الْجِهَادُ تَضْحِيَةُ أَفْرَادٍ لِحِمَايَةِ دِينٍ وَأُمَّةٍ


 

 ((الْجِهَادُ تَضْحِيَةُ أَفْرَادٍ لِحِمَايَةِ دِينٍ وَأُمَّةٍ))

لَقَدِ امْتَحَنَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالرُّكُوعِ فَاسْتَجَابُوا طَائِعِينَ.

وَامْتَحَنَهُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَفْعِ الْمَالِ فَاسْتَجَابُوا طَائِعِينَ.

وَامْتَحَنَهُمْ بِالْحَجِّ، وَالصَّوْمِ، وَتَرْكِ الشَّهَوَاتِ فَلَبَّوْا -كَذَلِكَ- طَائِعِينَ.

ثُمَّ جَاءَ الِامْتِحَانُ الْأَكْبَرُ، وَالِاخْتِبَارُ الْأَعْظَمُ، فَكَانَ أَنْ طَلَبَ مِنْهُمْ أَرْوَاحَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ يَبْذُلُونَهَا فِي سَاحَاتِ الْجِهَادِ فَتَقَدَّمَ أَقْوَامٌ، وَتَأخَّرَ آخَرُونَ.

تَأَخَّرَ الْمُنَافِقُونَ، وَتَقَدَّمَ الصَّادِقُونَ.

إِنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ هُوَ أَعْظَمُ الْأَعْمَالِ وَأَزْكَاهَا, وَهُوَ أَيْسَرُ الطُّرُقِ إِلَى رِضْوَانِ اللهِ تَعَالَى وَالْجَنَّةِ.

وَالْجِهَادُ بَذْلُ أَعْظَمِ وَأَنْفَسِ مَا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ وَهِيَ أَنْفُسُهُمْ يَبْذُلُونهَا دُونَ خَوْفٍ وَلَا تَرَدُّدٍ, وَفِيهِ بَذْلُ الْأَمْوَالِ، وَتَرْكُ الزَّوْجَاتِ وَالذُّرِّيَّاتِ، وَهَجْرُ الْمَسَاكِنِ وَالْأَوْطَانِ وَالْمَلَذَّاتِ.

وَفِيهِ قَتْلُ الْأَنْفُسِ وَإِرَاقَةُ الدِّمَاءِ.

لَقَدْ بَيَّنَ الدِّينُ الْعَظِيمُ -كِتَابًا وَسُنَّةً- أَنَّ الْجِهَادَ لَيْسَ غَايَةً فِي حَدِّ ذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لِرَفْعِ رَايَةِ الدِّينِ, وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِإِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

فَالْجِهَادُ شُرِعَ لِحِمَايَةِ دَعْوَةِ الْحَقِّ الْقَائِمَةِ عَلَى الْإِقْنَاعِ وَالْعَدْلِ، وَرَدِّ الظُّلْمِ الْمُوَجَّهِ إِلَى حَامِلِيهَا بِإِنْقَاذِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْ ضَلَالِهَا وَكُفْرَانِهَا.

الْجِهَادُ شُرِعَ لِدَفْعِ الْفِتْنَةِ الَّتِي تَمْنَعُ النَّاسَ مِنْ سَمَاعِ صَوْتِ الْحَقِّ، وَتُشَوِّهُ الْحَقَائِقَ؛ لِتَصُدَّ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ، فَإِنَّ الْقِتَالَ إِنَّمَا هُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ.

الْجِهَادُ شُرِعَ لِلْقَضَاءِ عَلَى سُلْطَةِ الْعَنَاصِرِ الْفَاسِدَةِ فِي ذَاتِهَا، وَالْمُفْسِدَةِ لِغَيْرِهَا، حَيْثُ تَحْمِلُ السِّلَاحَ فِي وَجْهِ الْحَقِّ، وَفِي طَرِيقِ الْعَدْلِ، وَتُخْرِجُ النَّاسَ مِنْ أَوْطَانِهِمْ وَدِيَارِهِمْ، وَتَسْلُبُ مِنْهُمْ مُمْتَلَكَاتِهِمْ، وَتَهْدِمُهَا عَلَيْهِمْ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا.

*إنَّ مَصْلَحَةَ الدِّينِ وَالْأُمَّةِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمَصَالِحِ الْخَاصَّةِ؛ قَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111].

إِنَّ اللهَ اشْتَرَى شِرَاءً جَازِمًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمُ الَّتِي خَلَقَهَا، وَأَمْوَالَهُمُ الَّتِي رَزَقَهُمْ إِيَّاهَا، بِأَنْ يَبْذُلُوا طَائِعِينَ مُخْتَارِينَ الْمَالَ؛ لِإِعْدَادِ وَسَائِلِ الْجِهَادِ، وَنَشْرِ الْإِسْلَامِ فِي الْأَرْضِ، وَيَبْذُلُوا النُّفُوسَ لِلْقِتَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَقَمْعِ الْكَفَرَةِ الْمُحَارِبِينَ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، مُقَابِلَ ثَمَنٍ يَدْفَعُهُ لَهُمْ جَزْمًا هُوَ الْجَنَّةُ.

يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ؛ لِإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ، وَإِظْهَارِ دِينِهِ، فَيَقْتُلُونَ أَعْدَاءَ اللهِ، وَيُسْتَشْهَدُونَ فِي سَبِيلِهِ.

المصدر:تَقْدِيمُ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْخَاصَّةِ وَأَثَرُهَا فِي اسْتِقْرَارِ الْمُجْتَمَعَاتِ وَبِنَاءِ الدُّوَلِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  تَعْرِيفُ الْمُسْكِرِ لُغَةً وَشَرْعً
  نَمَاذِجُ لِلْعَمَلِ الْجَمَاعِيِّ الْمَشْرُوعِ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَشَرَفُ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ فِي الْإِسْلَامِ: الِالْتِزَامُ بِسُنَنِ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ وِلَادَتِهِ
  نَبْذُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْعُنْصُرِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ
  بَيْنَ الِابْنِ وَأُمِّهِ!!
  تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي اجْتِمَاعِ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ
  حِمَايَةُ الْوَطَنِ مِنَ الْإِرْهَابِ
  الرَّدُّ عَلَى افْتِرَاءَاتِ الْمَادِّيِّينَ الْجَاهِلِينَ أَنَّ الْعُلُومَ الْعَصْرِيَّةَ وَالْمُخْتَرَعَاتِ الْحَدِيثَةَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ
  بَعْضُ عِلَاجَاتِ ظَاهِرَةِ الْإِرْهَابِ
  الْعُمُرُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ
  أَمَلُ الْمَرِيضِ فِي الشِّفَاءِ وَالْبُشْرَى لَهُ بِالْأَجْرِ
  ثَمَرَاتُ الْمُرَاقَبَةِ وَرِعَايَةِ الضَّمَائِرِ
  مَبْنَى الْحَيَاةِ عَلَى الِابْتِلَاءِ
  الدرس التاسع : «المُرَاقَبَةُ»
  • شارك