففين:32] .

فَعَلَيْنَا -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- أَنْ نَرْجِعَ؛ لِنَقْرَأَ وَنَتَأَمَّلَ فِيمَا سَبَقَ فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، حَتَّى نَأْخُذَ بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ تَمَسُّكٍ وَعُبُودِيَّةٍ، وَحِينَئِذٍ يُكْتَبُ لَنَا النَّصْرُ.

وَإِنِّي أَقُولُ وَأُكَرِّرُ: يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْذَرَ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَأَنْ نَحْذَرَ مِنْ شُرُورِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَنَسْأَلَ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَكْتُبَ لَنَا وَلَكُمُ النَّصْرَ لِدِينِهِ، وَأَنْ يَنْصُرَنَا بِهِ وَأَنْ يَنْصُرَهُ بِنَا، وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ أَوْلِيَائِهِ وَحِزْبِهِ إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ)).

اِنْتَهَى جَوَابُهُ -رَحِمَهُ اللهُ-.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمُسَلَّمَةٍ شَرْعِيَّةٍ، وَحَقِيقَةٍ تَارِيخِيَّةٍ؛ وَهِيَ أَنَّ الْحُرُوبَ الَّتِي اسْتَعَرَتْ وَتَسْتَعِرُ نَارُهَا فِي طِبَاقِ الْأَرْضِ حُرُوبٌ أَيْدُولُوجِيَّةٌ عَقِيدِيَّةٌ، حَتَّى الْمَلَاحِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِإِلَهٍ وَيَقُولُونَ: لَا إِلَهَ، وَالْكَوْنُ مَادَّةٌ؛ يُحَارِبُونَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْإِلَهِ حَقًّا كَانَ أَمْ بَاطِلًا، يُحَارِبُونَهُمْ حَرْبًا عَقِيدِيَّةٍ، وَالْمُتَقَاتِلُونَ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ يَتَقَاتَلُونَ بِسَبَبِ مَا يَعْتَقِدُونَ، وَالْمُسْلِمُونَ وَحْدَهُمْ يُرَادُ لَهُمْ وَيُطْلَبُ مِنْهُمْ وَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا دُونَ خَلْقِ اللهِ جَمِيعًا بِلَا عَقِيدَةٍ وَلَا دِينٍ.

عِبَادَ اللهِ؛ فَلْتَكُنْ بِدَايَةً مُوَفَّقَةً فِي الْعَوْدَةِ إِلَى دِينِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِين بِمُرَاجَعَةِ الْمَعْلُومِ وَطَرْحِهِ تَحْتَ شَمْسِ الْحَقِيقَةِ، تَحْتَ ضَوْءِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَفِي ضَوْئِهِمَا تَتَبَيَّنُ الْحَقَائِقُ وَتَنْتَفِي الزُّيُوفُ، فَلْتَكُنِ الْبِدَايَةُ عَوْدَةً إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَحْدَهُ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللهِ ﷺ، وَالطَّرِيقُ وَاحِدٌ لَا يَحْتَمِلُ الِاخْتِلَافَ الْقَائِمَ، فَإِنَّهُ اخْتِلَافُ تَضَادٍّ وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ تَنَوَّعٍ، وَلَيْسَ بِالْخِلَافِ السَّائِغِ، مَا هُوَ وَاقِعٌ بَيْنَ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي جُمْلَتِهِ وَفِي تَفَاصِيلِهِ عَلَى السَّوَاءِ.

الطَّرِيقُ وَاضِحٌ، مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَلَى مُرَادِ اللهِ، وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِفَهْمِ سَلَفِ الْأُمَّةِ، بِفَهْمِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ-.

أَمَّا الْمُمَارَسَاتُ فَإِنَّهَا لَنْ تُؤَدِّيَ إِلَى شَيْءٍ، وَأَمَّا الِانْفِعَالَاتُ فَسَرْعَانَ مَا تَخْبُو مَعَ مَزِيدٍ مِنْ حِقْدٍ لِقَمْعٍ  وَكَبْتٍ، أَوْ تَجَاوُزٌ لِعُنْفٍ مَعَ إِرَاقَةٍ لِلدِّمَاءِ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُؤَخِّرُ الْمَسِيرَةَ، وَأَعْدَاؤُكُمْ لَا يَنَامُونَ عَنْكُمْ.

قَضِيَّةُ الْعَقِيدَةِ، مَعْرَكَةُ الِاعْتِقَادِ، طَهِّروا اعْتِقَادَكُمْ مِنْ أَدْرَانِ الْبِدْعَةِ وَالْإِشْرَاكِ، كُونُوا جُنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْصُرُكُمُ اللهُ.

يَا أَصْحَابَ دِينِ الْعَدْلِ؛ يَا أَصْحَابَ دِينِ الْفَضْلِ، يَا مَنْ تَتْبَعُونَ خَيْرَ الرُّسُلِ، يَا مَنْ تَتْبَعُونَ سَيِّدَ الْبَشَرِ، أَيْنَ تَمَسُّكُكُمْ بِدِينِ رَبِّكُمْ وَسُنَّةِ نَبِيِّكُمْ؟!!

إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

  لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا   ***    وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي

وَلَوْ نَارًا نَفَخْتَ بِهَا أَضَاءَتْ     ***     وَلَكِنْ أَنْتَ تَنْفُخُ فِي رَمَادِ

وَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

 

المصدر:الْقُدْسُ عَرَبِيَّةٌ إِسْلَامِيَّةٌ وَسَتَظَلُّ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  مِنْ سُبُلِ الْحِفَاظِ عَلَى الْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ: حُسْنُ الْعِشْرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ
  الدرس الرابع عشر : «المُسَارَعَةُ فِي الخَيْرَاتِ»
  حُبُّ الوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ تَقْوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  جُمْلَةٌ مِنْ عَلَامَاتِ حُسْنِ الْخَاتِمَةِ
  مَعَالِمُ الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ
  الْخَوْفُ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ
  حِكْمَةُ اللهِ فِي إِرْسَالِ النَّبِيِّ ﷺ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ
  الْوَفَاءُ بِمِيثَاقِ الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةِ
  الْآمَالُ وَالْبُشْرَيَاتُ فِي نَصْرِ الْأُمَّةِ وَعَوْدَةِ مَجْدِهَا
  مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الصَّوْمِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: إِعْمَالُ الْعَقْلِ فِي تَوْثِيقِ النَّصِّ، ثُمَّ التَّصْدِيقُ وَالتَّسْلِيمُ
  مِنْ مَعَالِمِ بِرِّ الْمُسْلِمِينَ بِأَوْطَانِهِمْ: إِجْلَالُهُمُ الْعُلَمَاءَ وَأَخْذُهُمْ بِمَشُورَتِهِمْ وَنُصْحِهِمْ
  فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ كَيْفَ يَحُجُّ
  فَضْلُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَالنَّهْيُ عَنِ الظُّلْمِ فِيهَا خَاصَّةً
  شَرَعَ اللهُ الزَّوَاجَ لِتَكْوِينِ أُسَرٍ يَخْرُجُ مِنْهَا نَشْءٌ مُوَحِّدٌ للهِ
  • شارك