التَّعْلِيقُ عَلَى أَحْدَاثِ سُورِيَّا وَضَيَاعِ دِمَشْقِ الْخِلَافَةِ وَحَلَبِ الْعِلْمِ


((التَّعْلِيقُ عَلَى أَحْدَاثِ سُورِيَّا وَضَيَاعِ دِمَشْقِ الْخِلَافَةِ وَحَلَبِ الْعِلْمِ))

إِنَّ الصَّلِيبِيِّينَ الْمُجْرِمِينَ لَا يُحَرِّكُهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِلَّا عَقَائِدُهُمُ الْكَافِرَةُ وَثَارَاتُهُمُ الْقَدِيمَةُ.

وَفِي تَارِيخِهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْهَزَائِمِ وَالِانْكِسَارَاتِ عَلَى أَيْدِي جُنْدِ الشَّامِ، فَكَمْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ انْتِصَارَاتٍ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ. 

فَفِي عَهْدِ (الدَّوْلَةِ الْأَيُّوبِيَّةِ) لَمَّا خَرَجَ (صَلَاحُ الدِّين)، وَمَعَهُ مَنْ مَعَهُ مِنْ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ؛ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ الْمَيَامِينِ، مَعَ جُمْلَةِ مَنْ خَرَجَ مِنْ جُنْدِ الْمِصْرِيِّينَ، كَانَ تَطْهِيرُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ إِجْلَاءِ الصَّلِيبِيِّينَ الَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَنْسِفُوا الْإِسْلَامَ نَسْفًا، وَأَنْ يَقْضُوا عَلَى أَهْلِهِ قَضَاءً مُبْرَمًا، وَلَمْ يَبْلُغُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا.

*أَحْدَاثُ سُورِيَّا وَتَدْمِيرُ تَارِيخِهَا وَحَضَارَتِهَا:

لْنَنْظُرْ إِلَى مَا يَحْدُثُ فِي سُورِيَّا الْيَوْمَ...

سُورِيَّا خَرَجَتْ مِنْ حِسَابِ الْقُوَى فِي الْمَنطِقَةِ وَسَتَعُودُ إِلَى الْعَصرِ الْحَجَرِيِّ!!

كَانَ عَلَى رَأسِهَا رَئِيسٌ ظَالِمٌ جَائِرٌ مُنْحَرِفٌ مُبْتَدِعٌ وَبَعْضُهُمْ يُكَفِّرُهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بَعثِيًّا أَوْ هُوَ مَا زَالَ وَهُوَ نُصَيْرِيٌّ لَيْسَ مِنْ أَهلِ السُّنَّة، كُلُّ هَذِهِ الْعِبَرِ فِيهِ وَلَكِنَّ الْأَسلِحَةَ الَّتِي تَمتَلِكُهَا الدَّوْلَةُ تَمْتَلِكُهَا الدَّوْلَةُ!!

الْآنَ سَتُدَمَّرُ وَحِلْفُ الْأَطْلَسِيِّ سَيَأْتِي لِيُدَمِّرَهَا بِحُجَّةِ أَلَّا تَقَعَ فِي أَيْدِي الْإِرْهَابِيِّينَ، فَمَا الَّذِي تَمْلِكُهُ سُورِيَّا بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْقُوَّةِ؟!!

لَا شَيْءَ!!

وَيَقُولُونَ: سَنُقِيمُ الْحُكُومَةَ الْإِسْلَامِيَّةَ!!

يَا خَوَنَةُ أَيُّ حُكُومَةٍ إِسْلَامِيَّةٍ؟!!

سَتُحَارِبُونَ بِسِكِّينِ الْمَطبَخِ وَعَصَا الرَّاعِي!! أَيُّ سِلَاحٍ مَعَكُمْ؟!

سَتَحْتَاجُونَ مِئَةَ عَامٍ لِإِعَادَةِ الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ، سَيَقِفُ أَعْدَاؤكُمْ نَاحِيَةً لِيَتَفَرَّجُوا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ تَبْنُونَ قَوَاعِدَ الْمَجْدِ وَحْدَكُمْ كَمَا يَحْدُثُ فِي مِصْرَ!!

لَقَدْ تَخَلَّفْتُمْ قُرُونًا لِخُرُوجِكُمْ عَلَى الْكَافِرِ الظَّالِمِ الْمُبتَدِعِ... مَا شِئْتُمْ مِنَ الْوَصْفِ وَلَكِنَّهَا دَوْلَةٌ مُتَمَاسِكَةٌ.

وَأَمَّا مَا يَحْدُثُ فِي سُورِيَّا فَهُوَ الَّذِي وَقَعَ فِي مِصْرَ وَفِي لِيبيَا وَفِي الْيَمَنِ وَفِي السُّودَانِ سَتَصِيرُ إِلَى أَهْلِ سُنَّةٍ وَرَوَافِضَ نُصَيْرِيِّينَ، وَالْأَكرَادُ لَهُمُ امْتِدَادٌ مَعَ تُرْكِيَا فَسَيَقُولُونَ نُرِيدُ حُكْمًا ذَاتِيًّا!!

