وَطَنُنَا إِسْلَامِيٌّ، وَحُبُّهُ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ


«وَطَنُنَا إِسْلَامِيٌّ، وَحُبُّهُ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ وَاجِبٌ شَرْعِيٌّ»

وَقَدْ عَرَّفَ الشَّيْخُ الصَّالِحُ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ -رَحِمَهُ اللهُ- دَارَ الْإِسْلَامِ فِي مَعْرِضِ تَعرِيفِهِ لِدَارِ الشِّركِ فَقَالَ : «بَلَدُ الشِّرْكِ هُوَ: الَّذِي تُقَامُ فِيهِ شَعَائِرُ الْكُفْرِ، وَلَا تُقَامُ فِيهِ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ كَالْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ جَمَاعَةً، وَالأَعْيَادِ وَالْجُمُعَةِ عَلَى وَجْهٍ عَامٍّ شَامِلٍ, وَإِنَّمَا قُلْنَا عَلَى وَجْهٍ عَامٍّ شَامِلٍ؛ لِيَخْرُجَ مَا تُقَامُ فِيهِ هَذِهِ الشَّعَائِرُ -يَعْنِي الْأَذَانَ وَالصَّلَاةَ جَمَاعَةً وَالْأَعْيَادَ وَالْجُمُعَةَ- عَلَى وَجْهٍ مَحْصُورٍ؛ كَبِلَادِ الْكُفَّارِ الَّتِي فِيهَا أَقَلِّيَّاتٌ مُسْلِمَةٌ، فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ بِلَادَ إِسْلَامٍ بِمَا تُقِيمُهُ الأَقَلِّيَّاتُ الْمُسْلِمَةُ فِيهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ، أَمَّا بِلَادُ الْإِسْلَامِ فَهِيَ الْبِلَادُ الَّتِي تُقَامُ فِيهَا هَذِهِ الشَّعَائِرُ عَلَى وَجْهٍ عَامٍّ شَامِلٍ».

فَبِلَادُنَا بِلَادٌ إِسْلَامِيَّةٌ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

قَالَ الشَّيْخُ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- : «الْأَمْرُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي بَعْضِ فُصُولِ فَتَاوِيهِ : أَنَّ الْأَرْضَ لَيْسَتْ بِالْجُدْرَانِ، وَإِنَّمَا هِيَ بِالسُّكَّانِ، فَإِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى سُكَّانِ الْبَلَدِ وَنِظَامِهِمُ الْإِسْلَامَ فَهِيَ دَارُ إِسْلَامٍ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يُحْكَمُونَ بِنِظَامٍ لَيْسَ إِسْلَامِيًّا صِرْفًا أَوْ مَحْضًا».

وَمَا دَامَتْ بِلَادُنَا إِسْلَامِيَّةً؛ فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَسْعَى لِاسْتِقْرَارِهَا, وَاكتْمِالِ أَمْنِهَا, وَيَجِبُ حِيَاطَتُهَا بالرِّعَايَةِ، وَالْحِفَاظِ وَالْبَذْلِ.

قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِينَ كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى «رِيَاضِ الصَّالِحِينَ» : «حُبُّ الْوَطَنِ إِنْ كَانَ إِسْلَامِيًّا فَهَذَا تُحِبُّهُ؛ لِأَنَّهُ إِسْلَامِيٌّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَطَنِكَ الَّذِي هُوَ مَسْقَطُ رَأْسِكَ، وَالوَطَنِ الْبَعِيدِ عَنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ, كُلُّهَا أَوْطَانٌ إِسْلَامِيَّةٌ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْمِيَهَا».

الْوَطَنُ إِنْ كَانَ إِسْلَاميًّا يَجِبُ أَنْ يُحَبَّ، وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُشَجِّعَ عَلَى الْخَيْرِ فِي وَطَنِهِ، وَعَلى بَقَائِهِ إِسْلَامِيًّا, وَأَنْ يُسْعَى لِاسْتِقْرَارِ أَوْضَاعِهِ وَأَهْلِهِ, وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ.

فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى, وَأَنْ يَتَحَابُّوا لَا يَتَعَادَوْا, وَأَنْ يَتَنَاصَرُوا وَلَا يَتَخَاذَلُوا, وَأَنْ يَأْتَلِفُوا وَلَا يَخْتَلِفُوا؛ حَتَّى يَسْتَطِيعُوا إِقَامَةَ دِينِهِمْ، وَحِفْظَ أَعْرَاضِهِم وَدِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.

