مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ: حُبُّ الْوَطَنِ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ


((مِنْ سِمَاتِ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ:

حُبُّ الْوَطَنِ وَالدِّفَاعُ عَنْهُ))

لَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِينَ -كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى ((رِيَاضِ الصَّالِحِينَ))-: ((حُبُّ الْوَطَنِ.. إِنْ كَانَ إِسْلَامِيًّا فَهَذَا تُحِبُّهُ لِأَنَّهُ إِسْلَامِيٌّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ وَطَنِكَ الَّذِي هُوَ مَسْقَطُ رَأْسِكَ وَالوَطَنِ الْبَعِيدِ عَنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ, كُلُّهَا أَوْطَانٌ إِسْلَامِيَّةٌ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَحْمِيَهَا)).

الْوَطَنُ إِنْ كَانَ إِسْلَاميًّا يَجِبُ أَنْ يُحَبَّ، وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُشَجِّعَ عَلَى الْخَيْرِ فِي وَطَنِهِ، وَعَلى بَقَائِهِ إِسْلَامِيًّا, وَأَنْ يَسْعَى لِاسْتِقْرَارِ أَوْضَاعِهِ وَأَهْلِهِ, وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ.

وَمِنْ لَوَازِمِ الْحُبِّ الشَّرْعِيِّ لِلْأَوْطَانِ الْمُسْلِمَةِ أَيْضًا: أَنْ يُحَافَظَ عَلَى أَمْنِهَا وَاسْتِقْرَارِهَا، وَأَنْ تُجَنَّبَ الْأَسْبَابَ الْمُفْضِيَةَ إِلَى الْفَوْضَى وَالِاضْطِرَابِ وَالْفَسَادِ؛ فَالْأَمْنُ فِي الْأَوْطَانِ مِنْ أَعْظَمِ مِنَنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ عَلَى الْإِنْسَانِ.

فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ بَلَدِهِ الْإِسْلَامِيِّ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ، وَأَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَحْصِيلِ اِسْتِقْرَارِهِ وَأَمْنِهِ، وبُعْدِهِ وَإِبْعَادِهِ عَنِ الْفَوْضَى، وَعَنْ الِاضْطِرَابِ، وَعَنْ وُقُوعِ الْمُشَاغَبَاتِ.

إِنَّ حُبَّ الْوَطَنِ لَيْسَ مُجَرَّدَ شِعَارَاتٍ تُرْفَعُ أَوْ عِبَارَاتٍ تُرَدَّدُ، حُبُّ الْوَطَنِ الْإِسْلَامِيِّ سُلُوكٌ وَعَطَاءٌ، حُبُّ الْوَطَنِ اسْتِعْدَادٌ دَائِمٌ لِلتَّضْحِيَةِ مِنْ أَجْلِهِ؛ فَعَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ بَلَدَهُ الْإِسْلَامِيَّ، وَأَنْ يُدَافِعَ عَنْهُ، وَأَنْ يَمُوتَ دُونَهُ؛ فَإِنَّ مَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَالْأَرْضُ مَالٌ، فَمَنْ مَاتَ دُونَ مَالِهِ فَهُو شَهِيدٌ.

وَمِصْرُ الَّتِي لَا يَعْرِفُ أَبْنَاؤُهَا قِيمَتَهَا.. يَنْبَغِي أَنْ يُحَافَظَ عَلَيْهَا، وَأَنْ يُحَافَظَ عَلَى وَحْدَتِهَا، وَأَنْ تُجَنَّبَ الْفَوْضَى وَالْاضْطِرَابَ، وَأَنْ تُنَعَّمَ بِالْأَمْنِ وَالْأَمَانِ وَالِاسْتِقْرَارِ.

قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّد شَاكِر -رَحِمَهُ اللهُ-: «إِيَّاكَ أَنْ تَظُنَّ أَنَّ تَقْوَى اللهِ هِيَ الصَّلَاةُ والصِّيَامُ وَنَحْوُهُمَا مِنَ الْعِبَادَاتِ فَقَطْ، إِنَّ تَقْوَى اللهِ تَدْخُلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، فَاتَّقِ اللهَ فِي عِبَادَةِ مَوْلَاكَ، لَا تُفَرِّطْ فِيهَا، وَاتَّقِ اللهَ فِي إِخْوَانِكَ، لَا تُؤْذِ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَاتَّقِ اللهَ فِي بَلَدِكَ، لَا تَخُنْهُ وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِ عَدُوًّا، وَاتَّقِ اللهَ فِي نَفْسِكَ وَلَا تُهْمِلْ فِي صِحَّتِكَ، وَلَا تَتَخَلَّقْ بِسِوَى الْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ».