سَتَصِيرُ سُورِيَّا أَرْبَعَ دُوَيْلَاتٍ فِي الْمَنطِقَةِ وَهِيَ مُتَاخِمَةٌ، جُزْءٌ مِنْهَا مُحْتَلٌّ فِي أَيْدِي الْيَهُودِ هَضَبَةُ الْجُولَانِ مُحْتَلَّةٌ، فَمَا الَّذِي بَقِيَ مِنْهَا؟!

يَقُولُونَ: نُرِيدُ أَنْ نُزِيلَ النِّظَامَ الظَّالِمَ؛ أَنْتُمُ الظَّلَمَةُ...

النِّظَامُ ظَالِمٌ لَا خِلَافَ عَلَيهِ، وَلَكِنَّ الدَّولَةَ مُتَمَاسِكَةٌ وَمَا اجْتَرَأَ عَلَيْنَا الْغَرْبُ إِلَّا بَعْدَ أَنْ وَقَعَ مَا يُسَمَّى بِالرَّبِيعِ الْعَرَبِيِّ صَارُوا يَمْرَحُونَ فِي دِيَارِنَا وَيَأْمُرُونَنَا وَيَنْهَوْنَنَا!!.

*هَدْمُ دِمَشْقِ الْخِلَافَةِ وَتَدْمِيرُهَا:

دِمَشْقُ هِيَ عَاصِمَةُ دَارِ الْإِسْلَامِ، دِمَشْقُ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالْحَضَارَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ الْعَرَبِيَّةِ، دِمَشْقُ الْأُمَوِيِّينَ.

يَتَتبَّعُونَ الْحَواضِرَ الْإِسْلَامِيَّةَ الَّتِي نَمَتْ فِيهَا حَضَارَةُ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ، وَتَرسَّخَتْ أُصُولُهَا، وَتَأَسَّسَتْ عَلَى أُسُسِهَا، انْتَقَلَ الْقَصْفُ إِلَى دِمَشْقَ...

دِمَشْقُ... بَغْدَادُ بَغْدَادُ الرَّشِيدِ ثُمَّ الْعَيْنُ عَلَى الْقَاهِرَةِ، فَهَذِهِ هِيَ الْحَوَاضِرُ الثَّلَاثُ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَشرِقِ الْعَرَبِيِّ الْإِسْلَامِيِّ، الْمُسْلِمُونَ لَا يَلْتَفِتُونَ؛ فَلْتُهْدَمْ دِمَشْقُ عَلَى رُءُوسِ أَبْنَائِهَا، يُخَوِّنُونَ وَيَتَكَلَّمُونَ وَيَهرِفُونَ بِمَا لَا يَعْرِفُونَ.

إِنَّهُ مَجْدُكُمْ... تُرَاثُكُمْ... يُدَمَّرُ تَدْمِيرًا؛ حَتَّى لَا تَكُونَ لَكُمْ جُذُورٌ، وَكُلُّ أُمَّةٍ لَا مَاضِيَ لَهَا فَلَا مُسْتَقْبَلَ لَهَا حَاضِرُهَا ضَائِعٌ مُبَعْثَرٌ مُبَدَّدٌ وَأَمَّا مُسْتَقْبَلُهَا فَغَائِمٌ لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ!! أَيْنَ أَنْتُمْ؟! وَأَيْنَ عُقُولُكُمْ؟!.

*عَوَاقِبُ الثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ الْوَخِيمَةُ:

إِنَّ السُّورِيِّينَ قَدْ تَشَتَّتُوا فِي الْأَرْضِ!! جَمَعَ اللهُ شَتَاتَهُمْ وَرَفَعَ اللهُ الْكَرْبَ عَنْهُمْ.

أَلَا تَرَوْنَ الْحَرَائِرَ مِنَ السُّورِيَّاتِ يَتَكَفَّفْنَ النَّاسَ إِحْسَانًا فِي الطُّرُقَاتِ وَأَمَامَ الْمَسَاجِدِ، وَيَتَعَرَّضُ الْعِرْضُ الْمَصُونُ لِلذِّئَابِ الْبَشَرِيَّةِ الَّتِي لَا تَرْقُبُ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً، أَيُرَادُ لِلْمِصْرِيَّاتِ أَنْ يَكُنَّ كَأُولَئِكَ السُّورِيَّاتِ -حَفِظَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْجَمِيعَ-.

تَأَمَّلُوا فِيمَا يَجْرِي الْآنَ فِي سُورِيَّا!!

الثُّلُوجُ!!

الصَّقِيعُ!!

الْبَرْدُ الْمُهْلِكُ!!

دَرَجَةُ الْحَرَارَةِ تَحْتَ الصِّفْرِ!!

وَالْأَطْفَالُ! وَالنِّسَاءُ! وَالشُّيُوخُ! وَالْعَجَائِزُ! وَالزَّمْنَى! وَالْمَرْضَى...لَا يَجِدُونَ دِفْئًا!!

لَا يَجِدُونَ طَعَامًا!!

لَا يَجِدُونَ شَرَابًا وَلَا عِلَاجًا وَلَا دَوَاءً!!

يَتَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ وَلَا يَجِدُونَهُ!!

