حِفْظُ النَّفْسِ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ فِى دِينِ الْإِسْلَامِ


مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ قَدْ جَاءَتْ بِحِفْظِ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ، وَحَرَّمَتْ الِاعْتِدَاءَ عَلَيْهَا، وَهِيَ: ((الدِّينُ، وَالنَّفْسُ، وَالْمَالُ، وَالْعِرْضُ، وَالْعَقْلُ)).

 

وَلَا يَخْتَلِفُ الْمُسْلِمُونَ فِى تَحْرِيمِ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْأَنْفُسِ الْمَعْصُومَةِ فِى دِينِ الْإِسْلَامِ:

 

إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً، فَلَا يَجُوزُ بِحَالٍ الِاعْتِدَاءُ عَلَى النَّفْسِ الْمُسْلِمَةِ وَقَتْلُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.

 

وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ غَيْرَ مُحَارِبَةٍ، فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا الِاعْتِدَاءُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.

 

وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدِ ارْتَكَبَ كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ؛ قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} «النساء: 93».

 

وَقَالَ تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِى الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ} «المائدة: 32».

قَالَ مُجَاهِدٌ -رَحِمَهُ اللهُ- فِى (الْإِثْمِ): (وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ قَتْلِ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ).

 

وَاللهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قَدْ حَفِظَ لِلنَّاسِ أَدْيَانَهُمْ، وَأَبْدَانَهُمْ، وَأَرْوَاحَهُمْ، وَأَعْرَاضَهُمْ، وَعُقُولَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ، بِمَا شَرَعَهُ مِنَ الْحُدُودِ وَالْعُقُوبَاتِ الَّتِى تُحَقِّقُ الْأَمْنَ الْعَامَّ وَالْخَاصَّ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} «المائدة: 32».

 

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِى الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ

لَهُمْ خِزْيٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} «المائدة: 33».

وَتَطْبِيقُ ذَلِكَ كَفِيلٌ بِإِشَاعَةِ الْأَمْنِ وَالِاطْمِئْنَانِ، وَرَدْعِ مَنْ تُسَوِّلُ لَهُ نَفْسُهُ الْإِجْرَامَ وَالِاعْتِدَاءَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِى أَنْفُسِهِمْ، وَمُمْتَلَكَاتِهِمْ.

 

وَالْأَصْلُ أَنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْرَاضَهَمْ مُحَرَّمَةٌ مِنْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، لَا تَحِلُّ إِلَّا بِإِذْنٍ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ: لَمَّا خَطَبَهُمْ فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ: (إِنَّ دِمَاءكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَومِكُمْ هَذَا فِى شَهْرِكُمْ هَذَا فِى بَلَدِكُمْ هَذَا). أَخْرَجَاهُ فِى (الصَّحِيحَيْنِ).

 

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ).

 

أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِى (صَحِيحِهِ).

 

وَفِى (الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِى الدِّمَاءِ).

 

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِى فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَا يُصِبْ دَمًا حَرَامًا). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِى (صَحِيحِهِ).

 

فَتَأَمَّلْ فِى هَذَا كُلِّهِ، وَحَكِّمْ عَقْلَكَ، وَشِحَّ عَلَى آخِرَتِكَ، وَاتَّقِ اللهَ رَبَّكَ وَاحْذَرْ الْفِتَنَ ظَاهِرَهَا وَبَاطِنَهَا.

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  فَضَائِلُ وَثَمَرَاتُ الزَّكَاةِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ
  خُطُورَةُ الْمَعَاصِي وَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْحَجِّ
  فَضْلُ تَعْلِيمِ الْعِلْمِ
  اهْتِمَامُ الْإِسْلَامِ بِالطِّفْلِ قَبْلَ وِلَادَتِهِ
  أَحَادِيثُ ثَابِتَةٌ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ
  يَوْمُ النَّحْرِ عِيدُنَا وَأَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ
  تَحْقِيقُ الْإِيجَابِيَّةِ بِالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى
  الْعُلُومُ وَالْأَعْمَالُ النَّافِعَةُ الْعَصْرِيَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ
  خُطُورَةُ الشَّائِعَاتِ عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: حُسْنُ الْخُلُقِ
  مِنْ دُرُوسِ الْهِجْرَةِ: بِنَاءُ الْأُمَّةِ عَلَى الْمَسْجِدِ وَالْمُؤَاخَاةِ
  احْذَرْ الِاسْتِهَانَةَ؛ فَبِهَا الْهَلَاكُ!!
  وَسَائِلُ لِتَحْقِيقِ الْإِيجَابِيَّةِ فِي حَيَاةِ الْمُسْلِمِ
  مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: الْأَمَانَةُ، وَالِاجْتِهَادُ فِي الْعَمَلِ
  رَحْمَةُ النَّبِيِّ ﷺ فِي السِّلْمِ وَالْحَرْبِ
  • شارك