نِدَاءٌ إِلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ: كُونُوا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ


((نِدَاءٌ إِلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ:

كُونُوا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ))

اعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ؛ أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ تَأْكُلُ فِي وَجْبَةٍ وَاحِدَةٍ لَحْمًا يَزِنُ كُلَّ يَهُودِ الْعَالَمِ -مِنْ غَيْرِ مُبَالَغَةٍ- تَأْكُلُ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ -لَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ- بَلْ يَأْكُلُ الْعَرَبُ خَاصَّةً مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لَحْمًا فِي وَجْبَةٍ وَاحِدَةٍ يَعْدِلُ وَيُعَادِلُ وَزْنَ يَهُودِ الْعَالَمِ أَجْمَعِينَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَعُصْبَةٌ وَشِرْذِمَةٌ تَسُومُ الْمُسْلِمِينَ سُوءَ الْعَذَابِ، وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

لِمَاذَا؟!!

لِهَذَا التَّفَسُّخِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ ﷺ: «أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ»، وَلَكِنْ أَيْنَ الْمَحَبَّةُ بَيْنَكُمْ؟!!

وَأَيْنَ الْوُدُّ بَيْنَكُمْ؟!!

وَأَيْنَ الْأُلْفَةُ بَيْنَكُمْ؟!!

وَأَيْنَ الْحِرْصُ عَلَى  بَعْضِكُمْ الْبَعْضِ؟!!

وَأَيْنَ الْأَخْذُ بِيَدِ بَعْضٍ إِلَى سَبِيلِ الرُّشْدِ بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟!!

يَا جُزُرًا مُتَنَائِيَةً مُتَبَاعِدَةً، هَلُمُّوا!! تَقَارَبُوا؛ فَإِنَّ الْمَوْجَةَ عَاتِيَةٌ، وَإِنَّ الْخَطَرَ دَاهِمٌ، وَإِنَّ أَخْطَرَ مِنَ الْخَطَرِ أَلَّا يُحِسَّ مَنْ كَانَ فِي الْخَطَرِ أَنَّهُ فِي خَطَرٍ.

وَالْأُمَّةُ الْيَوْمَ تَحْتَاجُ جَمِيعَ أَفْرَادِهَا أَنْ يَكُونُوا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَجْعَلُوا تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ، تَحْتَ أَحْذِيَتِهِمْ وَدَبْرَ آذَانِهِمْ، أَنْ يَجْعَلُوا تَحْتَ أَقْدَامِهِمْ أَحْقَادَهُمُ الصَّغِيرَةَ، وَأَطْمَاعَهُمُ الرَّدِيئَةَ، وَتَصَوُّرَاتِهِمْ الْمَرِيضَةَ.

أَنْ يَعُودُوا إِلَى التَّمَسُّكِ بِشِرْعَةِ الْمَحَبَّةِ -شِرْعَةِ مُحَمَّدٍ ﷺ-، وَإِلَّا فَإِنَّ النَّذِيرَ قَائِمٌ مُسَلَّطٌ كَالسَّيْفِ الْمُسْلَطِ عَلَى الرِّقَابِ.

يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا».

إِذَنْ، لَنْ تُحَصِّلُوا الْإِيمَانَ حَتَّى تَحَابُّوا، وَلَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، فَعَلَّقَ الْأَمْرَ عَلَى شَرْطِهِ -شَرْطُهُ الثَّانِي-، فَلَا إِيمَانَ بِغَيْرِ مَحَبَّةٍ، وَلَا دُخُولَ لِجَنَّةٍ بِغَيْرِ إِيمَانٍ، وَإِذنْ، فَمِنَ الْمُقَدِّمَتَيْنِ: لَا دُخُولَ لِلْجَنَّةِ مِنْ غَيْرِ حُبٍّ.

«أَفَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ» .

إِنَّ مُحَمَّدًا ﷺ دَاعِيَةُ مَحَبَّةٍ، فَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَقَاطَعُوا، دَعُوا مَرَّةً وَاحِدَةً أَحْقَادَكُمُ الصَّغِيرَةَ، وَهُمُومَكُمَ الرَّدِيئَةَ، وَتَصَوُّرَاتِكُمُ الْمَرِيضَةَ، دَعُوهَا تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ، وَأَنَا زَعِيمٌ لَكُمْ -بِأَمْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- بِانْطِلَاقَةٍ لَيْسَ لَهَا حَدٌّ، بِفُسْحَةِ أُفُقٍ لَيْسَ لَهَا مُنْتَهَى، وَأَنَا زَعِيمٌ لَكُمْ -بِأَمْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- بِسَعَةِ رُوحٍ لَا انْتِهَاءَ لَهَا، وَأَنَا زَعِيمٌ لَكُمْ -بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- بِجَنَّةٍ فِي الدُّنْيَا لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ الَآخِرَةَ إِلَّا إِذَا دَخَلْتُمُوهَا.

يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، يَا خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ!