لِمَاذَا؟!!

لِأَنَّ الْأَشَاوِسَ الَّذِينَ دَعَوْا إِلَى الثَّوْرَةِ هُنَالِكَ لَا يُدْرَى الْآنَ أَيْنَ هُمْ؟!!

وَالَّذِينَ تَبِعُوهُمْ فِي السُّوءِ وَبِالسُّوءِ مَا زَالُوا فِي غَيِّهِمْ سَادِرِينَ، وَلَا يُعَانِي إِلَّا أُولَئِكَ!!

نِسَاءٌ عَفِيفَاتٌ شَرِيفَاتٌ عَالِقَاتٌ عَلَى الْحُدُودِ بَيْنَ سُورِيَّا الْجَرِيحِ وَتُرْكِيَا!!

لَا يَرْحَمُهُنَّ أَحَدٌ، وَلَا يُبَالِي بِهِنَّ أَحَدٌ!!

عَالِقَاتٌ بَيْنَ سُورِيَّا الْجَرِيحِ وَالْأُرْدُنِّ فِي الثُّلُوجِ! فِي الْمُعَانَاةِ! فِي الْأَلَمِ! فِي الْبُكَاءِ! فِي نَزِيفِ الدَّمْعِ يَنْهَلُ مِنَ الْقُلُوبِ!

مَنْ يَرْحَمُ الْأَطْفَالَ؟!!

مَنْ يَرْحَمُ النِّسْوَةَ؟!!

مَنْ يَرْحَمُ الْعَجَائِزَ؟!!

مَنْ يَرْحَمُ الشُّيُوخَ؟!!

مَنْ يَرْحَمُ الْمَرْضَى؟!!

الْعَالَمُ لَا يُبَالِي!!

فَصَارَتْ سُورِيَّا مُعْتَرَكًا تَتَعَارَكُ فِيهِ كُلُّ قُوَى الْبَاطِلِ، وَمِنْ قَبْلُ أُعْلِنَتِ الثَّوْرَةُ الْإِسْلَامِيَّةُ فِي سُورِيَّا؛ فَأَيْنَ هِي؟!!

وَأَيْنَ نَتَائِجُهَا؟!!

وَمَنْ كَانَ وَقُودَهَا وَمَا زَالَ؟!!

يَصْلَى بِنَارِهَا، وَيَحْتَرِقُ فِي جَحِيمِهَا، وَيَتَقَلَّبُ فِي سَعِيرِهَا مَنْ كَانَ كَذَلِكَ؟!!

إِنَّهُمُ الْمَسَاكِينُ!!

إِنَّهُمُ الْمَسَاكِينُ وَالْعَجَزَةُ!!

وَأَمَّا الْآخَرُونَ؛ يَأْكُلُونَ! يَشْرَبُونَ! يَتَنَعَّمُونَ! يَتَنَاكَحُونَ! لَا يُبَالُونَ!!

اتَّقُوا اللهَ فِي وَطَنِكُمْ -عِبَادَ اللهِ-، وَاتَّقُوا اللهَ فِي أَوْطَانِكُمْ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ؛ فَإِنَّهَا مُسْتَهْدَفَةٌ مُرَادَةٌ مَطْلُوبَةٌ.

إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا=وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي

وَلَوْ نَارًا نَفَختَ بِهَا أَضَاءَتْ=وَلَكِنْ أَنْتَ تَنْفُخُ فِي رَمَادِ

وَإِلَى اللهِ الْمُشْتَكَى وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

  المصدر:فَضْلُ الدِّفَاعِ عَنِ الْأَوْطَانِ وَالْعَمَلُ عَلَى وَحْدَةِ صَفِّهَا

 

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  الْعِلْمُ وَالْقُوَّةُ الْعَسْكَرِيَّةُ مِنْ سُبُلِ بِنَاءِ الْأُمَمِ
  حِكَمُ تَشْرِيعِ الزَّكَاةِ
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ
  مَعَانِي الْوَفَاءِ
  ثَمَرَاتُ حُسْنِ الْخُلُقِ
  الدرس الثاني : «الْإِخْلَاصُ»
  الرَّدُّ عَلَى افْتِرَاءَاتِ الْمَادِّيِّينَ الْجَاهِلِينَ أَنَّ الْعُلُومَ الْعَصْرِيَّةَ وَالْمُخْتَرَعَاتِ الْحَدِيثَةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ
  حَثُّ النَّبِيِّ عَلَى العَمَلِ وَتَعْمِيرِ الْأَرْضِ فِي سُنَّتِهِ
  فَضْلُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فِي الْقُرْآنِ
  ضَرُورَةُ الْحِفَاظِ عَلَى نَظَافَةِ الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ
  تَيَّقَظْ وَانْتَبِهْ!!
  احْذَرْ مِنَ الْبَطَالَةِ وَمِنَ الْفَارِغِينَ!!
  كِبَارُ السِّنِّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  أَدِلَّةُ تَحْرِيمِ الْمُسْكِرَاتِ وَالْمُخَدِّرَاتِ
  أَدَبُ خَفْضِ الصَّوْتِ
  • شارك