الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَيْتَامِ وَرِعَايَتُهُمْ


 ((الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَيْتَامِ وَرِعَايَتُهُمْ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَطَرِيقَتِهِمُ: الْإِحْسَانَ إِلَى الْيَتَامَى  وَالْمَسَاكِينِ.

وَالْيَتَامَى: جَمْعُ يَتِيمٍ، وَهُوَ لُغَةً: الْمُنْفَرِدُ.

وَشَرْعًا: مَنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَالْيُتْمُ لَا يَكُونُ بَعْدَ الِاحْتِلَامِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَصْفٌ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغِ الْحُلُمَ مِمَّنْ مَاتَ أَبُوهُ.

وَأَمَّا مَنْ مَاتَتْ أُمُّهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ، فَهُوَ لَطِيمٌ.

فَمَنْ مَاتَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَهُوَ عَدِيمٌ.

فَأَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ يَأْمُرُونَ بِالْإِحْسَانِ إِلَى هَؤُلَاءِ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ.

لَقَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى، وَهُوَ: رِعَايَةُ أَحْوَالِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَالشَّفَقَةُ بِهِمْ، وَكَذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَثَّ عَلَيْهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ.

وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَتِيمَ قَدِ انْكَسَرَ قَلْبُهُ بِفَقْدِ أَبِيهِ، فَهُوَ فِي حَاجَةٍ إِلَى الْعِنَايَةِ وَالرِّفْقِ.

وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْيَتَامَى يَكُونُ بِحَسَبِ الْحَالِ فَقَدْ يَكُونُ الْيَتِيمُ غَنِيًّا لَا يَحْتَاجُ إِلَى مَالٍ، وَلَكِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى التَّعَقُّلِ؛ حَتَّى لَا يَكُونَ بِفَقْدِ رِقَابَةِ الْأَبِ عُرْضَةً لِإِغْوَاءِ أَهْلِ الشَّرِّ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَصِلَ بِهِ الْمَرْءُ ذَلِكَ الْيَتِيم فِي كَثِيرٍ مِنَ الْإِحْسَانِ فِي أَخْلَاقِهِ وَدِينِهِ وَتَعْلِيمِهِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَفِّهِ عَنِ الشُّرُورِ وَمُخَالَطَةِ أَهْلِ السُّوءِ.

وَكَانُوا قَدِيمًا إِذَا فَقَدَ الْيَتِيمُ أَبَاهُ، فَإِنَّهُ لَا يَفْقِدُ مِنْهُ إِلَّا شَخْصَهُ، يَعْنِي إِذَا مَاتَ الْعَائِلُ، فَإِنَّ الْأُسْرَةَ لَا تَفْقِدُ إِلَّا شَخْصَهُ، وَأَمَّا الْمَصَالِحُ كُلُّهَا فَتُقْضَى؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا عَلَى حَسَبِ مَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ.

وَالْمَسَاكِينُ: هُمُ الْفُقَرَاءُ، وَهُوَ هُنَا شَامِلٌ لِلْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ.

فَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ مِمَّا أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ فِي آيَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَجَعَلَ لَهُمْ حُقُوقًا خَاصَّةً فِي الْفَيْءِ وَغَيْرِهِ.

وَوَجْهُ الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ أَنَّ الْفَقْرَ أَسْكَنَهُمْ، وَأَضْعَفَهُمْ، وَكَسَرَ قُلُوبَهُمْ، فَكَانَ مِنْ مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ أَنْ نُحْسِنَ إِلَيْهِمْ؛ جَبْرًا لِمَا حَصَلَ لَهُمْ مِنَ النَّقْصِ وَالِانْكِسَارِ.

  

المصدر:رِعَايَةُ الْأَيْتَامِ وَاجِبٌ دِينِيٌّ وَمُجْتَمَعِيٌّ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْحَثُّ عَلَى وَحْدَةِ الصَّفِّ فِي الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ وَثَمَرَاتُهَا
  دِينُ اللهِ مُحَارَبٌ، وَلَكِنَّهُ دِينٌ مَنْصُورٌ عَزِيزٌ
  تَعَلُّقُ الْخِيَانَةِ بِالضَّمِيرِ
  المَوْعِظَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ ((رَمَضَانُ شَهْرُ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ))
  الْهِجْرَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ
  نَصِيحَةٌ غَالِيَةٌ بَيْنَ يَدَيِ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ
  الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ، وَاعْتِقَادٌ، وَعَمَلٌ وَأَنَّهُ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ
  عَدَمُ مُبَالَاةِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ!!
  عِيشُوا بِالْوَحْيِ تَسْعَدُوا!
  الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ شِفَاءٌ وَحِفْظٌ بِقَدَرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  مِنْ دُرُوسِ الْهِجْرَةِ: تَوْزِيعُ الْمَهَامِّ الْمُحْكَمُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ
  لِمَاذَا يُدَمِّرُونَ دِمَشْقَ الْخِلَافَةَ؟!!
  الْأَمَانَةُ فِي الْعَمَلِ
  الْأَمَلُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ وَشَرْعِهِ بِالْأُمَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ
  • شارك