أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ مَتْبُوعَةٌ لَا تَابِعَةٌ


((أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ مَتْبُوعَةٌ لَا تَابِعَةٌ))

عِبَادَ اللهِ! هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَّةٌ مَتَمَيِّزَةٌ؛ لِأَنَّهَا مَتْبُوعَةٌ وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ.

هَذِهِ الْأُمَّةُ أُمَّةٌ مَتْبُوعَةٌ، وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ، وَقَدْ أَغْنَاهَا اللهُ بِعَقِيدَتِهَا، وَبِشَرِيعَتِهَا عَنِ التَّشَبُّهِ بِغَيْرِهَا.

أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ؛ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)).

((وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)).

هَذِهِ أُمَّةٌ مَتْبُوعَةٌ، وَلَيْسَتْ بِأُمَّةٍ تَابِعَةٍ، أَغْنَاهَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ -بِدِينِهَا، بِعَقِيدَتِهَا وَشَرِيعَتِهَا- عَنْ أَنْ تَتَشَبَّهَ بِغَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَتَّبِعَ الْأُمَمَ -مِنْ كَافِرَةٍ وَمُلْحِدَةٍ- حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، أَغْنَاهَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.

قَالَ رَبُّنَا -جَلَّ وَعَلَا-: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد: 16].

فَنَهَى عَنْ مُطْلَقِ الْمُشَابَهَةِ لِلْأُمَمِ السَّابِقَةِ، وَلِجَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَى الْحَقِّ.

وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الحديد: 16].

{لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا}، وَهَذِهِ كَلِمَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَقُولُونَ: {وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ}، وَهِيَ مِنَ الرُّعُونَةِ -يَقْصِدُ ذَلِكَ الْيَهُودُ- لَا مِنَ الرِّعَايَةِ كَمَا يَقْصِدُ الْأَصْحَابُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ-.

فَلَمَّا وَقَعَتِ الْمُشَابَهَةُ وَتَمَّتِ الْمُوَاطَأَةُ بَيْنَ (رَاعِنَا) وَ(رَاعِنَا) -لَفْظًا لَا مَعْنًى- نَهَاهُمُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَنْهَا: {وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا}.

{لَا تَقُولُوا رَاعِنَا} كمَا يَقُولُ الْيَهُودُ، {وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا}.

يَنْهَى عَنِ الْمُشَابَهَةِ.

وَالنَّبِيُّ ﷺ يُحَذِّرُنَا مِنْ ذَلِكَ، وَيُنْذِرُنَا مِنْ أَنْ نَتَوَرَّطَ فِي ((مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ)).

عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ فِي أَمْرِ الْأَذَانِ، لَمَّا أَهَمَّ أَمْرُ الْأَذَانِ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَبْلَ أَنْ يَرَى الصَّحَابِيُّ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ وَيَعْتَمِدَهَا رَسُولُ اللهِ، فَأَهَمَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمْرُ جَمْعِ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ؛ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ ﷺ الْقُنْعُ -يَعْنِي الشَّبُّورَ؛ وَهُوَ الْبُوقُ- فَقَالَ: ((هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ))، فَكَرِهَهُ.

فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ؛ فَقَالَ: ((هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى))، حَتَّى رَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ رُؤْيَاهُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-

((الْأَذَانُ لَنَا، الشَّبُّورُ لِغَيْرِنَا، النَّاقُوسُ لَيْسَ لَنَا))، أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ، بِذَا قَضَى رَبُّنَا، وَبِذَا جَاءَ نَبِيُّنَا ﷺ، تَذُوبُ فِيهَا الْأُمَمُ وَلَا تَذُوبُ هِيَ فِي الْأُمَمِ، مَتْبُوعَةٌ لَا تَابِعَةٌ.

عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنِ الصَّلَاةِ حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ وَحِينَ تَغْرُبُ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ((لِأَنَّهَا تَطْلُعُ وَتَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ)).

فَنَهَى عَنْ مُشَابَهَةِ الْكُفَّارِ.

وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ جُنْدُبٍ يَرْفَعُهُ: ((أَلَا وَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، وَكَذَا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ صَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ؛ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ)).

فَنَهَى عَنِ الْمُشَابَهَةِ، وَسَدَّ الذَّرِيعَةَ إِلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ وَعِبَادَةِ الْقُبُورِ.

وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- يَرْفَعُهُ: ((خَالِفُوا الْيَهُودَ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ وَلَا فِي خِفَافِهِمْ)).

