حُكْمُ الشَّائِعَاتِ فِي الْإِسْلَامِ


((حُكْمُ الشَّائِعَاتِ فِي الْإِسْلَامِ))

إِنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ حَرَّمَ إِشَاعَةَ أَسْرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَأُمُورِهِمُ الدَّاخِلِيَّةِ مِمَّا يَمَسُّ أَمْنَهُمْ وَاسْتِقَرَارَهُمْ؛ حَتَّى لَا يَعْلَمَ الْأَعْدَاءُ مَوَاضِعَ الضَّعْفِ فِيهِمْ، فَيَسْتَغِلُّوهَا, أَوْ قُوَّتَهُمْ فَيَتَحَصَّنُوا مِنْهُمْ.

الْإِسْلَامُ يُحَرِّمُ إِشَاعَةَ مَا يَمَسُّ أَعْرَاضَ النَّاسِ وَأَسْرَارَهُمُ الْخَاصَّةُ.

قَالَ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: 19].

هَذَا هُوَ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ.

وَبالنِّسْبَةِ لِلْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الشَّائِعَةِ الْكَاذِبَةِ؛ فَهُوَ حَدُّ الْقَذْفِ إِنْ تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ، وَإلَّا فَالتَّعْذِيرُ.

قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} [النور:4 ].

وَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِينًا} [الأحزاب: 58].

وَمُطلِقُوا الشَّائِعَاتِ سَمَّاهُمُ الْقُرْآنُ مُرْجِفِينَ, وَالْإِرْجَافُ فِي اللُّغَةِ: الِاضْطِرَابُ الشَّدِيدُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْخَوْضِ فِي الْأَخْبَارِ السَّيِّئَةِ وَذِكْرِ الْفِتَنِ؛ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ اضْطِرَابٌ بَيْنَ النَّاسِ.

وَالْإِرْجَافُ حَرَامٌ، وَتَرْكُهُ وَاجِبٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَفَاعِلُهُ يَسْتَحِقُّ التَّعزِيرُ.

{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَاَلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَك فِيهَا إلا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} [الأحزاب: 60-61].

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: «{لَنُغْرِيَنَّك بِهِمْ}: لَنُسَلِّطَنَّكَ عَلَيْهِمْ؛ فَلَتَسْتَأصِلَنَّهُمْ بِالْقَتْلِ».

وَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ ﷺ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ يُثَبِّطُونَ النَّاسَ عَنْهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ؛ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُحَرِّقُوا عَلَيْهِمُ الْبَيْتَ، فَفَعَلَ طَلْحَةُ ذَلِكَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- .

 

المصدر: خُطُورَةُ الشَّائِعَاتِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْعِلْمُ ضَرُورَةٌ دِينِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: حُسْنُ الْخُلُقِ
  مِنْ آدَابِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمَةِ: تَوْقِيرُ الْكَبِيرِ
  دِينُ الْإِسْلَامِ دِينُ الرَّحْمَةِ وَالسَّلَامِ
  حُكْمُ الْعَوْدَةِ فِي الْهِبَةِ أَوِ التَّعْيِيرِ بِهَا
  وَسَائِلُ سَلَامَةِ الْقَلْبِ
  «تاريخ نشأةِ بِدْعَةِ الاحتفالِ بِالمَوْلِدِ النَّبويِّ» الشَّيخ العلَّامة المُحَدِّثُ: عبد المُحْسِن العبَّاد البدر -حفظه الله-
  احْذَرُوا أَنْ تُؤْتَوْا مِنْ ثُغْرِ الْعُقُوقِ!!
  الْإِسْلَامُ أَعْظَمُ نِعْمَةٍ مِنَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  حَثُّ دِينِ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّرَقِّي فِي الْعُلُومِ الْمَادِّيَّةِ
  ضَرُورَةُ مَعْرِفَةِ الْبُيُوعِ الْمُحَرَّمَةِ
  فَضَائِلُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَشَرَفُ حَمَلَتِهِ
  هِجْرَةُ النَّبِيِّ ﷺ حَدَثٌ مَتَفِرِّدٌ فِي تَارِيخِ الْبَشَرِيَّةِ
  الْحَثُّ عَلَى تَكْوِينِ الْأُسْرَةِ الصَّالِحَةِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  الدرس الثاني : «الْإِخْلَاصُ»
  • شارك