مَزَّقَتْ ثَارَاتُكُمْ حُقُوقَكُمْ، وَبَدَّدَتْ قُوَّاتُكُمْ أَوْهَامُكُمْ، خِلَافَاتُكُمْ، تَشَرْذُمُكُمْ، انْقِسَامَاتُكُمْ عَلَى الْجَمَاعَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ الَّتِي تَتَنَاحَرُ بَيْنَهَا وَهِيَ تَدَّعِي أَنَّهَا تَمْلِكُ الْحَقَّ الْمُطْلَقَ، وَالْحَقُّ الَّذِي مَعَهَا مَعَهُ بَاطِلٌ كَثِيرٌ، يَتَقَاتَلُونَ، يَتَنَاحَرُونَ!!

إِلَى مَتَى يَا أُمَّةَ رَسُولِ اللهِ؟!!

أَيْنَ أَنْتُمْ؟!!

أَيْنَ تَمَاسُكُكُمْ؟!!

أَيْنَ تَرَابُطُكُمْ؟!!

أَيْنَ تَعَاوُنُكُمْ؟!!

أَيْنَ نَفْيُكُمْ وَنَبْذُكُمْ لِخِلَافَاتِكُمْ؟!!

تَضَعُونَهَا تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تُوَحِّدُوا غَايَاتِكُمْ، لِتَعْرِفُوا طَرَيقَكُمْ، لِتَسْتَقِيمُوا عَلَى دِينِ رَبِّكُمْ؟!!

أَيْنَ أَنْتُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَكُلُّكُمْ مُسْتَهْدَفٌ بِالذَّبْحِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى أَنْ يَكُونَ الْهَيْكَلُ الثَّالِثُ قَائِمًا: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الذَّبَائِحِ الْكَفَّارِيَّةِ عَلَى دَرَجَاتِ سُلَّمِهِ، وَأَنْتُمُ الذَّبَائِحُ الْكَفَّارِيَّةُ، ذَبَائِحُ الْأُمَمِيِّينَ الْكَفَّارِيَّةِ عَلَى دَرَجَاتِ الْهَيْكَلِ؛ لِتَكُونُوا عَبِيدًا إِنْ عِشْتُمْ، وَمَذْبُوحِينَ كَالشِّيَاةِ إِنْ قُتِلْتُمْ.

أَيْنَ أَنْتُمْ؟!!

لِمَاذَا لَا تُفِيقُونَ؟!!

لِمَ لَا تَتَعَلَّمُونَ دِيَن رَبِّكُمْ؟!!

إِلَى مَتَى؟!! حَتَّى يَذْبَحُونَكُمْ ذَبْحًا؟!!

اتَّقُوا اللهَ، اتَّقُوا اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-، إِنْ لَمْ تَتَّقُوا اللهَ فِي دِينِكُمْ، فِي وَطَنِكُمْ، اتَّقُوا اللهَ فِي أَبْدَانِكُمْ، فِي أَعْرَاضِكُمْ، فِي نِسَائِكُمْ، فِي بَنَاتِكُمْ، فِي زَوْجَاتِكُمْ، فِي أُمَّهَاتِكُمْ، فِي أَخَوَاتِكُمْ.

اتَّقُوا اللهَ، أَفِيقُوا.. عَسَى اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ يَرْفَعَ الغُمَّةَ عَنَّا، وَأَنْ يُفَرِّجَ كُرُوبَنَا، وَهُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ.

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

المصدر:إِيمَانُ وَوَحْدَةُ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ سَبِيلُ عِزَّتِهَا وَحِمَايَةِ مُقَدَّسَاتِهَا

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  ضَرُورَةُ تَرْشِيدِ اسْتِهْلَاكِ الْمَاءِ
  دَوْرُ الِابْتِلَاءِ فِي تَرْبِيَةِ النُّفُوسِ
  التَّضْحِيَةُ بِالرُّوحِ دِفَاعًا عَنِ الْوَطَنِ
  صِدْقُ الْعَزِيمَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ
  الِاجْتِهَادُ فِي تَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْمَغْفِرَةِ فِي رَمَضَانَ
  مَسْؤُلِيَّةُ الْمُسْلِمِ تِجَاهَ أَهْلِهِ
  وَسَائِلُ صِلَةِ الرَّحِمِ
  «تاريخ نشأةِ بِدْعَةِ الاحتفالِ بِالمَوْلِدِ النَّبويِّ» الشَّيخ العلَّامة المُحَدِّثُ: عبد المُحْسِن العبَّاد البدر -حفظه الله-
  مِنْ مَعَالِمِ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ: بَيَانُ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ
  ذِكْرُ اللهِ وَدُعَاؤُهُ عِنْدَ الْإِفْطَارِ
  عَلَامَاتُ النِّفَاقِ، وَصِفَاتُ الْمُنَافِقِينَ
  الْآمَالُ فِي الْمِنَحِ وَالْعَطَايَا وَسَطُ الْمِحَنِ وَالْبَلَايَا
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: رِعَايَةُ حُقُوقِ إِخْوَانِهِ
  فَضَائِلُ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ
  الحُبُّ الفِطْرِيُّ لِلْأَوْطَانِ
  • شارك