حَقِيقَةُ الْخَوَنَةِ لِمِصْرَ الْحَبِيبَةِ فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ


((حَقِيقَةُ الْخَوَنَةِ لِمِصْرَ الْحَبِيبَةِ فِي السَّنَوَاتِ الْأَخِيرَةِ))

أَيُّ فَائِدَةٍ تَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ تَعُودُ عَلَى الْإِسْلَامِ، بَلْ تَعُودُ عَلَى مِصْرَ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَمِنْ بَثِّ الشَّحْنَاءِ وَالْكَرَاهِيَةِ، وَإِشَاعَةِ الشَّائِعَاتِ الْفَاجِرَةِ الظَّالِمَةِ، كُلُّهَا إِفْكٌ وَبُهْتَانٌ.

أَقْوَامٌ مَرَّ عَلَيْهِمْ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ؛ يَصِيحُونَ، بَلْ يَنْعَقُونَ عَلَى الْخَرَائِبِ كَالْبُومِ مِنْ دُوَلٍ تُحَارِبُ بَلَدَهُمْ، فَتُحَارِبُ تَبَعًا دِينَ بَلَدِهِمْ، تُحَارِبُ مُسْتَقْبَلَهُمْ، تُحَارِبُ أَعْرَاضَهُمْ، تُهَدِّدُهُمْ فِي أَعَزِّ مَا يَمْلِكُونَ، فِي دِينِهِمْ؛ بِمُحَاوَلَةِ إِشَاعَةِ الْفَوْضَى، وَبَثِّ رُوحِ الْكَرَاهِيَةِ وَالثَّوْرَةِ بَيْنَ أَبْنَاءِ هَذَا الْبَلَدِ الطَّيِّبِ.

مَرَّ عَلَيْهُمْ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ مِنْ شُذَّاذِ الْآفَاقِ مِنَ الْمُجْرِمِينَ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الرُّجُولَةَ، وَقَدْ فَرُّوا فِرَارَ النَّعَامِ!!

لِمَ لَمْ تَبْقُوا فِي بَلَدِكُمْ، وَتُعْلِنُوا كَلِمَتَكُمْ، وَتَتَحَمَّلُوا تَبِعَةَ مَا تَقُولُونَ، وَمَسْئُولِيَةَ مَا بِهِ تَنْطِقُونَ؟!!

أَيُّهَا الْخَوَنَةُ الْكَذَبَةُ! أَيُّهَا الْجُبَنَاءُ! يَا مَنْ فَرَرْتُمْ فِرَارَ النَّعَامِ، يُطْعِمُكُمْ وَيَغْذُوكُمْ، وَيُنْفِقُ عَلَيْكُمْ -كَمَا يُنْفِقُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ، لَا عَلَى عَبْدِهِ، بَلْ عَلَى أَمَتِهِ- أَعْدَاءُ بَلَدِكُمْ، أَعْدَاءُ دِينِكُمْ، أَعْدَاءُ مُسْتَقْبَلِكُمْ.

يُنْفِقُونَ عَلَيْكُمْ، تَنْعَمُونَ بِمَا يَبْذُلُونَ لَكُمْ مِنْ مَالٍ حَرَامٍ، فِيهِ مِنَ الْإِسْرَافِ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ وَضْعٌ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَلَوْ أَنْفَقَتْهُ دَوْلَةٌ تَمْلُكُ مَالَ الْأَرْضِ كُلَّهُ، فَهُوَ إِسْرَافٌ؛ لِوَضْعِهِ مَوْضِعَ الْمُحَارَبَةِ لِدِينِ اللهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ الْآمِنِينَ؛ مِنْ أَجْلِ إِرَاقَةِ دِمَائِهِمْ، وَاسْتِبَاحَةِ أَعْرَاضِهِمْ، وَسَلْبِ مُقَدَّرَاتِهِمْ وَثَرْوَاتِهِمْ، وَسَفْكِ دِمَائِهِمْ، وَالْعَبَثِ بِمُسْتَقْبَلِ أَبْنَائِهِمْ وَحَفَدَتِهِمْ.

