الْأَمَلُ الْمَذْمُومُ وَسُوءُ عَاقِبَتِهِ


 ((الْأَمَلُ الْمَذْمُومُ وَسُوءُ عَاقِبَتِهِ))

الْأَمَلُ مِنْهُ مَا هُوَ مَذْمُومٌ، وَمِنْهُ مَا هُوَ مَحْمُودٌ.

أَمَّا الْأَمَلُ الْمَذْمُومُ: فَهُوَ أَنْ يَسْتَرْسِلَ الْإِنْسَانُ مَعَ الْأَمَلِ، وَلَا يَسْتَعِدَّ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ.

فَمَنْ سَلِمَ مِنْ هَذِهِ الْآفَةِ، وَهِيَ عَدَمُ الِاسْتِعْدَادِ لِلْآخِرَةِ، وَعَدَمُ الِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ، وَعَدَمُ تَرَقُّبِ الْمَوْتِ؛ أَنَّهُ يَأْتِي بَغْتَةً، وَأَنَّهُ يَقَعُ فَجْأَةً.

إِذَا سَلِمَ الْإِنْسَانُ مِنْ هَذِهِ الْآفَاتِ؛ فَإِنَّ الْأَمَلَ يَكُونُ مَحْمُودًا؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا أَنَّ اللهَ جَعَلَ الْأَمَلَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ؛ مَا اسْتَطَاعَ إِنْسَانٌ أَنْ يَعِيشَ فِيهَا لَحْظَةً وَاحِدَةً.

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْقَوَاطِعِ فِي طَرِيقِ سَيْرِ الْعَبْدِ إِلَى رَبِّهِ، وَمِنَ أَكْبَرِ الْعَوَائِقِ الَّتِي تُعَوِّقُ الْإِنْسَانَ، وَتَمْنَعُهُ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوَائِقِ: طُولَ الْأَمَلِ، وَعَدَمَ تَذَكُّرِ الْمَوْتِ.

فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْمَحْظُورِ، وَطَالَ أَمَلُهُ، وَلَمْ يَتَذَكَّرْ نِهَايَتَهُ وَأَجَلَهُ؛ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ كَثِيرُ خَيْرٍ، بَلْ يَأْتِي مِنْهُ تَخْلِيطٌ، وَتَقْصِيرٌ وَتَسْوِيفٌ.

وَأَمَّا الَّذِينَ لَا يَطُولُ أَمَلُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَيَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ بَيْنَ اللَّحْظَةِ وَالَّتِي تَلِيهَا؛ فَهَؤُلَاءِ يُحْسِنُونَ الْعَمَلَ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَقَّعُونَ النِّهَايَةَ وَالْقُدُومَ عَلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي كُلِّ لَحْظَةٍ وَكُلِّ حِينٍ.

وَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَرَادَ لَنَا فِي دِينِهِ الْعَظِيمِ، وَبَيَّنَ لَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ ﷺ أَنَّ عَلَى الْإِنْسَانِ أَلَّا يَطُولَ فِي الْحَيَاةِ أَمَلُهُ، وَأَنْ يَكُونَ مُتَوَقِّعًا لِلْمَوْتِ يَأْتِيهِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَأْتِي بَغْتَةً، وَلِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَدْرِي مَا سَيَكُونُ بَعْدَ اللَّحْظَةِ الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ فَيَنْبَغِي عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ دَائِمًا عَلَى التَّوْبَةِ، وَعَلَى تَرَقُّبِ الْعَوْدَةِ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فَيَنْظُرَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِلَى عَمَلِهِ، فَإِذَا أَحْسَنَ؛ أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْهِ، وَإِذَا أَسَاءَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.

 

المصدر:الْأَمَلُ

 

 

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  حَثُّ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّرَقِّي فِي الْعُلُومِ الْمَادِّيَّةِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ لِلْحِفَاظِ عَلَى الْأَوْطَانِ: الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي حُقُوقِ الْحُكَّامِ
  الدرس الرابع : «التَّسَامُحُ»
  تَرْبِيَةُ الطِّفْلِ عَلَى الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ
  حِفْظُ النَّفْسِ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ فِى دِينِ الْإِسْلَامِ
  مِنْ دُرُوسِ وَفَوَائِدِ قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: طَاعَةُ الْوَلَدِ لِأَبِيهِ فِي أَمْرِ اللهِ تَعَالَى
  عَوَاقِبُ التَّعَدِّي عَلَى النِّظَامِ الْعَامِّ
  دَوَاءُ الْقَلْبِ فِي مَحَبَّةِ الرَّبِّ -جَلَّ وَعَلَا-
  أُصُولُ الشَّرِيعَةِ سَبِيلُ صَلَاحِ النَّاسِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: رِعَايَةُ الْأَهْلِ وَتَعْلِيمُهُمْ
  رَمَضَانُ.. كَيْفَ نَحْيَاهُ؟
  الْجِهَادُ تَضْحِيَةُ أَفْرَادٍ لِحِمَايَةِ دِينٍ وَأُمَّةٍ
  خُطُورَةُ الْكَذِبَةِ تَبْلُغُ الْآفَاقَ
  رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ
  الدرس السابع عشر : «حُسْنُ الخُلُقِ»
  • شارك