حَرْبُ الشَّائِعَاتِ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ


 ((حَرْبُ الشَّائِعَاتِ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْعَصْرِ))

عِبَادَ اللهِ! فِي هَذَا الْعَصْرِ نَجِدُ لِلشَّائِعَاتِ دَوْرًا كَبِيرًا, بَلِ اسْتُغِلَّتِ الشَّائِعَاتُ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ اسْتِغْلَالًا كَبِيرًا, وَمِثْلُ هَذِهِ الشَّائِعَاتِ تُحْدِثُ فِي الصَّفِّ ثَغَرَاتٍ تُخِلُّ بِهِ, وَأَحْيَانًا تَكُونُ ثَغَرَاتٍ كَبِيرَةً يَصْعُبُ سَدُّهَا, وَخَاصَّةً إِذَا كَانَتْ مَصَادِرُ الشَّائِعَاتِ مِنْ دَاخِلِ الصَّفِّ, مِنْ أُنَاسٍ جَهَلَةٍ, أَوْ لَهُمْ هَوًى خَفِيٌّ, أَوْ لَهُمْ ظَنٌّ مُخْطِئٌ.

وَأَمَّا أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ فَهُمْ يَسْتَخْدِمُونَ الشَّائِعَاتِ ضِدَّ الْمُسْلِمِينَ, وَخَاصَّةً عُلَمَاءَهُمْ، وَقَادَتَهُمْ، وَدُعَاتَهُمْ، وَغَالِبًا مَا يَسْتَخْدِمُونَ فِي شَائِعَاتِهِمْ طَرِيقَيْنِ:

*إِنْشَاءُ وَتَلْفِيقُ الْأَكَاذِيبِ وَالِاتِّهَامَاتِ لِلْعُلمَاءِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ؛ لِزَعْزَعَةِ الثِّقَةِ بِهِمْ، وَلِلِانْصِرَافِ عَنْهُمْ.

*وَتَصَيُّدُ الْأَخْطَاءِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ مَعَ نَشْرِهَا بَيْنَ النَّاسِ، مَعَ إِعْطَائِهَا حَجْمًا أَكْبَرَ، فَيَزِيدُونَ شَائِعَاتٍ مَكْذُوبَةً عَلَى أَمْرٍ صَغِيرٍ، كَالشَّيْطَانِ الَّذِي يُلْقِي عَلَى الْكَاهِنِ كَلِمَةً صَحِيحَةً وَتِسْعًا وَتِسْعِينَ كَذِبَةً!!»

فَشَأنُهُمْ شَأْنُ الشَّيْطَانِ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ!!

وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَتَثَبَّتَ وَأَنْ يَتَرَوَّى فِي تَلَقِّي الْأَخْبَارِ وَالرِّوَايَةِ وَالْعَمَلِ بِهَا, وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].

قَالَ الْعَلَّامَةُ الشِّنْقِيطِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- : (( وَقَدْ دَلَّتْ هَذهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْحُجُرَاتِ عَلَى أَمْرِيْنِ:

الْأَوَّلُ مِنْهُمَا: أَنَّ الْفَاسِقَ إِنْ جَاءَ بِنَبَإٍ مُمْكِنٍ مَعْرِفَةُ حَقِيقَتِهِ، وَهَلْ مَا قَالَهُ فِيهِ الْفَاسِقُ حَقٌّ أَوْ كَذِبٌ فَإِنَّه يَجِبُ فِيهِ التَّثَبُّتُ.

وَالثَّانِي: هُوَ مَا اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِهَا أَهْلُ الْأُصُولِ مِنْ قَبُولِ خَبَرِ الْعَدْلِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} يَدُلُّ بِدَليلِ خِطَابِه -أَعْنِي مَفْهُومَ الْمُخَالَفَةِ- أَنَّ الْجَائِيَ بِنَبَإٍ إِنْ كَانَ غَيْرَ فَاسِقٍ بَلْ عَدْلًا لَا يَلْزَمُ التَّبَيُّنُ فِي نَبَئِهِ عَلَى قِرَاءَةِ: {فَتَبَيَّنُوا} وَلَا التَّثَبُّتُ عَلَى قِرَاءَةِ: {فَتَثَبَّتُوا} -قَالَ:- وَهُوَ كَذَلِكَ)).

