مِصْرُ الْغَالِيَةُ صَخْرَةُ الْإِسْلَامِ


«مِصْرُ الْغَالِيَةُ صَخْرَةُ الْإِسْلَامِ»

هَذِهِ مِصْرُ، وَهِيَ أَرْضٌ إِسْلَامِيَّةٌ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَلَنْ يُدَافَعَ عَنْهَا عَصَبِيَّةً، وَإِنَّمَا يُدَافَعُ عَنْهَا بِالْحَمِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، وَلِأَجْلِ دِينِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-، ولِيَظَلَّ الْأَذَانُ فِيهَا مَرْفُوعًا، وَلِتَظَلَّ الْجُمَعُ وَالْجَمَاعَاتُ وَالْأَعْيَادُ، وَلِتَظَلَّ شَعَائِرُ الْإِسْلَامِ فِيهَا قَائِمَةً رَغْمَ أَنْفِ الْخَوَارِجِ وَالتَّكْفِيرِيِّينَ -عَلَيْهِم مِن اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- مَا يَسْتَحِقُّونَهُ-.

إِنَّهَا مِصْرُ الَّتِي لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا أَبْنَاؤُهَا، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْخَيْرَ لَهَا؛ وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بَيْعَهَا بَيْعًا رَخِيصًا فِي مَزَادَاتِ أَوْلَادِ الْخَنَا!!

إِنَّهَا مِصْرُ الَّتِي يُفَرِّطُ فِيهَا أَبْنَاؤُهَا مِمَّنْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يَتَمَسَّكُونَ بِالدِّينِ الْحَنِيفِ!!

أَلَا يَعْلَمُ النَّاسُ مَا يُبَيَّتُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الْمَخَاطِرِ فِي الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ؛ مِنْ أَجْلِ طَمْسِ الْهُوِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِي بَلَدٍ هُوَ دُرَّةُ التَّاجِ عَلَى جَبِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ؟!!

إِنَّ أَعْدَاءَهَا يُرِيدُونَ الْفَوْضَى فِيهَا، يُرِيدُونَ سَفْكَ الدِّمَاءِ، وَإِزْهَاقَ الْأَرْوَاحِ، واسْتِلَالَ الثَّرْوَاتِ، وَهَتْكَ الْأَعْرَاضِ.

وَهَذِهِ الْأُمَّةَ أُمَّةٌ عَنِ الْإِسْلَامِ مُدَافِعَةٌ، وَعَنِ الْإِيمَانِ مُنَافِحَةٌ.

وَهِيَ لِلْقُرْآنِ حَامِلَةٌ، وَلِلْعِلْمِ نَاشِرَةٌ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ بِاللهِ عَالِمَةٌ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ فِيهَا مِنَ الْأَتْقِيَاءِ الْأَنْقِيَاءِ الْأَخْفِيَاءِ مَنْ يَضْرَعُونَ إِلَى رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ أَنْ يُنَجِّيَهَا، وَيُنَجِّيَ الْأُمَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ مِنْ كُلِّ خَطَرٍ وَسُوءٍ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ هِيَ الصَّخْرَةُ الشَّمَّاءُ الَّتِي لَمَّا اتَّحَدَ أَبْنَاؤُهَا مَعَ أَهْلِ الشَّامِ تَحْتَ قِيَادَةِ الْمُظَفَّرِ (قُطُز)، تَمَّ انْحِسَارُ مَوْجَاتِ التَّتَارِ الْهَمَجِ عَلَى صَخْرَتِهِمُ الْقَائِمَةِ الْعَاتِيَةِ، وَنَجَّى اللهُ تَعَالَى الْحَضَارَةَ الْإِنْسَانِيَّةَ كُلَّهَا بِهَذَا الرَّدِّ وَبِذَلِكَ الصَّدِّ، وَبِهَذَا الْكِفَاحِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

خَرَجَتْ جُيُوشُ الْمِصْرِيِّينَ مُوَحِّدَةً مُؤْمِنَةً بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، مُنَافِحَةً عَنْ دِينِهِ الْعَظِيمِ، صَرْخَتُهَا: «وَا إِسْلَامَاهُ!»، تُنَافِحُ عَنْهُ، وَتَمُوتُ دُونَهُ، وتُقَاتِلُ لِأَجْلِ رَفْعِ رَايتِهِ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَّةٌ مُجَاهِدَةٌ، تُجَاهِدُ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى جَمِيعَ الْمُعْتَدِينَ.

وَفِي عَهْدِ (الدَّوْلَةِ الْأَيُّوبِيَّةِ) لَمَّا خَرَجَ (صَلَاحُ الدِّين)، وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ؛ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ الْمَيَامِينِ، مَعَ جُمْلَةِ مَنْ خَرَجَ مِنْ جُنْدِ الْمِصْرِيِّينَ، كَانَ تَطْهِيرُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ إِجْلَاءِ الصَّلِيبِيِّينَ الَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَنْسِفُوا الْإِسْلَامَ نَسْفًا، وَأَنْ يَقْضُوا عَلَى أَهْلِهِ قَضَاءً مُبْرَمًا، وَلَمْ يَبْلُغُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.

