مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الصَّلَاةِ


((مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الصَّلَاةِ))

إِنَّ مِنْ أَجْلَى مَظَاهِرِ النِّظَامِ الْمُحْكَمِ فِي الْعِبَادَاتِ: النِّظَامَ فِي الصَّلَاةِ؛ بِإِقَامَتِهَا فِي أَوْقَاتِهَا، حَيْثُ قَالَ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء: 103].

إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَرْضًا مَكْتُوبًا مُقَدَّرًا فِي أَوْقَاتٍ مُحَدَّدَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الشَّرْعِ.

وَفِي هَيْئَتِهَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي)) .

وَكَمَالُ النِّظَامِ وَتَمَامُهُ يَتَجَلَّى -أَيْضًا- فِي تَسْوِيَةِ الصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ؛ فَالنَّبِيُّ ﷺ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُصَلِّى فِيهَا بِالْمُسْلِمِينَ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِمْ مُحَذِّرًا وَمُنْذِرًا، وَهَادِيًا وَمُعَلِّمًا، يَأْمُرُهُمْ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الصُّفُوفِ: ((أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهِمْ)) .

يَأْمُرُهُمْ بِالِاسْتِوَاءِ؛ حَتَّى يَكُونُ الصَّفُّ كَالْقِدْحِ اسْتِوَاءً وَاعْتِدَالًا، أَبْدَانٌ مُتَرَاصَّةٌ، وَقُلُوبٌ مُتَحَابَّةٌ، مُتَلَاحِمَةٌ مُتَدَاخِلَةٌ مُتَمَازِجَةٌ، كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ؛ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ، وَيَهْبِطُ وَيَصْعَدُ، وَرَاءَ إِمَامِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَلَا اخْتِلَافٍ: ((لَا تَخْتَلِفُوا؛ فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ)) .

فَيُحَذِّرُ رَسُولُ اللهِ ﷺ مِنَ اخْتِلَافِ الْأَبْدَانِ فِي الصُّفُوفِ فِي الصَّلَاةِ، وَيُنَبِّهُ إِلَى أَمْرٍ جَلِيلٍ خَطِيرٍ فِي أَثَرِهِ عَلَى الْأُمَّةِ؛ أَنَّ هَذَا الِاخْتِلَالَ فِي الِاسْتِوَاءِ فِي الصُّفُوفِ -وَهُوَ أَمْرٌ مَادِّيٌّ مَحْضٌ- يُؤَدِّي إِلَى اخْتِلَافٍ بَاطِنِيٍّ يُؤَثِّرُ فِي الْقُلُوبِ؛ ((لَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ)).

وَيَتَجَلَّى النِّظَامُ الْمُحْكَمُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ؛ فَقَدْ ذَكَرَ الْأَلْبَانِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ إِنَّمَا تَكُونُ فِي الْمُصَلَّى.

وَقَالَ: ((هَذِهِ السُّنَّةُ -سُنَّةُ صَلَاةِ الْعِيدِ فِي الْمُصَلَّى- لَهَا حِكْمَةٌ عَظِيمَةٌ بَالِغَةٌ: أَنْ يَكُونَ لِلْمُسْلِمِينَ يَوْمَانِ فِي السَّنَةِ يَجْتَمِعُ فِيهِمَا أَهْلُ كُلِّ بَلْدَةٍ رِجَالًا وَنِسَاءً وَصِبْيَانًا، يَتَوَجَّهُونَ إِلَى اللهِ بِقُلُوبِهِمْ، تَجْمَعُهُمْ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيُصَلُّونَ خَلْفَ إِمَامٍ وَاحِدٍ يُكَبِّرُونَ وَيُهَلِّلُونَ، وَيَدْعُونَ اللهَ مُخْلِصِينَ كَأَنَّهُمْ عَلَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ بِنِعْمَةِ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَيَكُونُ الْعِيدُ عِنْدَهُمْ عِيدًا.

وَقَدْ أَمَرَ الرَّسُولُ ﷺ بِخُرُوجِ النِّسَاءِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مَعَ النَّاسِ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً؛ حَتَّى إِنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَا تَلْبَسُ فِي خُرُوجِهَا، بَلْ أَمَرَ أَنْ تَسْتَعِيرَ ثَوْبًا مِنْ غَيْرِهَا؛ حَتَّى إِنَّهُ أَمَرَ مَنْ كَانَ عِنْدَهُنَّ عُذْرٌ يَمْنَعُهُنَّ مِنَ الصَّلَاةِ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمُصَلَّى؛ لِيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ)).

 

المصدر:احْتِرَامُ النِّظَامِ الْعَامِّ فِي ضَوْءِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  تَفْصِيلُ الْقَوْلِ فِي اجْتِمَاعِ الْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ
  مِنْ سُبُلِ مُوَاجَهَةِ الْإِدْمَانِ: تَطْبِيقُ وَلِيِّ الْأَمْرِ حَدَّ الْحِرَابَةِ عَلَى مُرَوِّجِي الْمُخَدِّرَاتِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ: أَنَّ قُدْرَةَ اللهِ لَا حَدَّ لَهَا
  رَمَضَانُ شَهْرُ الْعِتْقِ مِنَ النَّارِ
  مِنْ مُوجِبَاتِ الْعِتْقِ مِنَ النِّيرَانِ: قِرَاءَةُ وَتَدَبُّرُ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلُ بِهِ
  رِحْلَةُ الْعَوْدَةِ تَبْدَأُ بِالتَّوْبَةِ الصَّادِقَةِ
  اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ
  مِنْ مَظَاهِرِ الْإِيجَابِيَّةِ: خِدْمَةُ الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ
  فَضْلُ الْعَشْرِ الْأُوَلِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فِي السُّنَّةِ
  الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا جَسَدٌ وَاحِدٌ
  عَوَاقِبُ وَخِيمَةٌ لِإِهْمَالِ النَّظَافَةِ
  مَنْزِلَةُ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ وَفَضَائِلُ الشُّهَدَاءِ
  رِسَالَةٌ إِلَى الْمِصْرِيِّينَ: اتَّقُوا اللهَ فِي مِصْرَ
  تَجْرِيمُ الْأَعْمَالِ الْإِرْهَابِيَّةِ بِالشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ
  مَسْئُولِيَّةُ الْمُسْلِمِ تِجَاهَ الْأَيْتَامِ وَالْفُقَرَاءِ
  • شارك