مَرَّتْ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ، مَرَّتْ كَئِيبَةً حَزِينَةً يَائِسَةً عَلَى هَؤُلَاءِ، وَسَتَمُرُّ أَعْوَامٌ وَأَعْوَامٌ إِنْ لَمْ يَكُفُّوا، وَكَيْفَ يَكُفُّونَ؟!! هِيَ سَبُّوبَتُهُمْ، هِيَ مَا بِهِ يَعِيشُونَ، وَمِنْهَ يُنْفِقُونَ.

وَتَصَوَّرْ إِنْسَانًا سُلِبَتْ مِنْهُ إِنْسَانِيَّتُهُ، دَعْكَ مِنَ الدِّينِ، وَمِنَ الْمُثُلِ، وَمِنَ الْقِيَمِ، وَمِنَ التَّعَالِيمِ، وَلَكِنْ سُلِبَتْ إِنْسَانِيَّتُهُ، تَدَنَّى، فَصَارَ أَحَطَّ مِنَ الْحَيَوَانِ، فَإِنَّ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ مَا يُدَافِعُ عَنْ جُحْرِهِ، وَمِنَ الطُّيُورِ مَا يُدَافِعُ عَنْ عُشِّهِ، بَلْ مِنَ الْحَشَرَاتِ، النِّمَالُ، النَّحْلُ، يُحَافِظُونَ عَلَى وَطَنِهِمْ وَمُسْتَقَرِّهِمْ، وَيَمُوتُونَ دُونَ أَمْنِهِمْ وَدُونَ ذُرِّيَّتِهِمْ.

هَؤُلَاءِ سُلِبُوا هَذَا كُلَّهُ، فَأَنَّى يَرْعَوُونَ، وَمَتَى يَكُفُّونَ، وَحَيَاتُهُمْ مَوْصُولَةٌ بِهَذَا النَّتْنِ الَّذِي مِنْهُ وَعَلَيْهِ يَعِيشُونَ؟!!

مَرَّتْ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ يُهَيِّجُونَ هَذَا الشَّعْبَ الطَّيِّبِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَثُورَ، مِنْ أَجْلِ أَنْ يَنْتَفِضَ -كَمَا يَقُولُونَ-، وَيَدَّعُونَ أَنَّ الثَّوْرَةَ مُسْتَمِرَّةٌ!!

أَيُّ ثَوْرَةٍ؟!!

هَذِهِ كَانَتِ انْتِفَاضَةً، كَأَنَّهَا انْتِفَاضَةُ مَحْمُومٍ، وَلَّتْ وَذَهَبَتْ، وَصَحَّ الْجَسَدُ بَعْدُ، وَأَفَاقَ أَبْنَاءُ هَذَا الْوَطَنِ إِلَّا مَنْ كَانَ مُتَآمِرًا خَائِنًا، لَا يُحَافِظُ عَلَى دِينٍ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى وَطَنٍ، لَا يَنْتَمِي إِلَى أَرْضٍ وَلَا عِرْضٍ.

وَآخِرُ فُرْصَةٍ هِيَ هَذِهِ الَّتِي عَلَيْهَا الْآنَ يَتَكَالَبُونَ، وَيُقَامِرُونَ عَلَى هَذَا الشَّعْبِ؛ حَتَّى يَقِفَ نَاحِيَةً، لِكَيْ يُعَبِّرَ تَعْبِيرًا سَلْبِيًّا، نَاطِقًا بِلِسَانٍ غَيْرِ نَاطِقٍ، وَبِمَنْطِقٍ لَيْسَ سِوَى صَامِتٍ؛ أَنَّهُ لَا يَرْضَى!! وَلَكِنَّهُ مَقْمُوعٌ مَقْهُورٌ، وَكَذَبُوا!!

أَلَا تَرَى الدُّنْيَا؟!!

أَلَا تُبْصِرُ؟!!

أَلَا يَعْلَمُ مَنْ أُوتِيَ ذَرْوًا مِنَ الْعَقْلِ وَقَلِيلًا مِنَ الْحِكْمَةِ مَا يَجْرِي فِي مِصْرَ، وَمَا مَنَّ اللهُ تَعَالَى بِهِ؟!!

