قِبْلَةُ المُسْلِمِينَ خَيْرُ القِبَلِ وَعِظَمُ شَرَفِ مَكَّةَ


((قِبْلَةُ المُسْلِمِينَ خَيْرُ القِبَلِ وَعِظَمُ شَرَفِ مَكَّةَ))

فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَاسْتِقْبَالِ الْمُسْلِمِينَ أَيْنَمَا كَانُوا لِهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ:

*بَيَانٌ لِمَكَانتِهِ، وَتَمَيُّزِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَمْكِنَةِ؛ فَهُوَ مَهْبِطُ الْوَحْيِ، وَمُنْطَلَقُ الرِّسَالَةِ، وَمَهْوَى الْأَفْئِدَةِ، وَمَقْصِدُ الْمُسْلِمِينَ فِي حَجِّهِمْ وَعُمْرَتِهِمْ.

وَهُوَ قِبْلَتُهُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، قَدْ شَرَّفَهُ اللهُ -جَلَّ شَأْنُهُ- بِهَذَا الشَّرَفِ الَّذِي لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ.

*فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ إِلَى مَكَّةَ تَأْكِيدٌ لِوَسَطِيَّةِ هَذِهِ الْبُقْعَةِ جُغْرَافِيًّا فِي سَبَبِ اخْتِيَارِ هَذِهِ الْجَزِيرَةِ؛ لِتَكُونَ مُنْطَلَقًا لِلرِّسَالَةِ الْخَاتِمَةِ، هَذِهِ الْجَزِيرَةُ وَسَطُ الْعَالَمِ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الأنعام: 92].

وَهَذَا الِاخْتِيَارُ يَعْنِي أَنْ تَكُونَ مَكَّةُ مُنْطَلَقَ تَحْدِيدِ الْجِهَاتِ؛ لَكِنَّنَا -وَا أَسَفَاهُ!!- تَابَعْنَا الْمُسْتَعْمِرِينَ مِمَّنِ احْتَلَّ أَرْضَنَا، وَاحْتَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ عُقُولَنَا وَأَرْوَاحَنَا وَأَفْئِدَتَنَا، وَتَلَقَّيْنَا مُصْطَلَحَاتِهِمْ، وَسَلَّمْنَا لَهُمْ.

وَلَوْ فَكَّرْنَا قَلِيلًا؛ لَأَدْرَكْنَا الْمَعَانِيَ الْحَقِيقِيَّةَ لِكَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْمُصْطَلَحَاتِ، وَأَنَّهَا لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِوَاقِعِنَا، وَلَا بِتَارِيخِنَا!!

يَقُولُونَ مَثَلًا: الشَّرْقُ الْأَدْنَى، وَالشَّرْقُ الْأَقْصَى، وَالشَّرْقُ الْأَوْسَطُ؛ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمِرَ الْأُورُبِّيَّ اعْتَبَرَ نَفْسَهُ فِي مَرْكَزِ الْأَرْضِ، فَأَطْلَقَ هَذَا التَّوْزِيعَ بِالنِّسْبَةِ لِمَوْقِعِهِ هُوَ، وَجَارَيْنَاهُ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، وَنَسِينَا أَنَّنَا هُنَا نَحْنُ الْوَسَطُ، وَنَحْنُ الْمَرْكَزُ.

وَأَنَّ هَذِهِ الْوَسَطِيَّةَ الْمَكَانِيَّةَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِبِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَنْطَلِقَ تَحْدِيدُ الْجِهَاتِ مِنْهَا، وَأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي وَقْتِ قُوَّةِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَعِزَّتِهَا، أَمَّا الْآنَ وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ فَأَصْبَحَ لَيْسَ لِبُقْعَتِهَا إِلَّا أَنْ يُقَالَ عَنْهَا: الشَّرْقُ الْأَوْسَطُ!

النَّبِيُّ ﷺ اخْتَارَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لَهُ خَيْرَ الْقِبَلِ، وَالْمُسْلِمُونَ هُمْ أَهْلُ الْقِبْلَةِ، يَتَوَجَّهُونَ إِلَيْهَا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، فِي صَلَاتِهِمْ وَعِنْدَ مَمَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُمْ فِي قُبُورِهِمْ يُوَجَّهُونَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ، فَهِيَ قِبْلَةُ الْمُسْلِمِينَ أَمْوَاتًا وَأَحْيَاءً؛ فَعَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ فِي أَهْلِ الْقِبْلَةِ.

 

المصدر:تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ.. دُرُوسٌ وَعِبَرٌ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  بِدَعٌ وَضَلَالَاتٌ مُخْتَرَعَةٌ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ
  دَوَاءُ الْقَلْبِ فِي مَحَبَّةِ الرَّبِّ -جَلَّ وَعَلَا-
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: طَلَبُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ
  مَظَاهِرُ الِابْتِلَاءِ
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْعِبَادَاتِ الْعَظِيمَةِ
  الْحَثُّ عَلَى اسْتِغْلَالِ مَرْحَلَةِ الشَّبَابِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْعَمَلِ
  الْأَهْدَافُ السِّيَاسِيَّةُ الْإِسْرَائِيلِيَّةُ فِي الْقُدْسِ
  شِدَّةُ إِيذَاءِ قُرَيْشٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْهِجْرَةُ إِلَى الْحَبَشَةِ
  مَحَبَّةُ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلُهُ وَهُوَ صَائِمٌ
  رِسَالَةُ الْمُسْلِمِينَ: دَعْوَةُ الْعَالَمِ إِلَى التَّوْحِيدِ بِالرَّحْمَةِ وَالْعَدْلِ
  الدرس السادس : «الأَمَانَةُ»
  الْخُلُوصُ مِنَ الشِّرْكِ وَطَهَارَةُ الْقَلْبِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ
  قَضِيَّةُ الْأُمَّةِ قَضِيَّةُ فِلَسْطِينَ
  صِلْ مَنْ قَطَعَكَ
  مَنْزِلَةُ الزَّكَاةِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ
  • شارك