الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ مَعَ النَّاسِ كَافَّةً


((الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ مَعَ النَّاسِ كَافَّةً))

مِمَّا يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ الْعُقُودُ بَيْنَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ؛ كَعُقُودِ الشَّرِكَاتِ وَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ التِّجِارِيَّةِ؛ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا؛ فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)).

إِنَّ الْإِخْلَالَ بِمُقْتَضَيَاتِ الْعُقُودِ أَكْلٌ لِلسُّحْتِ، وَأَكْلٌ لِأَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؛ وَأَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188].

وَلَا يَأْكُلْ بَعْضُكُمْ مَالَ بَعْضٍ دُونَ وَجْهٍ مِنَ الْحَقِّ؛ كَالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، وَالْغَصْبِ، وَالسَّرِقَةِ، وَالْغِشِّ، وَالتَّغْرِيرِ، وَالرِّبَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فَلَا يَسْتَحِلَّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ إِلَّا لِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي شَرَعَهَا اللهُ؛ كَالْمِيرَاثِ، وَالْهِبَةِ، وَالْعَقْدِ الصَّحِيحِ الْمُبِيحِ لِلْمِلْكِ.

وَلَا يُنَازِعْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فِي الْمَالِ وَهُوَ مُبْطِلٌ وَيَرْفَعْ إِلَى الْحَاكِمِ أَوِ الْقَاضِي لِيَحْكُمَ لَهُ وَيَنْتَزِعَ مِنْ أَخِيهِ مَالَهُ بِشَهَادَةٍ بَاطِلَةٍ، أَوْ بَيِّنَةٍ كَاذِبَةٍ، أَوْ رِشْوَةٍ خَبِيثَةٍ، وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ عَلَيْكُمْ.

فَإِنَّ أَكْلَ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مُحَرَّمٌ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ، فَلْيَمْتَثِلْ كُلُّ عَبْدٍ أَمْرَ اللهِ بِاجْتِنَابِ أَكْلِ الْأَمْوَالِ بِالْبَاطِلِ؛ فَإِنَّهُ مُحَرَّمٌ بِكُلِّ حَالٍ، لَا يُبَاحُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ.

إِنَّ أَكْلَ الْحَرَامِ يُثْمِرُ ثَمَرًا خَبِيثًا مُرًّا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: ((إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلى الْجَنَّةِ كُلَّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ))، «كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ».

وَمِنَ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ: الْوَفَاءُ بِالْمُعَاهَدَاتِ مَعَ الدُّوَلِ الْأُخْرَى؛ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4].

الَّذِينَ لَمْ يَنْكُثُوا الْعَهْدَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا مِنْ شُرُوطِ الْمُعَاهَدَةِ الَّتِي عَاهَدْتُمُوهُمْ عَلَيْهَا، وَلَمْ يُعَاوِنُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا مِنْ عَدَوِّكُمْ كَمَا عَاوَنَتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ الَّتِي كَانَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ ﷺ؛ فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ، وَلَا تُجْرُوهُمْ مَجْرَى النَّاكِثِينَ، وَلَا تَجْعَلُوا الْوَفِيَّ كَالْغَادِرِ.

إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ وَلَا يَبْدَءُونَ بِنَقْضِ الْعَهْدِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مَعَ غَيْرِهِمْ، وَيُثِيبُهُمْ عَلَى تَقْوَاهُمْ، وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَحَبَّهُ اللهُ أَكْرَمَهُ وَأَدْخَلَهُ فِي رَحْمَتِهِ.

وَمِنَ الْخِيَانَةِ: نَقْضُ الْعَهْدِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ} [الأنفال: 58].

فَنَفِي بِعُهُودِنَا مَعَ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِمَائِهِمْ، وَفِي أَمْوَالِهِمْ، وَفِي حُرُمَاتِهِمْ؛ قَالَ -سُبْحَانَهُ- فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ فِي حُكْمِ قَتْلِ الْخَطَأِ لَا فِي حُكْمِ قَتْلِهِ عَمْدًا: {وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} [النِّسَاء: 92].

فَإِذَا كَانَ الذِّمِّيُّ الَّذِي لَهُ أَمَانٌ إِذَا قُتِلَ خَطَأً فِيهِ الدِّيَّةُ وَالْكَفَّارَةُ، فَكَيْفَ إِذَا قُتِلَ عَمْدًا؟!!

إِنَّ الْجَرِيمَةَ تَكُونُ أَعْظَمَ، وَإِنَّ الْإِثْمَ يَكُونُ أَكْبَرَ؛ وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ -كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- الَّذِي أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ»-: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ».