أَيُّ فَائِدَةٍ تَعُودُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ تَعُودُ عَلَى الْإِسْلَامِ، بَلْ تَعُودُ عَلَى مِصْرَ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ؟!!

ضَرَرٌ مَاحِقٌ.. وَخَرَابٌ مُبِينٌ.. وَفُرْقَةٌ وَشَتَاتٌ.. وَتَأَخُّرٌ لِلدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ، وَرَمْيٌ لِلْمُسْلِمِينَ بِمَا هُمْ مِنْهُ بُرَآءُ، وَتَنَازُلَاتٌ عَنْ ثَوَابِتَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ؛ لِعَدَمِ الْمُرَاعَاةِ لِلضُّغُوطِ الْعَالَمِيَّةِ؛ لِأَنَّ وَطَنَنَا تَمْخُرُ سَفِينَتُهُ بَيْنَ أَنْوَاءِ الْفِتَنِ وَعَوَاصِفِهَا فِي بَحْرِ الظُّلُمَاتِ.

يَنْبَغِي أَلَّا يُحَاوِلَ أَحَدٌ قَطُّ أَنْ يَخْرِقَ سَفِينَةَ الْوَطَنِ خَرْقًا، وَمَنْ فَعَلَ فَوَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ!!

وَيْلٌ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرِقَ السَّفِينَةَ؛ لِيُغْرِقَ أَهْلَهَا، وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ!!

وَطَنٌ تَمْخُرُ سَفِينَتُهُ فِي بِحَارٍ عَاصِفَاتٍ، وَفِتَنٍ مُدْلَهِمَّاتٍ تَهُبُّ مِنْ هَاهُنَا وَهُنَاكَ، مِنْ دَاخِلٍ وَخَارِجٍ، وَكَيْدٍ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ، وَأَمْرٍ مُسْتَقِرٍّ قَدْ جَعَلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِيهِ عِزَّةً لِلدِّينِ ظَاهِرَةً، يُفَرِّطُ فِيهَا مَنْ يَسْتَبْدِلُ بَعْرَةً بِدُرَّةٍ!!

مَنْ يَدَعُ الدُّرَّةَ الْيَتِيمَةَ لِيَلْتَقِطَ بَعْرَةً نَتِنَةً؟!!

وَمَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا مِنْ أَهْلِ الْعَقْلِ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مَائِقٌ مَجْنُونٌ، أَوْ خَائِنٌ مَفْتُونٌ، أَوْ هُمَا مَعَا.

وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.

 

المصدر:مَنْزِلَةُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَالْمُؤَامَرَةُ عَلَى مِصْرَ الْآنَ!!

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الظُّلْمُ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ
  النَّبِيُّ ﷺ الْمِثَالُ الْكَامِلُ فِي الْأَخْلَاقِ وَالْقِيَمِ
  أَثَرُ كَلَامِ الرَّحْمَنِ فِي زِيَادَةِ الْإِيمَانِ
  الْحَثُّ عَلَى رِعَايَةِ الْأَيْتَامِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  الْأُمُورُ الَّتِي يُسْتَمَدُّ مِنْهَا الْإِيمَانُ وَأَسْبَابُ زِيَادَتِهِ
  الدرس الرابع : «التَّسَامُحُ»
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى التَّوْحِيدِ
  بِدَعٌ وَضَلَالَاتٌ مُخْتَرَعَةٌ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ
  الْوَفَاءُ لِلْوَطَنِ
  أَعْظَمُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللهُ بِهَا عَلَى الثَّقَليْنِ نِعْمَةُ الرَسُولِ ﷺ
  أَنْوَاعُ الْوَفَاءِ
  الْأَمْرُ بِأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْخِيَانَةِ
  مِنْ مَعَالِمِ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ: بَيَانُ حُرْمَةِ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ
  مُخْتَصَرُ أَحْكَامِ الْأُضْحِيَةِ
  مَعَالِمُ الرَّحْمَةِ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ
  • شارك