*الدَّوْرُ الْخَطِيرُ لِلْإِشَاعَاتِ فِي ثَوَرَاتِ الْخَرِيفِ الْعَرَبِيِّ:

إِنَّ مِنَ الْعَوَامِلِ الرَّئِيسِيَّةِ لِحَرْبِ الْمُجْتَمَعَاتِ: السَّيْطَرَةُ عَلَى وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الَّتِي تَقْدِرُ -بِقُدْرَتِهَا الْمُثِيرَةِ- عَلَى التَّأْثِيرِ عَلَى أَنْ تَنْقُلَ مَوْضُوعًا عَادِيًّا إِلَى مُسْتَوَى أَزْمَةٍ وَطَنِيَّةٍ.

وَيَبْدَأُ هَذَا الْمَسَارُ عَادَةً بِطَرْحِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى السَّاحَةِ الدَّوْلِيَّةِ بِوَاسِطَةِ خُبَرَاءَ مُحْتَرِفِينَ أَوْ صَحَفِيِّينَ مَشْهُورِينَ، ثُمَّ يَتَطَوَّرُ النِّقَاشُ دَرَجَةً دَرَجَةً حَتَّى يُصْبِحَ مُشْكِلَةً طَارِئَةً، سَوَاءٌ كَانَتْ مُشْكِلَةً حَقِيقِيَّةً أَوْ مُفْتَعَلَةً، لِتَنْتَقِلَ بَعْدَ ذَلِكَ الْمُشْكِلَةُ الطَّارِئَةُ إِلَى أَزْمَةٍ وَطَنِيَّةٍ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ.

وَالتَّهْيِئَةُ لِحَرْبٍ نَفْسِيَّةٍ مُتَطَوِّرَةٍ لِلْغَايَةِ يَكُونُ مِنْ خِلَالِ الْإِعْلَامِ وَالتَّلَاعُبِ النَّفْسِيِّ، وَاسْتِخْدَامِ مَحَطَّاتٍ فَضَائِيَّةٍ تَكْذِبُ وَتَقُومُ بِتَزْوِيرِ الصُّوَرِ وَالْحَقَائِقِ؛ عَنْ طَرِيقِ تَمْوِيلِ الْمَحَطَّاتِ أَوِ الْإِعْلَامِيِّينَ أَوْ أَصْحَابِ الْمَحَطَّاتِ، وَيُسْتَخْدَمُ فِيهَا وَسَائِلُ الْإِعْلَامِ التَّقْلِيدِيَّةِ؛ وَالْجَدِيدَةِ مِنْ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ.

*قَنَاةُ الْجَزِيرَةِ وَالْإِخْوَان مِثَالٌ لِتَرْوِيجِ الشَّائِعَاتِ؛ مِنْ أَجْلِ هَدْمِ كُبْرَى الْحَوَاضِرِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ:

إِنَّ سَيْطَرَةَ إِسْرَائِيلَ عَلَى وَسَائِلِ الْإِعْلَامِ الدَّوْلِيَّةِ أَدَاةٌ رَئِيسِيَّةٌ فِي هَذَا الْمَجَالِ تَجْعَلُ مِنْهَا شَرِيكًا مُزْمِنًا فِي كُلِّ الْأَزَمَاتِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي الْمَنْطِقَةِ.

مِنْ وَسَائِلِ الْمَاسُون: بَثُّ الْأَخْبَارِ الْمُخْتَلَقَةِ، وَالْأَبَاطِيلِ وَالدَّسَائِسِ الْكَاذِبَةِ حَتَّى تُصْبِحَ كَأَنَّهَا حَقَائِقُ؛ لِتَحْوِيلِ عُقُولِ الْجَمَاهِيرِ وَطَمْسِ الْحَقَائِقِ أَمَامَهُمْ.

وَقَنَاةُ الْجَزِيرَةِ الْقَطَرِيَّةِ -مِثَالًا-؛ تَبَعِيَّتُهَا لِلْيَهُودِ، إِنَّمَا هِيَ مُنَظَّمَةٌ يَهُودِيَّةٌ، وَيَقُولُ ضَالٌّ مِنَ الضُّلَّالِ الْكِبَارِ الَّذِينَ ابْتُلِيَتْ بِهِمُ الْأُمَّةُ فِي هَذَا الْعَصْرِ، حَتَّى صَارَ مَعْدُودًا عَلَى كِبَارِ عُلَمَائِهَا وَشُيُوخِهَا، يَقُولُ: إِنَّهُ لَوْلَا مَا قَدَّمَتْهُ (قَنَاةُ الْجَزِيرَةِ) مَا وَقَعَ مَا وَقَعَ فِي مِصْرَ!! نَعَمْ؛ مِنْ ذَلِكَ الشِّعَارُ: (حُرِّيَّةٌ.. دِيمُقْرَاطِيَّةٌ!! مِنْ شِعَارِ الْمَاسُونِ.

لَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي لِيبْيَا طَيِّبِينَ، يَحْيَوْنَ الْحَيَاةَ الْكَرِيمَةَ، فَأَجَّجَتْ قَنَاةُ الْجَزِيرَةِ شُعْلَةَ الثَّوْرَةِ الْمَلْعُونَةِ بِطَرِيقَةٍ شَيْطَانِيَّةٍ:

الْمُذِيعُ فِي حُجْرَةٍ، وَلِيبِيٌّ خَائِنٌ فِي حُجْرَةٍ مُجَاوِرَةٍ يَقُولُ لَهُ:

أَنَا الْآنَ فِي مَيْدَانِ كَذَا بِطَرَابُلْسَ!!

النَّاسُ خَرَجُوا جَمِيعًا إِلَى الشَّوَارِعِ مُحْتَجِّينَ ثَائِرِينَ!!

وَالْأَعْلَامُ تُرَفْرِفُ فِي كُلِّ مَكَانٍ!!

وَأَسْمَعُ دَوِيَّ طَلْقَاتِ الرَّصَاصِ بَلْ دَانَاتِ الْمَدَافِعِ!!

لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَطُّ!!

يَجْلِسُ فِي الْحُجْرَةِ الْمُجَاوِرَةِ!! وَالْآخَرُ يُهَيِّجُ الشَّعْبَ اللِّيبِيَّ الطَّيِّبَ، وَيُحَرِّكُهُ مَعَ إِخْوَانِ الدَّاخِلِ مِنَ الْمُجْرِمِينَ الْخَائِنِينَ، حَتَّى وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ، وَارْتَفَعَ الْأَمْنُ، وَحَلَّتِ الْمَخَافَةُ، وَجَاءَ الْعَذَابُ، يَخَافُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ، وَعَلَى أَعْرَاضِهِمْ، وَعَلَى أَموَالِهِمْ.

وَأَمَّا ثَرْوَاتُ الْبِلَادِ؛ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ إِلَى الْأَعْدَاءِ، تَخْرُجُ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ إِلَى الْأَعْدَاءِ، فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ مَعَ تَغْيِيرِ الْعُقُولِ وَالْقُلُوبِ، وَنَسْفِ الْعَقَائِدِ وَالْأَدْيَانِ.

 

المصدر: خُطُورَةُ الشَّائِعَاتِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  بَدْأُ التَّأْرِيخِ الْهِجْرِيِّ
  ثَمَرَاتُ الِاقْتِصَادِ الْقَوِيِّ عَلَى الْمُجْتَمَعِ الْمُسْلِمِ
  عِظَمُ خُلُقِ الْوَفَاءِ
  اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
  الْوَفَاءُ بِعَهْدِ اللهِ وَمِيثَاقِهِ
  الْعِلْمُ وَالْقُوَّةُ الْعَسْكَرِيَّةُ مِنْ عَوَامِلِ الْقُوَّةِ فِي بِنَاءِ الدُّوَلِ
  وُجُوهُ وَأَدِلَّةُ خَيْرِيَّةِ النَّبِيِّ ﷺ
  صَلَاحُ الْمُجْتَمَعِ يَبْدَأُ بِصَلَاحِ الْفَرْدِ وَالْأُسْرَةِ
  أَسْبَابُ التَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ
  مِنْ سُبُلِ التَّنْمِيَةِ الِاقْتِصَادِيَّةِ: الِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ وَالْإِنْتَاجِ
  أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُؤْمِنِ
  التَّحْذِيرُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى
  سُبُلُ التَّغْيِيرِ لِصَلَاحِ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَالْأُمَّةِ
  عِبَادَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ
  مُرَاعَاةُ الْمَصْلَحَةِ الْعُلْيَا لِلْأُمَّةِ سَبِيلٌ لِوَحْدَتِهَا
  • شارك