الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَعْظَمُ الْأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا


((الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ أَعْظَمُ الْأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا))

فَقَدِ امْتَحَنَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ فَاسْتَجَابُوا طَائِعِينَ, وَامْتَحَنَهُمْ بِالزَّكَاةِ وَدَفْعِ الْمَالِ فَاسْتَجَابُوا طَائِعِينَ, وَامْتَحَنَهُمْ بِالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَتَرْكِ الشَّهَوَاتِ فَلَبَّوْا -كَذَلِكَ- طَائِعِينَ.

ثُمَّ جَاءَ الِامْتِحَانُ الْأَكْبَرُ وَالِاخْتِبَارُ الْأَعْظَمُ، فَكَانَ أَنْ طَلَبَ مِنْهُمْ أَرْوَاحَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ يَبْذُلُونَهَا فِي سَاحَاتِ الْجِهَادِ، فَتَقَدَّمَ أَقْوَامٌ وَتَأخَّرَ آخَرُونَ!

تَأَخَّرَ الْمُنَافِقُونَ: {وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 86].

وَتَقَدَّمَ الصَّادِقُونَ, قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التوبة: 88].

فَفَرَّقَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِالْجِهَادِ بَيْنَ الصَّادِقِينَ وَالْكَاذِبِينَ, بَيْنَ الْمُحِبِّينَ للهِ وَرَسولِهِ ﷺ وَالْمُدَّعِينَ.

إِنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ هُوَ أَعْظَمُ الْأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا, وَهُوَ أَيْسَرُ الطُّرُقِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى وَالْجَنَّةِ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَوْلا أَنْ يَشُقَّ عَلَى المُسلِمِينَ مَا قَعَدْتُ خِلافَ سَرِيَّةٍ, وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي أَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلَ، ثُمَّ أَغْزُو فَأُقْتَلَ)). أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)).

وَلَمَّا كَانَ الْجِهَادُ بَذْلَ أَعْظَمِ وَأَنْفَسِ مَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ أَنْفُسُهُمْ يَبْذُلُونهَا دُونَ خَوْفٍ وَلَا تَرَدُّدٍ, وَلَمَّا كَانَ فِيهِ بَذْلُ الْأَمْوَالِ وَتَرْكُ الزَّوْجَاتِ وَالذُّرِّيَّاتِ، وَهَجْرُ الْمَسَاكِنِ وَالْأَوْطَانِ وَالْمَلَذَّاتِ.

وَلَمَّا كَانَ فِيهِ قَتْلُ الْأَنْفُسِ وَإِرَاقَةُ الدِّمَاءِ؛ كَانَ حَرِيًّا بِالشَّرْعِ أَنْ يَضَعَ لَهُ أَعْظَمَ الضَّوَابِطِ وَأَقْوَى الْأَحْكَامِ؛ حَتَّى لَا تُرَاقَ الدِّمَاءُ فِي كُلِّ وَادٍ وَبِكُلِّ سَبِيلٍ, وَحَتَّى لَا يَخْتَلِطَ الْحَابِلُ بِالنَّابِلِ, وَلَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ.

إِنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَرْوَاحَهُمْ هِيَ أَعْظَمُ شَيْءٍ عِنْدَ اللهِ؛ لِذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لَزَوَالُ الدُّنيَا أَهوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ)). أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَقَالَ ﷺ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ: ((مَا أَطْيَبَكِ! وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ! وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ! وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ, لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ؛ مَالِهِ وَدَمِهِ)).

وَقَدْ بَيَّنَ الدِّينُ الْعَظِيمُ -كِتَابًا وَسُنَّةً- أَنَّ الْجِهَادَ لَيْسَ غَايَةً فِي حَدِّ ذَاتِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ.

فَالْجِهَادُ لَيْسَ هَدَفًا فِي ذَاتِهِ وَلَا غَايَةً، إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِرَفْعِ رَايَةِ الدِّينِ, وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المصدر: مَنْزِلَةُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَالْمُؤَامَرَةُ عَلَى مِصْرَ الْآنَ!!

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ
  كُنْ بَارًّا بِوَطَنِكَ وَفِيًّا لَهُ!!
  النَّفْسُ مَعَ صَاحِبِهَا كَالشَّرِيكِ فِي الْمَالِ!!
  إِذَا انْهَارَتِ الْأَخْلَاقُ انْهَارَ الْمُجْتَمَعُ
  الدرس العشرون : «حِفْظُ اللسَانِ»
  الْخُلُوصُ مِنَ الشِّرْكِ وَطَهَارَةُ الْقَلْبِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ
  الْحُبُّ الْفِطْرِيُّ لِلْأَوْطَانِ
  عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ
  شَهَادَاتُ الْمُنْصِفِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِرَحْمَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَالْإِسْلَامِ
  اللهُ لَا يُخْزِي الشَّهْمَ ذَا الْمُرُوءَةِ
  بِرُّ الْأَبَوَيْنِ سَبَبُ تَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ
  مَعَالِمُ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ
  سُبُلُ الْحِفَاظِ عَلَى الْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ
  حَثُّ اللهِ عَلَى العَمَلِ وَتَعْمِيرِ الْأَرْضِ فِي الْقُرْآنِ
  خُطُورَةُ تَغْيِيبِ وَعْيِ أَبْنَاءِ الْأُمَّةِ
  • شارك