سَعَادَةُ الْمُسْلِمِ فِي التَّوَازُنِ بَيْنَ قُوَّتَيْهِ الْعَمَلِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ


((سَعَادَةُ الْمُسْلِمِ فِي التَّوَازُنِ بَيْنَ قُوَّتَيْهِ الْعَمَلِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ))

إِنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ الْقُوَّتَيْنِ الْعَمَلِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ، يُؤَدِّي إِلَى هَذَا الْهَرْجِ الَّذِي تَرَاهُ فِي الْحَيَاةِ، وَإِلَى هَذِهِ الْفَوْضَى الَّتِي عَمَّتِ السَّاحَتَيْنِ؛ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعِبَادِيَّةِ، وَكُلُّ ذَلِكَ بِسَبَبِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الْقُوَّتَيْنِ.

 وَسَعَادَةُ الْمَرْءِ فِي التَّوَازِنِ بَيْنَهُمَا، أَنْ يُوَازِنَ بَيْنَ قُوَّتَيْهِ؛ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ، فَمَنْ زَادَتْ قُوَّتُهُ الْعِلْمِيَّةُ عَلَى قُوَّتِهِ الْعَمَلِيَّةِ؛ أَصَابَهُ نِفَاقٌ وَرِيَاءٌ.

 وَمَنْ زَادَتْ قُوَّتُهُ الْعَمَلِيَّةُ عَلَى قُوَّتِهِ الْعِلْمِيَّةِ؛ سَارَ عَلَى غَيْرِ طَرِيقٍ، وَوَقَعَ فِي الِابْتِدَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَعْبُدُ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَمَنْ عَبَدَ اللهَ بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَهُوَ مُبْتَدِعٌ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عَلَى مُقْتَضَى الْوَارِدِ كِتَابًا وَسُنَّةً.

 فَالْعِبَادَةُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، لَا مَجَالَ فِيهَا لِرَأْيٍ، وَلَا مَجَالَ فِيهَا لِاجْتِهَادٍ، الْعِبَادَةُ مُقَنَّنَةٌ، مُؤَقَّتَةٌ، مَشْرُوطَةٌ، ((مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ))، أَيْ: فَهُوَ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ.

 فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ رِيَاحُ السَّعَادَةِ، وَهَبَّتْ عَلَيْهِ بِسُكُونِهَا، حَتَّى يَسْتَقِرَّ قَلْبُهُ عَلَى قَرَارِهِ؛ مَنَّ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِ بِالتَّوَازُنِ بَيْنَ قُوَّتَيْهِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ، كَمَا كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ ﷺ: ((تَعَلَّمْنَا الْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا))، فَمَا تَعَلَّمُوا أَمْرًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ إِلَّا عَمِلُوا بِهِ.

 وَلَا فَارِقَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِزَمَانٍ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ-.

 

المصدر: محاسبة النفس

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  احْتِرَامُ دِمَاءِ النَّاسِ مِنْ أُصُولِ شَرِيعَةِ الإِسْلَامِ
  الْوَطَنِيَّةُ فِي الْإِسْلَامِ
  ثَمَرَاتُ مُحَاسَبَةِ النَّفْسِ
  تَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ وَافْرَحُوا فِي عِيدِكُمْ
  حَثُّ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى الزَّوَاجِ فِي سُنَّتِهِ الْمُطَهَّرَةِ
  وِقَايَةُ الْأَوْلَادِ مِنَ النَّارِ بِتَعْلِيمِهِمُ الِاعْتِقَادَ الصَّحِيحَ
  ذِكْرُ اللهِ فِي خِتَامِ رَمَضَانَ
  أَشْرَفُ الْعُلُومِ وَأَعْلَاهَا وَأَسْمَاهَا
  حُقُوقُ الْحَاكِمِ الْمُسْلِمِ فِي الْإِسْلَامِ
  جُمْلَةٌ مِنْ سُنَنِ الْعِيدِ
  مَبْنَى الْعَلَاقَاتِ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى الْعَدْلِ
  جُمْلَةٌ مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْعِبَادَاتِ الْعَظِيمَةِ
  جُمْلَةٌ جَامِعَةٌ مِنْ سُبُلِ تَحْقِيقِ خَيْرِيَّةِ الْأُمَّةِ
  الدرس السادس عشر : «التَّقْوَى»
  • شارك