هَذِهِ الْأُمَّةُ تَصَدَّتْ فِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ لِلْيَهُودِ، مِنْ إِخْوَانِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَصَيْحَتُهُمْ: «اللهُ أَكْبَرُ».

يَا أَهْلَ مِصْرَ, قَضَى الْعَزِيزُ بِلُطْفِهِ *** وَأَرَادَ أَمْرًا بِالْبِلَادِ فَكَانَا

إِنَّ الَّذِي أَمْرُ الْمَمَالِكِ كُلِّهَا *** بِيَدَيْهِ أَحْدَثَ فِي«الْكِنَانَةِ»شَانَا

أَبْقَى عَلَيْهَا أَمْنَهَا فِي بُرْهَةٍ  *** تَرْمِي الْعُرُوشَ وَتَنْثُرُ التِّيجَانَا

وَكَسَا الْبِلَادَ سَكِينَةً مِنْ أَهْلِهَا *** وَوَقَى مِنَ الْفِتَنِ الْعِبَادَ وَصَانَا

أَوَ مَا تَرَوْنَ الْأَرْضَ خُرِّبَ نِصْفُهَا *** وَدِيَارُ مْصْرٍ لَا تَزَالُ جِنَانَا؟!

يَرْعَى كَرَامَتَهَا, وَيَمْنَعُ حَوْضَهَا *** جَيْشٌ يَعَافُ البَغْيَ وَالعُدْوَانَا!

كَجُنُودِ عَمْروٍ أَيْنَمَا رَكَزُوا القَنَا  *** عَفُّوا يَدًا , وَمُهَنَّدًا وَسِنَانَا

إِنَّ الشُّجَاعَ هُوَ الْجَبَانُ عَنِ الْأَذَى *** وَأَرَى الْجَرِيءَ عَلَى الشُّرُورِ جَبَانَا

أَلَا يَدْرِي الحَمْقَى الَّذِينَ يُرِيدُونَ سَوْقَ الخَرَابَ إِلَى رُبُوعِ مِصْرَ مَنْ يَخْدُمُونَ؟ أَلَا يَعْلَمُونَ؟!!

إِنَّ مِنَ الْحِكَمِ اللَّائِحَةِ الَّتِي لَا تَكَادُ تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنْ جَعَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مُسْتَقْبَلَ الْمَنْطِقَةِ مُعَلَّقًا بِالْأُمَّةِ الْمِصْرِيَّةِ، فَإِنْ تَهَاوَتْ، تَهَاوَتِ الْمَنْطِقَةُ، وَإِنْ صَمَدَتْ، صَمَدَتِ الْمَنْطِقَةُ.

اتَّقُوا اللهَ فِي وَطَنِكُمْ -عِبَادَ اللهِ-، وَاتَّقُوا اللهَ فِي أَوْطَانِكُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا؛ فَإِنَّهَا مُسْتَهْدَفَةٌ مُرَادَةٌ مَطْلُوبَةٌ.

تَآزَرُوا وَتَعَاوَنُوا، وَنَمُّوا الْمَوْجُودَ حَتَّى تُحْصُلُوا عَلَى الْمَفْقُودَ، وَلَا تَتَّبِعُوا السَّرَابَ؛ فَإِنَّهُ هَبَاءٌ يُفْضِي إِلَى يَبَابٍ.

  

المصدر:حِمَايَةُ الْأَوْطَانِ بَيْنَ فَرْضِ الْعَيْنِ وَفَرْضِ الْكِفَايَةِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  سَبَبُ امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِأَفْضَلِيَّةِ الطَّاعَاتِ فِيهَا
  آمَالُ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَالتَّابِعِينَ وَآمَالُنَا!!
  أَمَانَةُ الْكَلِمَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
  سُبُلُ مُوَاجَهَةِ الإِدْمَانِ وَالْمُخَدِّرَاتِ
  مِنْ مَعَانِي الْخِيَانَةِ
  مَعَالِمُ الْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ فِي الْعِبَادَاتِ
  حُرْمَةُ قَتْلِ السَّائِحِينَ وَالْأَجَانِبِ الْمُسْتَأْمَنِينَ فِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ
  ((الدَّوَاءُ الشَّافِي لِمَنْ يَعُودُ لِلذَّنْبِ بَعْدَ التَّوْبَةِ)) الشَّيْخُ الدُّكْتُور: عَبْد الرَّزَّاق الْبَدْر -حَفِظَهُ اللهُ-.
  مِنْ فَضَائِلِ شَهْرِ شَعْبَانَ
  الْإِحْسَانُ هُوَ أَسَاسُ الْعَلَاقَاتِ فِي الْإِسْلَامِ
  عِظَمُ خُلُقِ الْوَفَاءِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: أَنَّ قُدْرَةَ اللهِ لَا حَدَّ لَهَا
  مِنْ أَبْوَابِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ: زِرَاعَةُ الْأَشْجَارِ، وَسَقْيُ الْمَاءِ
  دَوْرُ الِابْتِلَاءِ فِي تَرْبِيَةِ النُّفُوسِ
  مِصْرُ أُمَّةٌ لَهَا تَارِيخٌ فِي الدِّفَاعِ عَنِ الْإِسْلَامِ
  • شارك