مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الْحَجِّ


((مَظَاهِرُ النِّظَامِ فِي عِبَادَةِ الْحَجِّ))

تَتَجَلَّى مَظَاهِرُ النِّظَامِ الْمُحْكَمِ فِي عِبَادَةِ الْحَجِّ؛ فَإِنَّ مِنْ أَجْلَى مَا يَكُونُ فِي فَرِيضَةِ الْحَجِّ: اجْتِمَاعَ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَخْرَجُوا مَنْدُوبِيهِمْ إِلَى الْحَجِّ لِيَشْهَدُوا الْمَوْسِمَ، فَمَا مِنْ شَارِعٍ، وَلَا مِنْ حَيٍّ، وَلَا مِنْ مَدِينَةٍ، وَلَا مِنْ قَرْيَةٍ، وَلَا دَوْلَةٍ، إِلَّا وَخَرَجَ مِنْهَا مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَخْرُجَ؛ حَتَّى يَشْهَدَ الْمَوْسِمَ.

فَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمَنْدُوبُونَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي بِقَاعِ الْأَرْضِ وَمَشَارِقِهَا وَمَغَارِبِهَا؛ لِكَيْ يَشْهَدُوا هَذَا الْأَمْرَ الْعَظِيمَ بِوَحْدَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَبِتَوَاضُعِهِمْ لِرَبِّهِمْ وَمَذَلَّتِهِمْ بَيْنَ يَدْيَهِ، وَفِي خُشُوعِهِمْ وَانْكِسَارِهِمْ لَدَيْهِ، فَجَمِيعُهُمْ عَلَى هَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ، لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَهُمْ مَظَاهِرُ الدُّنْيَا عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ الصَّحِيحُ.

إِنَّ فِي الْحَجِّ إِعْلَانًا عَمَلِيًّا لِمَبْدَأِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَذَلِكَ حِينَمَا يَقِفُ النَّاسُ جَمِيعًا مَوْقِفًا وَاحِدًا فِي صَعِيدِ عَرَفَاتٍ، لَا تَفَاضُلَ بَيْنَهُمْ فِي أَيِّ عَرَضٍ مِنْ أَعْرَاضِ الدُّنْيَا.

إِنَّ الرَّسُولَ ﷺ يَدُلُّ أُمَّتَهُ عَلَى الْخَيْرِ، وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي الشَّرْعِ الْأَغَرِّ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ يَجْعَلُ الْأُمَّةَ مُتَلَاحِمَةً كُلًّا وَجُزْءًا، يَجْعَلُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْأُمَّةَ مُتَمَاسِكَةً حَالِّينَ وَمُرْتَحِلِينَ، حَاجِّينَ وَغَيْرَ حَاجِّينَ، فَيَجْعَلُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ الْحَالَةَ النَّفْسِيَّةَ لِعُمُومِ الْأُمَّةِ قَائِمَةً عَلَى أَمْرٍ وَاحِدٍ بِالْمُسَاوَاةِ جَمِيعِهَا.

فَأَمَّا الْمُسَاوَاةُ الْكَامِلَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا..

وَأَمَّا الْمُسَاوَاةُ الْكَامِلَةُ زَمَانًا وَمَكَانًا..

أَمَّا الْمُسَاوَاةُ الْكَامِلَةُ بَدْءًا وَمُنْتَهًى..

أَمَّا الْمُسَاوَاةُ الْكَامِلَةُ تَلْبِيَةً وَدُعَاءً..

أَمَّا الْمُسَاوَاةُ الْكَامِلَةُ فَتَتَحَقَّقُ هُنَاكَ كَأَنَّهَا بَوْتَقَةٌ تَنْصَهِرُ فِيهَا الْأُمَّةُ؛ لِأَنَّ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ فَرَضَ الْحَجَّ عَلَى كُلِّ قَادِرٍ مُسْتَطِيعٍ، وَعَلَيْهِ.. فَمَا مِنْ مُسْتَطِيعٍ فِي الْأُمَّةِ إِلَّا وَهُوَ شَاهِدٌ يَوْمًا -بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- ذَلِكَ الْمَوْقِفَ، وَإِلَّا وَهُوَ دَاخِلٌ يَوْمًا -بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ- فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الْمُشْرِقَةِ مِنَ الْقُرْبِ مِنَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المصدر:احْتِرَامُ النِّظَامِ الْعَامِّ فِي ضَوْءِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  كُنْ بَارًّا بِوَطَنِكَ وَفِيًّا لَهُ!!
  فَوَائِدُ الْإِيمَانِ وَثَمَرَاتُهُ عَلَى الْفَرْدِ
  مِنْ صُوَرِ الْعَمَلِ التَّطَوُّعِيِّ النَّبِيلِ: زِيَارَةُ الْمَرْضَى، وَمُوَاسَاتُهُمْ
  طَاعَتُكَ مِنَّةٌ مِنَ اللهِ عَلَيْكَ
  كِبَارُ السِّنِّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ
  مِنْ دُرُوسِ الْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ أَنَّ: مَبْنَى الشَّرِيعَةِ عَلَى التَّيْسِيرِ
  مَاذَا يَصْنَعُ الْمُسْلِمُونَ لَوْ هُدِمَ الْأَقْصَى؟!!
  الحث على بِرِّ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنَ الأَرْحَامِ
  مُوجَزُ تَارِيخِ الْقُدْسِ الْعَرَبِيَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ
  الْإِيمَانُ تَصْلُحُ بِهِ الْحَيَاةُ عَلَى مُسْتَوَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ
  الشَّهَادَةُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالِادِّعَاءِ
  مِنْ مَعَانِي الْخِيَانَةِ
  إِمَامُ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ عَلَى الْقِمَّةِ الشَّامِخَةِ
  نَهْيُ الْإِسْلَامِ عَنِ الْغُلُوِّ وَالتَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ
  مِنْ حُقُوقِ الطِّفْلِ الْمُسْلِمِ: حَقُّهُ فِي الْحَيَاةِ
  • شارك