رِعَايَةُ اللهِ لِيَتَامَى مِنْ خَيْرِ الْبَشَرِ


 ((رِعَايَةُ اللهِ لِيَتَامَى مِنْ خَيْرِ الْبَشَرِ))

لَقَدِ ابْتَلَى اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أُنَاسًا مِنْ خَيْرِ الْبَرِيَّةِ؛ فَجَعَلَهُمْ أَيْتَامًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ، وَآوَاهُمْ -جَلَّ وَعَلَا-، وَمِنْهُمْ: نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ ﷺ، فَقَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لَهُ ﷺ: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى: 6].

أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا صَغِيرًا فَقِيرًا حِينَ مَاتَ أَبَوَاكَ وَلَمْ يُخَلِّفَا لَكَ مَالًا وَلَا مَأْوًى، فَجَعَلَ لَكَ مَأْوًى تَأْوِي إِلَيْهِ، وَضَمَّكَ إِلَى عَمِّكَ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى أَحْسَنَ تَرْبِيَتَكَ وَكَفَاكَ الْمَئونَةَ.

وَتَقَبَّلَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مَرْيَمَ -عَلَيْهَا السَّلَامُ- بِالْقَبُولِ الْحَسَنِ، وَضَمَّهَا إِلَى زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ مِنْ أَجْلِ تَرْبِيَتِهَا وَرِعَايَتِهَا؛ فقال -جَلَّ وَعَلَا-: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [آل عمران: 37].

فَتَقَبَّلَ اللهُ تَعَالَى مَرْيَمَ قَبُولًا حَسَنًا، وَأَجْرَى الْأَسْبَابَ الْمَعْرُوفَةَ عِنْدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِقَبُولِهَا فِي خِدْمَةِ الْهَيْكَلِ، وَأَنْبَتَهَا رَبُّهَا نَبَاتًا حَسَنًا، فَنَبَتَتْ نَبَاتًا حَسَنًا.

وَضَمَّهَا اللهُ تَعَالَى إِلَى زَكَرِيَّا، وَجَعَلَهُ كَافِلًا لَهَا، وَمَسْئُولًا عَنْ رِعَايَتِهَا وَتَرْبِيَتِهَا، وَضَامِنًا لِمَصَالِحِهَا، بِالْقُرْعَةِ الَّتِي أَجْرَوْهَا حِينَمَا اخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَكْفُلُهَا.

وَأَسْكَنَهَا فِي مَكَانِ عِبَادَتِهِ، وَكَانَ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا مَكَانَ عِبَادَتِهَا؛ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا هَنِيئًا مُعَدًّا، وَفَاكِهَةً فِي غَيْرِ وَقْتِهَا، قَالَ زَكَرِيَّا -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: يَا مَرْيَمُ! مِنْ أَيْنَ لَكِ هَذَا الرِّزْقُ الطَّيِّبُ؟

قَالَتْ مَرْيَمُ: هُوَ رِزْقٌ مِنْ عِنْدَ اللهِ، لَيْسَ مِنْ عِنْدِ أَحَدٍ مِنَ الْبَشَرِ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ رِزْقًا كَثِيرًا بِغَيْرِ عَدَدٍ وَلَا إِحْصَاءٍ.

  

المصدر:رِعَايَةُ الْأَيْتَامِ وَاجِبٌ دِينِيٌّ وَمُجْتَمَعِيٌّ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْعُمُرُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ
  اسْتِقْبَالُ الْعَشْرِ بِالِاجْتِهَادِ فِي أَدَاءِ الْحُقُوقِ وَسَدَادِ الدُّيُونِ
  شَهْرُ الْحَصَادِ وَسُنَّةُ الصَّوْمِ فِيهِ
  نَمَاذِجُ مِنْ وَرَعِ الصَّحَابَةِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-، وَالتَّابِعِينَ
  المَوْعِظَةُ الخَامِسَةَ عَشْرَةَ : ((جُمْلَةٌ مِنْ أُصُولِ الْعَقِيدَةِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ (2) ))
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: عِظَمُ قَدْرِ الصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَامِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهَا
  الدرس السابع : «العَدْلُ»
  أَفْضَلُ الصُّوَّامِ أَكْثَرُهُمْ ذِكْرًا للهِ
  رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغَزَوَاتِ وَالْحُرُوبِ
  بَيَانُ فَضْلِ الْعِلْمِ وَالْعُلَمَاءِ
  مُحَمَّدٌ ﷺ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، وَدِينُهُ دِينُ الرَّحْمَةِ
  فَوَائِدُ مِنْ دَوْرَةِ الْإِمَامِ الطَّبَرِيِّ -رَحِمَهُ اللهُ-
  مَنْزِلَةُ السُّنَّةِ فِي الْإِسْلَامِ وَحُجِّيَّتُهَا
  حَضُّ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّرَقِّي فِي الْعُلُومِ وَالصِّنَاعَاتِ
  الدُّرُوسُ الْمُسْتَفَادَةُ مِنْ خُطْبَةِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ
  • شارك