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- نَهْيَ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يَجْلِسَ الرَّجُلُ فِي الصَّلَاةِ مُعْتَمِدًا عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى، وَقَالَ: ((إِنَّهَا صَلَاةُ الْيَهُودِ)).

وَفِي رِوَايَةٍ: ((إِنَّمَا هَذِهِ جِلْسَةُ الَّذِينَ يُعَذَّبُونَ)) .

فَلَا تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ؛ لَا بِالَّذِينِ يُعَذَّبُونَ، وَلَا بِالْيَهُودِ.

وَقَالَ ﷺ: ((اللَّحْدُ لَنَا، وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا)) .

حَتَّى بَعْدَ الْوَفَاةِ، حَتَّى فِي الْقُبُورِ، نَتَمَيَّزُ حَتَّى فِي الْقُبُورِ، نَتَمَيَّزُ فِي الدَّفْنِ، فِي الْقُبُورِ!!

يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ دِينِ النَّبِيِّ الْأَمِينِ ﷺ.

يَقُولُ ﷺ: ((فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ)) .

وَيَقُولُ ﷺ: ((لَئِنْ عِشْتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ)) ، وَذَلِكَ لَمَّا صَامَ عَاشُورَاءَ، وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَصُومُهُ؛ فَأَرَادَ مُخَالَفَةَ الْيَهُودِ ﷺ، مَا زَالَ يُخَالِفُهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى قَالُوا: ((مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ لَنَا أَمْرًا إِلَّا خَالَفَنَا فِيهِ)) .

نَعَمْ، هُوَ مَتْبُوعٌ، لَا تَابِعٌ، اتَّبِعُوهُ تُفْلِحُوا ﷺ.

نَهَى عَنِ الذَّبْحِ بِالسِّنِّ وَالظُّفُرِ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ((فَأَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُر فَمُدَى الْحَبَشَةِ)) .

وَقَالَ ﷺ: ((خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ؛ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى)) .

وَفِي حَدِيثٍ: ((أَرْخُوا اللِّحَى)) .

وَهَذَا يَتَنَاقَضُ مَعَ قَوْلِ الضُّلَّالِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ عَلَى تَحْدِيدِ اللِّحْيَةِ!!

جُمْهُورِيٌّ.. جُمْهُورِيٌّ هُوَ!! وَأَمَّا رَسُولُ اللهِ ﷺ فَيَقُولُ: ((أَرْخُوا..))، ((وَفِّرُوا..)).

يَقُولُ ﷺ -حَتَّى فِي السَّلَامِ-: ((لَا تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ؛ فَإِنَّ تَسْلِيمَهُمْ بِالرُّءُوسِ وَالْأَكُفِّ وَالْإِشَارَةِ)) .

((لَا تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ!)).

وَعَنِ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ: ((مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ ﷺ وَأَنَا جَالِسٌ هَكَذَا؛ وَقَدْ وَضَعْتُ يَدِي الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِي وَاتَّكَأْتُ عَلَى أَلْيَةِ يَدِي -لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ، وَإِنَّمَا مَرَّ بِهِ فِي جِلْسَةٍ عَادِيَّةٍ، وَقَدْ جَعَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى خَلْفَ ظَهْرِهِ وَاتَّكَأَ عَلَى أَلْيَةِ يَدِهِ الْيُسْرَى- فَقَالَ: ((أَتَقْعُدُ قِعْدَةَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ؟!!)). وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

وَهَذَا سِوَى الْحَدِيثِ الَّذِي مَرَّ عَنِ النَّهْيِ عَنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْيَدِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ، وَقَالَ: ((إِنَّهَا صَلَاةُ الْيَهُودِ))، أَوْ ((هِيَ جِلْسَةُ الْمُعَذَّبِينَ))، وَأَمَّا هُنَا فَهِيَ قِعْدَةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ.

حَتَّى فِي جِلْسَةِ الْمَرْءِ الْعَادِيَّةِ، كُلُّ ذَلِكَ يَتَتَبَّعُهُ الرَّسُولُ ﷺ، بَلْ مِمَّا هُوَ أَعْلَى مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَصِلُ إِلَيْهِ الْوَهْمُ، يَقُولُ: ((نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ..))، وَفِي حُكْمِهَا الْيَوْمَ مَا أَمَامَ الْبُيُوتِ مِنَ الشَّوَارِعِ وَغَيْرِهَا، ((نَظِّفُوا أَفْنِيَتَكُمْ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ، تَجْمَعُ الْأَكْبَاءَ فِي دُورِهَا)) . وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَمَيُّزِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِشَخْصِيَّتِهَا الْمُتَفَرِّدَةِ الْمَتَمَيِّزَةِ، هِيَ أُمَّةُ التَّوْحِيدِ وَأُمَّةُ الِاتِّبَاعِ، فَهِيَ قَائِدَةٌ لَا مَقُودَةٌ، وَمَتْبُوعَةٌ لَا تَابِعَةٌ، هِيَ أُمَّةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وَقَدْ حَقَّقَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَهَا التَّمَيُّزَ فِي كُلِّ شَيْءٍ.

لَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمَدِينَةِ اسْتَمَرَّ فِي الِاتِّجَاهِ فِي صَلَاتِهِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا -كَمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَلَى التَّرَدُّدِ-، وَفِي مُنْتَصَفِ رَجَبٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ لِلْهِجْرَةِ أَمَرَهُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ بِالتَّحَوُّلِ فِي صَلَاتِهِ إِلَى الْكَعْبَةِ قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ.

تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ لَنَا دَلَالَتُهُ وَعَلَامَتُهُ..

نَحْنُ أُمَّةٌ مُتَمَيِّزَةٌ؛ رَبُّهَا وَاحِدٌ، وَنَبِيُّهَا وَاحِدٌ، وَكِتَابُهَا وَاحِدٌ، وَقِبْلَتُهَا وَاحِدَةٌ، وَهَدَفُهَا وَاحِدٌ: إِقَامَةُ دِينِ اللهِ فِي أَرْضِ اللهِ عَلَى خَلْقِ اللهِ، تَعْبِيدُ الْخَلْقِ لِلْخَلَّاقِ الْعَظِيمِ، هَذَا هَدَفُهَا، تَعْبُدُ رَبَّهَا، وتُعَبِّدُ الْخَلْقَ لَهُ -جَلَّ وَعَلَا-، وَهِيَ مُتَمَيِّزَةٌ فِي هَذَا كُلِّهِ.

نَهَانَا رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَنْ مُشَابَهَةِ الْمُشْرِكِينَ؛ فَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} [الروم:32].

وَنَتَحَدَّى أَحَدًا عِنْدَهُ ذَرْوٌ مِنْ عَقْلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الْقَدْرَ الْأَخِيرَ مِنَ الْآيَةِ -{كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}- لَا يَنْطَبِقُ عَلَى الْمُتَحَزِّبِينَ لِلْأَحْزَابِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْأَحْزَابِ السِّيَاسِيَّةِ.

لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ عِنْدَهُ ذَرْوٌ مِنْ عَقْلٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِفَرِحِينَ بِحِزْبِهِمْ، بَلْ: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، وَإِلَّا فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا كَذَلِكَ فَلِمَ لَمْ يَكُونُوا حِزْبًا وَاحِدًا؟!!

مَزَّقُوا الْأُمَّةَ، وَشَابَهُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفَرَّقُوا الْأُمَّةَ، وَدَعَوْا إِلَى التَّحَزُّبِ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْبَغْضَاءِ وَالتَّنَافُسِ فِي أَمْرٍ سِوَى أَمْرِ الْآخِرَةِ.

 

المصدر:خَيْرِيَّةُ الْأُمَّةِ وَخَيْرِيَّةُ نَبِيِّهَا ﷺ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ كَيْفَ يَحُجُّ
  أَمَرَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ، وَالْمُؤْمِنِينَ بِالْأَكْلِ مِنَ الْحَلَالِ
  ضَرُورَةُ الْحِفَاظِ عَلَى نَظَافَةِ الْأَمَاكِنِ الْعَامَّةِ
  احْذَرِ النِّفَاقَ يَا ضَعِيفُ!!
  الذِّكْرُ هُوَ بَابُ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ
  حِكَمٌ جَلِيلَةٌ مِنْ مَشْرُوعِيَّةِ الْعِيدِ
  نَمَاذِجُ لِلْإِيجَابِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ
  مَنْزِلَةُ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  وَسَائِلُ سَلَامَةِ الْقَلْبِ
  الدرس الخامس : «الصِّدْقُ»
  الْإِسْلَامُ دِينُ نِظَامٍ وَالْتِزَامٍ
  مِنْ أَبْوَابِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ: زِرَاعَةُ الْأَشْجَارِ، وَسَقْيُ الْمَاءِ
  الدرس الثامن عشر : «البِرُّ»
  مَظَاهِرُ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ وَالْمَوَاثِيقِ فِي الْحَيَاةِ
  الْأَمَلُ وَأَسْرَارُهُ اللَّطِيفَةُ
  • شارك