وَلَا بُدَّ مِنْ نَفْيِ الْعَصَبِيَّةِ، وَالْأَغْرَاضِ الْمَذْمُومَةِ؛ مِنَ الِاسْتِعَلَاءِ بِالْجِنْسِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ غَيْرِهَا، فَإِنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا, إِنَّمَا يُقَدِّسُ الْإِنْسَانَ عَمَلُهُ, وَمِيزَانُ التَّفْضِيلِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى هُوَ التَّقْوَى، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].

وَمَا أَشَدَّ جُرْمَ مَنْ يَسْعَى لِإِحْدَاثِ الْفَوْضَى، وَإِطْلَاقِ الْغَرَائِزِ مِنْ قُيُودِهَا!!

وَمَا أَكْبَرَ إِثْمَ مَنْ سَعْيُهُ لِإِضَاعَةِ مَكَاسِبِ الْإسْلَامِ فِي بَلَدٍ يُنَعَّمُ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِ بِهَذَا الدِّينِ مِنْذُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَرْنًا مِنَ الزَّمَانِ!!

وَمِنْ لَوَازِمِ الْحُبِّ الشَّرْعِيِّ لِلْأَوْطَانِ الْمُسْلِمَةِ أَيْضًا: أَنْ يُحَافَظَ عَلَى أَمْنِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا، وَأَنْ تُجَنَّبَ الْأَسْبَابَ الْمُفْضِيَةَ إِلَى الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابِ وَالْفَسَادِ؛ فَالْأَمْنُ فِي الْأَوْطَانِ مِنْ أَعْظَمِ مِنَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ عَلَى الْإِنْسَانِ.

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ بَلَدِهِ الْإِسْلَامِيِّ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِ اِسْتِقْرَارِهِ وَأَمْنِهِ، وبُعْدِهِ وَإِبْعَادِهِ عَنِ الْفَوْضَى، وَعَنْ الِاضْطِرَابِ، وَعَنْ وُقُوعِ الْمُشَاغَبَاتِ.

عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ بَلَدَهُ الْإِسْلامِيَّ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ، وَأَنْ يَمُوتَ دُونَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُو شَهِيدٌ، وَالْأَرْضُ مَالٌ، فَمَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُو شَهِيدٌ.

وَمِصْرُ الَّتِي لَا يَعْرِفُ أَبْنَاؤُهَا قِيمَتَهَا يَنْبَغِي أَنْ يُحَافَظَ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُحَافَظَ عَلَى وَحْدَتِهَا، وَأَنْ تُجَنَّبَ الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابَ، وَأَنْ تُنَعَّمَ بِالْأَمْنِ وَالْأَمَانِ وَالِاسْتِقَرَارِ.

 

المصدر: حُقُوقُ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ وَحُرْمَةُ قَتْلِ السَّائِحِينَ وَالْمَدَنِيِّينَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ فِي الْقُرْآنِ
  نَبِيُّكُمْ ﷺ كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا مَعَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ
  الْخَوْفُ مِنْ سُوءِ الْخَاتِمَةِ
  قَضِيَّةُ الْأُمَّةِ وَفَوَائِدُ الْكَلَامِ عَنْهَا
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: الْأَمَانَةُ، وَالِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ
  رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ
  مِنْ أَعْظَمِ مُوجِبَاتِ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ فِي رَمَضَانَ: تَحْقِيقُ التَّوْحِيدِ
  الِاسْتِسْلَامُ للهِ -جَلَّ وَعَلَا- شَاخِصًا فِي قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-
  الدرس الثاني : «الْإِخْلَاصُ»
  الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ شِفَاءٌ وَحِفْظٌ بِقَدَرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ وَرِسَالَةٌ قَوِيَّةٌ إِلَى الْإِعْلَامِيِّينَ!!
  أَثَرُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي تَرْسِيخِ الْقِيَمِ الْأَخْلَاقِيَّةِ
  سُبُلُ مُوَاجَهَةِ الإِدْمَانِ وَالْمُخَدِّرَاتِ
  الْإِيمَانُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ سَبَبَا قُوًّةِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَنَصْرِهَا
  صِدْقُ الْعَزِيمَةِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ
  • شارك