أَخْطَرُ الشَّائِعَاتِ فِي تَارِيخِ الْمُسْلِمِينَ وَآثَارُهَا


((أَخْطَرُ الشَّائِعَاتِ فِي تَارِيخِ الْمُسْلِمِينَ وَآثَارُهَا))

عِبَادَ اللهِ! مَنْ نَظَرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ خَاصَّةً, وَفِي التَّارِيخِ عَامَّةً؛ يَعْلَمُ يَقِينًا مَا لِلشَّائِعَاتِ مِنْ خَطَرٍ عَظِيمٍ، وَأَثَرٍ بَلِيغٍ، فَالشَّائِعَاتُ تُعْتَبَرُ مِنْ أَخْطَرِ الْأَسْلِحَةِ الْفَتَّاكَةِ وَالْمُدَمِّرَةِ لِلْمُجْتَمَعَاتِ وَالْأَشْخَاصِ.

وَكَمْ أَقْلَقَتِ الْإِشَاعَةُ مِنْ أَبْرِيَاءَ, وَحَطَّمَتْ عُظَمَاءَ، وَهَزَمَتْ مِنْ جُيُوشٍ، وَهَدَمَتْ مِنْ وَشَائِجَ، وَتَسَبَّبَتْ فِي جَرَائِمَ, وَفَكَّكَتْ مِنْ عَلَاقَاتٍ وَصَدَاقَاتٍ، وَأَخَّرَتْ مِنْ سَيْرِ أَقْوَامٍ!!

لِخَطَرِهَا وَجَدْنَا الدُّوَلَ تَهْتَمُّ بِهَا، وَالْحُكَّامَ يَرْقُبُونَهَا، مُعْتَبِرينَ إِيَّاهَا مِقْيَاسَ مَشَاعِرِ الشَّعْبِ نَحْوَ الْإِدَارَةِ صُعُودًا وَهُبُوطًا، وَبَانِينَ عَلَيْهَا تَوقُّعَاتِهِمْ لِأَحْدَاثٍ مَا, سَوَاءٌ عَلَى الْمُسْتَوَى الْمَحَلِّيِّ أَوِ الْمُسْتَوَى الْخَارِجِيِّ.

وَثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((كَفَى بِالْمَرْءِ إِثمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)). وَفِي رِوَايَةٍ: ((كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي ((مُقَدِّمَةِ الصَّحِيحِ)) .

 

وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ-: «اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)) .

وَأَثَرُ الشَّائِعَاتِ سَيِّئٌ جِدُّ سَيِّئٍ, وَيَنْتُجُ عَنْهَا غَالِبًا آثَارٌ أُخْرَى أَسْوَءُ مِنْهَا، وَفِي تَارِيخِ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّائِعَاتِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي كَانَتْ نَتَائِجُهَا سَيِّئَةً فِي ظَاهِرِهَا قِصَصٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا:

*الشَّائِعَةُ الَّتِي انْتَشَرَتْ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيشٍ أَسْلَمُوا، وَذَلِكَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ الْأُولَى إِلَى الْحَبَشَةِ، فَكَانَ مِنْ نَتِيجَتِهَا أَنْ رَجَعَ عَدَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، وَقَبْلَ دُخُولِهِمْ عَلِمُوا أَنَّ الْخَبَرَ كَذِبٌ.

فَدَخَلَ مِنْهُمْ مَنَ دَخَلَ، وَعَادَ إِلَى الْحَبَشَةِ مَنْ عَادَ، فَأَمَّا الَّذِينَ دَخَلُوا فَأَصَابَ بَعضَهُمْ مِنْ عَذَابِ قُرَيْشٍ مَا كَانَ هُوَ فَارًّا مِنْهُ، فَللهِ الْأَمْرُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

*وَفِي مَعْرَكَةِ أُحُدٍ، عِنْدَمَا أَشَاعَ الْكَافِرُونَ أَنَّ الرَّسُولَ ﷺ قُتِلَ، فَتَّ ذَلِكَ فِي عَضُدِ كَثِيرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ أَلْقَى السِّلَاحَ، وَتَرَكَ الْقِتَالَ وَاسْتَحْسَرَ.

*وَأَدَّتِ الشَّائِعَاتُ الْكَاذِبَةُ ضِدَّ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- إِلَى تَجَمُّعِ أَخْلَاطٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَدَهْمَاءِ النَّاسِ وَجَهَلَتِهِمْ, وَأَصْبَحَتْ لَهُمْ شَوْكَةٌ، وَقُتِلَ عَلَى إِثْرِهَا خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ حِصَارِهِ فِي بَيتِهِ، وَقَطْعِ الْمَاءِ عَنْهُ.

بَلْ كَانَتْ مِنْ آثَارِ هَذِهِ الْفِتْنَةِ:

*أَنْ قَامَتْ حُرُوبٌ بَيْنَ بَعْضِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ؛ كَمَعْرَكَةِ (الْجَمَلِ) وَ(صِفِّينَ)، وَخَرَجَتْ عَلَى إِثْرِهَا الْخَوارِجُ، وَتَزَنْدَقَتِ الشِّيعَةُ، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا ظُهُورُ الْمُرْجِئَةِ وَالْقَدَرِيَّةِ الْأُولَى، ثُمَّ انْتَشَرَتِ الْبِدَعُ بِكَثْرَةٍ، وَظَهَرَتْ فِتَنٌ وَبِدَعٌ وَقَلَاقِلُ كَثِيرَةٌ, مَا تَزَالُ الْأُمَّةُ الْمُسْلِمَةُ تُعَانِي مِنْ آثَارِهَا وَنَتَائِجِهَا إِلَى الْيَوْمِ.

  

المصدر: خُطُورَةُ الشَّائِعَاتِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْمُقَارَنَةُ بَيْنَ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ
  الْخُلُقُ الْكَــرِيمُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَشَفَقَتُهُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمَرْضَى
  التَّحْذِيرُ مِنْ أَكْلِ الْحَرَامِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  مِنْ أَعْظَمِ الْبِرِّ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ
  الْإِسْلَامُ رَحْمَةٌ فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ
  سُوءُ عَاقِبَةِ آكِلِ السُّحْتِ فِي الْآخِرَةِ
  حِيَاطَةُ الشَّرْعِ لِلْعَقْلِ
  صَلَاحُ الْمُجْتَمَعِ يَبْدَأُ بِصَلَاحِ الْفَرْدِ وَالْأُسْرَةِ
  أَهْدَافُ الْجِهَادِ السَّامِيَةِ
  الصِّيَامُ تَدْرِيبٌ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى
  مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: تَرْبِيَةُ الْأَبْنَاءِ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَاةِ
  تَمْكِينُ اللهِ لِلْأَنْبِيَاءِ بِتَحْقِيقِهِمُ التَّوْحِيدَ
  المَوْعِظَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ : ((جُمْلَةٌ مِنْ أُصُولِ الْعَقِيدَةِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ (2) ))
  تَعَلُّقُ الْخِيَانَةِ بِالضَّمِيرِ
  الْحِرْصُ عَلَى الْإِخْلَاصِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِي الْحَجِّ
  • شارك