فَلَا يَجُوزُ التَّعرُّضُ لِمُسْتَأْمَنٍ بِأَذًى، فَضْلًا عَنْ قَتْلِهِ، وَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ لِمَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا وَمُسْتَأْمَنًا، وَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُتَوَعَّدُ عَلَيْهَا بِعَدَمِ دُخُولِ الْقَاتِلِ الْجَنَّةَ.

وَتَأْشِيرَةُ الدُّخُولِ الَّتِي يُشْتَرَطُ تَوَفُّرُهَا لِدُخُولِ أَيِّ أَجْنَبِيِّ لِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ تُمَثِّلُ فِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ عَقْدًا يُشْبِهُ عَقْدَ الْأَمَانِ بِمَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ، لَا سِيِّمَا لَوْ كَانَتْ هَذِهِ التَّأْشِيرَةُ صَادِرَةً بِنَاءً عَلَى دَعْوَةٍ مُقَدَّمَةٍ مِنْ مُسْلِمٍ لِأَجْنَبِيٍّ لِزِيَارَةِ بِلَادِ الْإِسْلَامِ أَوْ لِلْعَمَلِ بِهَا.

وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّ السَّائِحَ أَوِ الْأَجْنَبِيَّ عِنْدَمَا يُقْبِلُ بِمِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَةِ, عِنْدَمَا يَحْصُلُ عَلَى تَأْشِيرَةِ الدُّخُولِ يَعْتَبِرُ نَفْسَهُ آمِنًا عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ, وَلَا يُتَصَوَّرُ قَبُولُهُ لِلْمَجِيءِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ هَذِهِ التَّأْشِيرَةَ لَا تَعْنِي شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ -أَيْ: مِنْ تَأْمِينِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَعِرْضِهِ-.

*وَمِنْ أَعْظَمِ الْمَوَاثِيقِ الَّتِي يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا: مِيثَاقُ الزَّوَاجِ الَّذِي سَمَّاهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِيثَاقًا غَلِيظًا؛ قَالَ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20-21].

{وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا}: وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ عَهْدًا شَدِيدًا مُؤَكَّدًا؛ وَهِيَ كَلِمَةُ النِّكَاحِ الَّتِي تُسْتَحَلُّ بِهَا فُرُوجُ النِّسَاءِ.

وَعَنْ عُقْبَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

فَعَلَى الْإِنْسَانِ إِذَا كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَحْيَا حَيَاةً سَعِيدَةً مُطْمَئِنَّةً هَادِئَةً أَنْ يُعَاشِرَ زَوْجَتَهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَةِ مَعَ زَوْجِهَا، وَإِلَّا ضَاعَتِ الْأُمُورُ، وَصَارَتِ الْحَيَاةُ شَقَاءً.

قَالَ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}: مُعَامَلَةً تَلِيقُ بِأَمْثَالِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مِنْكُمْ مَا يُسْتَنْكَرُ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا، وَذَلِكَ بِإِعْطَائِهِنَّ حُقُوقَ الزَّوْجِيَّةِ، وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِنَّ، وَالتَّلَطُّفِ بِهِنَّ، وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِنَّ، وَالصَّبْرِ عَلَى عِوَجِهِنَّ، وَعَدَمِ إِيذَائِهِنَّ، فَإِنْ كَرِهْتُمْ عِشْرَتَهُنَّ وَصُحْبَتَهُنَّ، وَآثَرْتُمْ فِرَاقَهُنَّ، فَاصْبِرُوا عَلَيْهِنَّ مَعَ الْفِرَاقِ.

فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيْجَعْلَ اللهُ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ خَيْرًا كَثِيرًا.

فَعَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي هَذِهِ الْعَلَاقَاتِ، وَأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهَا مِنْ أَجَلِّ الْقُرُبَاتِ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَوْ سَارَتْ عَلَى سُنَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ.

*وَمِنَ الْوَفَاءِ بِالْعُقُودِ: قِيَامُ الْمُوَظَّفِ بِحُقُوقِ عَمَلِهِ؛ فَإِذَا كَانَ إِنْسَانٌ فِي عَمَلٍ، فَالْعَمَلُ الَّذِي اسْتُؤْمِنَ عَلَيْهِ أَمَانَةٌ، فَإِذَا خَانَ فِيهِ فَهُوَ خَائِنٌ، وَجَزَاءُ الْخَائِنِ مَعْلُومٌ.

وَكُلُّ مَنْ أُسْنِدَ إِلَيْهِ عَمَلٌ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَقَدْ أَكَلَ مِنْ حَرَامٍ إِنْ كَانَ مُتَحَصِّلًا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ عَلَى أَجْرٍ؛ شَاءَ أَمْ أَبَى.

وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِذَا كَانَ مُوَظَّفًا يَتَحَصَّلُ عَلَى رَاتِبٍ فِي مُقَابِلِ عَمَلِهِ.. كَثِيرٌ مِنْهُمْ -بَلْ جُلُّهُمْ- لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ مُسْتَأْجَرُونَ، هُمْ أُجَرَاءُ، مُسْتَأْجَرُونَ عَلَى حَسَبِ عَقْدٍ مُبْرَمٍ وَلَائِحَةٍ لَهَا بُنُودٌ، وَهُمْ فِي أَعْمَالِهِمْ يَنْبَغِي أَنْ يَلْتَزِمُوا بِمَا تَعَاقَدُوا عَلَيْهِ بَدْءًا.

وَكُلُّ مَنْ فَرَّطَ فَقَدْ تَحَصَّلَ عَلَى مَالٍ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ، وَهُوَ آكِلٌ مِنْ حَرَامٍ، وَهُوَ مُغَذٍّ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَانٍ بَيْتَهُ، وَمُقْتَنٍ مَرْكُوبَهُ.. مِنْ حَرَامٍ!

هَذَا إِذَا كَانَتِ الْوَظِيفَةُ فِي نَفْسِهَا بِعَقْدٍ عَلَى مَا يَحِلُّ فِي دِينِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ مِمَّا شَرَعَ اللهُ.

فَإِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يَعْمَلُ فِي مَاخُورٍ يُقَدِّمُ الْخُمُورَ، وَيَقُومُ عَلَى الْعَمَلِ مُتَفَانِيًا فِيهِ بِإِخْلَاصٍ، يَقُولُ: إِنَّهُ يَتَحَصَّلُ عَلَى أَجْرِهِ بِعَرَقِ جَبِينِهِ!!

فَأَيُّ حُرْمَةٍ تَلْحَقُهُ، وَالْعَمَلُ حَرَامٌ فِي أَصْلِهِ؟!!

وَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ حَلَالًا -كَالْغَالِبِ عَلَى جُمْلَةِ الْأَعْمَالِ- فَوَقَعَ تَقْصِيرٌ فِيمَا تَمَّ التَّعَاقُدُ عَلَيْهِ أَصْلًا؛ فَإِنَّ الْكَسْبَ هَاهُنَا يَكُونُ مِنْ حَرَامٍ، وَمَا تَحَصَّلَ عَلَيْهِ لَحِقَتْهُ الْحُرْمَةُ لَا مَحَالَةَ.

فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، حَتَّى وَإِنْ كَانَ فِي مِهْنَةٍ هِيَ حَلَالٌ فِي أَصْلِ الشَّرْعِ؛ لَا يُؤَدِّيهَا كَمَا يَنْبَغِي، وَيَتَحَصَّلُ عَلَى رَاتِبِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي تَعَاقَدَ عَلَيْهَا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، فَهُوَ آكِلٌ مِنْ حَرَامٍ.

 

المصدر:الْوَفَاءُ بِالْعُقُودِ وَالْعُهُودِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  حُبُّ الْوَطَنِ وَمَنْزِلَتُهُ فِي ضَوْءِ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ
  الْأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ، وَاعْتِقَادٌ، وَعَمَلٌ وَأَنَّهُ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ
  الْهِجْرَةُ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ
  مِنْ أَعْظَمِ النَّفْعِ لِلْمُسْلِمِينَ: تَعْلِيمُهُمُ الْعِلْمَ النَّافِعَ
  مَنَاسِكُ الْحَجِّ كَأَنَّكَ تَرَاهَا
  الدرس التاسع عشر : «فَضْلُ العَشْرِ الأَوَاخِرِ ولَيْلَةُ القَدْرِ»
  عَوَاقِبُ التَّعَدِّي عَلَى النِّظَامِ الْعَامِّ
  قِبْلَةُ المُسْلِمِينَ خَيْرُ القِبَلِ وَعِظَمُ شَرَفِ مَكَّةَ
  الْعَمَلُ وَالتَّخْطِيطُ لِلْمُسْتَقْبَلِ الدِّينِيِّ وَالْأُخْرَوِيِّ
  حِكَمُ تَشْرِيعِ الزَّكَاةِ
  المَوْعِظَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ : ((رَمَضَانُ شَهْرُ الْأَحْدَاثِ وَالِانْتِصَارَاتِ الْعَظِيمَةِ))
  الزَّوَاجُ نِعْمَةٌ وَقُرْبَةٌ إِلَى اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-
  بَادِرُوا إِلَى طَلَبِ الْعِلْمِ
  الْبِرُّ وَالْوَفَاءُ فِي دِينِ خَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ ﷺ
  حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ
  • شارك