سُبُلُ الْحِفَاظِ عَلَى الْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ


((سُبُلُ الْحِفَاظِ عَلَى الْمِيثَاقِ الْغَلِيظِ))

*فَبِنَاءُ الْأُسْرَةِ عَلَى التَّوْحِيدِ وَلِأَجْلِ التَّوْحِيدِ أَعْظَمُ أَسْبَابِ الْحِفَاظِ عَلَيْهَا وَاسْتِقْرَارِهَا؛ فَإِنَّ أَعْظَمَ أَمْرٍ يَنْبَغِي عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُرَاعِيَهُ هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ لِأَجْلِهِ، وَأَوْجَدَهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لِتَحْقِيقِهِ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللهِ؛ لِأَنَّ اللهَ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- لَمَّا ذَكَرَ خَلْقَ الْجِنِّ وَالْإِنْسَانِ؛ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَا خَلَقَهُمَا إِلَّا لِيَعْبُدُوهُ، إِلَّا لِيُوَحِّدُوهُ، إِلَّا لِيَتَّقُوهُ، إِلَّا لِيَأْخُذُوا بِمَنْهَجِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فِي كُلِّ مَا آتَاهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِيهِ مِنْ أَمْرٍ، وَيَنْتَهُوا عَنْ كُلِّ مَا نَهَاهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَنْهُ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ كِتَابًا وَسُنَّةً.

وَلَا شَكَّ أَنَّ تَحْقِيقَ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَلَقَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَالَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَلَقَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْخَلْقَ، وَنَصَبَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ هَذَا الْكَوْنَ قَائِمًا مُشَاهَدًا يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَتَفَرُّدِهِ وَصَمَدَانِيَّتِهِ.

لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا التَّحَقُّقَ مِنْ هَذَا الَّذِي أَرَادَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنْ خَلْقِهِ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ أَمْرٌ يَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ اللهَ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- لَا يُكَلِّفُ إِلَّا بِمَا يُسْتَطَاعُ، لَا يُكَلِّفُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا، وَلَا يُرِيدُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالنَّاسِ عُسْرًا وَلَا حَرَجًا، وَإِنَّمَا رَفَعَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَنِ النَّاسِ الْحَرَجَ.

فَالْأَمْرُ سَهْلٌ قَرِيبٌ مِنْ قَرِيبٍ، وَاللهُ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ- أَرْسَلَ إِلَيْنَا نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا ﷺ بِدِينٍ كَامِلٍ شَامِلٍ، بِدِينٍ عَظِيمٍ، لَا يُدَانِيهِ دِينٌ، وَلَا تُقَارِبُهُ مِلَّةٌ وَلَا نِحْلَةٌ.

وَاللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- جَعَلَ الزَّوَاجَ -وَهُوَ أَسَاسُ تَكْوِينِ الْأُسْرَةِ- لِلِاسْتِمْتَاعِ، يَسْتَمْتِعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِصَاحِبِهِ فِي حُدُودِ مَا أَنْزَلَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ، فَتُقْضَى الشَّهْوَةُ، وَيُحْفَظُ النَّسْلُ، وَيَتَرَبَّى الْأَبْنَاءُ فِي الْبِيئَةِ الصَّحِيحَةِ السَّلِيمَةِ الْمُحَافِظَةِ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَخْرُجَ نَشْءٌ يُوَحِّدُ اللهُ وَيَتَّبِعُ رَسُولَ اللهِ ﷺ.

فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَهَذِهِ الْبُيُوتُ الْمُلْتَزِمَةُ فِي الْأَرْضِ كَأَنَّهَا مِنْ رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ، وَأَمَّا الْبُيُوتُ الَّتِي تَتَخَطَّى حُدُودَ الشَّرْعِ وَلَا تَلْتَزِمُ بِأَحْكَامِهِ، وَلَا تَتْبَعُ سُنَنَ رَسُولِهِ ﷺ، فَهَذِهِ مَبَاءَاتُ الشَّيْطَانِ تَكْثُرُ فِيهَا النِّزَاعَاتُ، وَتَدِبُّ فِيهَا الْخِلَافَاتُ، وَالَّذِي يَعْصِمُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ هُوَ طَاعَةُ رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ وَطَاعَةُ رَسُولِهِ ﷺ.

 

المصدر:الْمِيثَاقُ الْغَلِيظُ وَضَرُورَةُ الْحِفَاظِ عَلَيْهِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  سُؤَالُ النَّبِيِّ ﷺ رَبَّهُ الثَّبَاتَ عَلَى الدِّينِ
  دَلَائِلُ أَهَمِّيَّةِ الْمَاءِ مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  مَوْقِفُ الْإِسْلَامِ مِنَ الْعِلْمِ الْمَادِّيِّ
  النَّبِيُّ ﷺ رَحْمَةٌ وَهِدَايَةٌ لِلْعَالَمِينَ
  حُبُّ الْوَطَنِ مِنْ تَقْوَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  الْجَيْشُ فِي الْإِسْلَامِ هُوَ كُلُّ الْأُمَّةِ
  مَخَاطِرُ إِدْمَانِ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ لِلْحِفَاظِ عَلَى الْأَوْطَانِ: الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي حُقُوقِ الْحُكَّامِ
  عَدَمُ مُبَالَاةِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ!!
  ثَلَاثُونَ وَصِيَّةً لِلْأَبْنَاءِ فَاحْرِصْ عَلَيْهَا
  ذِكْرُ اللهِ حَيَاة
  مَعْنَى الزَّكَاةُ
  نِدَاءٌ إِلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ: كُونُوا عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى الْعَقِيدَةِ الصَّحِيحَةِ
  نَصَائِحُ جَامِعَةٌ فِي يَوْمِ عِيدِ الْمُسْلِمِينَ
  الدرس السادس والعشرون : «عِيشُوا الوَحْيَ المَعْصُومَ»
  • شارك