اتَّقِ اللهَ فِي وَطَنِكَ، لَا تَخُنْهُ وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْهِ عَدُوًّا، وَلَا تَدْفَعْهُ إِلَى الْفَوْضَى وَالشِّقَاقِ.

إِنِّي لَأَعْجَبُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَخُونَ الْخَائِنُونْ!!

أَيَخُونُ إِنْسَانٌ بِلَادَهْ؟!!

إِنْ خَانَ مَعْنَى أَنْ يَكُونَ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونْ؟!!

وَقَدْ تَضِيقُ أَخْلَاقُ الرَّجُلِ فَيَظُنُّ أَنَّ وَطَنَهُ قَدْ ضَاقَ بِهِ، وَالْحَقُّ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ الْقَدِيمُ:

وَرَبِّكَ مَا ضَاقَتْ بِلَادٌ بِأَهْلِهَا=وَلَكِنَّ أَخْلَاقَ الرِّجَالِ تَضِيقُ

وَحَالُ مَنْ فَارَقَ وَطَنَهُ هُوَ:

شَوْقٌ يَخُضُّ دَمِي إِلَيْهِ، كَأَنَّ كُلَّ دَمِي اشْتِهَاءْ

جُوعٌ إِلَيْهِ.. كَجُوعِ دَمِ الغَرِيقِ إِلَى الهَوَاءْ

شَوْقُ الجَنِينِ إِذَا اشْرَأَبَّ مِنَ الظَّلَامِ إِلَى الْوِلَادَة

إِنِّي لَأَعْجَبُ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَخُونَ الخَائِنُونْ!

أَيَخُونُ إِنْسَانٌ بِلَادَهْ؟!!

إِنْ خَانَ مَعْنَى أَنْ يَكُونَ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونْ؟!!

الشَّمْسُ أَجْمَلُ فِي بِلَادِي مِن سِوَاهَا، وَالظَّلَامْ

حَتَّى الظَّلَامُ هُنَاكَ أَجْمَلُ؛ فَهْوَ يَحْتَضِنُ الكِنَانَة

وَاحَسْرَتَاهُ!! مَتَى أَنَامْ..

فَأُحِسُّ أَنَّ عَلَى الوِسَادَة

مِنْ لَيْلِكِ الصَّيْفيِّ طَلًّا فِيهِ عِطْرُكِ يَا كِنَانَة؟

فَمَا دَامَ الْوَطَنُ إِسْلَامِيًّا فَيَجِبُ الدِّفَاعُ عَنْهُ، وَيَحْرُمُ الْإِضْرَارُ بِهِ.

 

المصدر: سِمَاتُ وَسُلُوكُ الشَّخْصِيَّةِ الْوَطَنِيَّةِ فِي ضَوْءِ الشَّرْعِ الْحَنِيفِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  حَدَثُ تَحْويلِ القِبْلَةِ
  أَنْوَاعُ النِّفَاقِ
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ
  لَا تَظْلِمُوا فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَنْفُسَكُمْ
  احْذَرْ الِاسْتِهَانَةَ؛ فَبِهَا الْهَلَاكُ!!
  الدرس الخامس والعشرون : «تَوَقَّفْ!! فَإِنَّ الحَيَاةَ فُرْصَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَكَرَّرُ»
  تَحْذِيرُ الْإِسْلَامِ مِنْ وَسَائِلِ الشَّائِعَاتِ كَالْغِيبَةِ وَالْكَذِبِ
  الصَّائِمُونَ الْمُفْلِسُونَ
  التَّحْذِيرُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى
  الْحُبُّ الْفِطْرِيُّ لِلْأَوْطَانِ
  الْخُلُقُ الْكَــرِيمُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَشَفَقَتُهُ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمَرْضَى
  اسْتِقْبَالُ الْعَشْرِ بِتَحْقِيقِ التَّوْحِيدِ وَالِاتِّبَاعِ
  مِنْ أَعْظَمِ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ إِدْمَانِ الْمُخَدِّرَاتِ: إِدْمَانُ ذِكْرِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-
  فَارِقٌ بَيْنَ الْفَهْمِ الصَّحِيحِ لِلدِّينِ وَتَجْدِيدِ الدِّينِ!!
  مَسْئُولِيَّةُ الْمُسْلِمِ تِجَاهَ وَطَنِهِ الْإِسْلَامِيِّ
  • شارك