تَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ وَافْرَحُوا فِي عِيدِكُمْ


تَقَرَّبُوا إِلَى اللهِ وَافْرَحُوا فِي عِيدِكُمْ

هَذَا هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ -عِبَادَ اللهِ- يَنْحَرُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ الْأَضَاحِيَ وَالْهَدَايَا، وَهَذَا هُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ أَعْمَالِ الْحَجِّ تَقَعُ فِيهِ؛ تُرْمَى فِيهِ جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ، وَيُنْحَرُ فِيهِ الْهَدْيُ، وَتُحْلَقً فِيهِ أَوْ تُقَصَّرُ الرُّؤُوسُ، وَفِيهِ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ.

فَتَقَعُ مُعْظَمُ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِي هَذَا الْيَوْمِ -فِي يَوْمِ النَّحْرِ-، فَهُوَ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ، ضَحُّوا -عِبَادَ اللهِ- وَاسْتَسْمِنُوا، وَوَفِّرُوا الشُّرُوطَ فِي أُضْحَيَّاتِكُمْ حَتَّى تُقْبَلَ مِنْكُمْ؛ زَمَانًا وَهَيْئَةً وَعُمْرًا.

تَصَدَّقُوا وَتَوَاصَلُوا، وَتَرَاحَمُوا، وَتَوَادُّوا، وَتَنَاصَرُوا، وَتَحَابُّوا، هَذَا عِيدُكُمْ -عباد الله-، لَقَدْ قَالَ نَبِيِّكُمْ ﷺ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحِهِ)) بِسَنَدِهِ عَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلَيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ)).

وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللهِ)).

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُبَيِّنُ لِلْمُسْلِمِينَ لِيُبَيِّنُوا لِلْأُمَّةِ حَتَّى يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا أَنَّ نِعْمَةَ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَيْهِمْ بِمَا جَعَلَ لَهُمْ مِنَ الْأَعْيَادِ؛ إِنَّمَا هِيَ فِي التَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَدَائِهِمْ لِطَاعَاتِ كَثِيرَةٍ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ.

النَّبِيُّ ﷺ أَخْرَجَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ((مُسْنَدِهِ))، وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ، وَالْحَاكِمُ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: ((يَوْمُ الْفِطْرِ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلِ الْإِسْلَامِ)).

وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ -رَحِمَهُ اللهُ- -وَهِيَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا- قَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرَ السَّنَدَ إِلَيْهِ ﷺ: ((يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلِ الْإِسْلَامِ)).

فَهَذِهِ الْأَيَّامُ أَيَّامُ أَعْيَادٍ ذَكَرَهَا النَّبِيُّ ﷺ وَحَدَّدَهَا، وَبَيَّنَ نِعْمَةَ اللهِ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ- عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِهَا، وَلَكِنَّكَ تَلْحَظُ مَلْحَظًا دَقِيقًا فِي قَوْلِهِ ﷺ: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ للهِ)).

فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ؛ جَعَلَهُ مُقْدِّمَةً وَتَوْطِئَةً لِمَا يَأْتِي بَعْدَهُ وَهُوَ ذِكْرُ اللهِ، فَكَأَنَّهُ يُومِئُ ﷺ وَيُرْشِدُ إِلَى أَنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الْمَغْفُولِ عَنِ الطَّاعَةِ للهِ فِيهَا إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يُتَقَوَّى بِذَلِكَ عَلَى ذِكْرِ اللهِ.

 

المصدر :صِلَةُ الرَّحِمِ وَأَثَرُهَا عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ

التعليقات


فوائد مفرغة قد تعجبك


  دِينُ الِاسْتِقَامَةِ وَالتَّوَازُنِ
  رَمَضَانُ مَدْرَسَةٌ تُعَلِّمُ الْعَبْدَ وَتُهَذِّبُهُ
  الْعَمَلُ الْجَمَاعِيُّ الْمَشْرُوعُ مِنْ سُبُلِ بِنَاءِ الْأُمَمِ
  عِظَمُ شَأْنِ الْأَمَانَةِ وَخُطُورَةُ رَفْعِهَا
  حُسْنُ مُعَامَلَةِ وَاسْتِقْبَالِ الْوُفُودِ وَحَدِيثِي الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ
  الْكَلِمَةُ أَمَانَةٌ؛ فَأَمْسِكُوا أَلْسِنَتَكُمْ!
  الْعُلُومُ وَالْأَعْمَالُ النَّافِعَةُ الْعَصْرِيَّةُ دَاخِلَةٌ فِي الدِّينِ الْإِسْلَامِيِّ
  وَسَائِلُ مُفِيدَةٌ لِسَعَادَةِ الْأُسْرَةِ وَالْحِفَاظِ عَلَيْهَا
  حُبُّ الْوَطَنِ غَرِيزَةٌ فِي كُلِّ كَائِنٍ حَيٍّ
  تَحْوِيلُ الْقِبْلَةِ وَوَحْدَةُ الْأُمَّةِ
  أَمْرُ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- بِالصِّدْقِ وَثَنَاؤُهُ عَلَى الصَّادِقِينَ
  ثَمَرَاتُ رِعَايَةِ كِبَارِ السِّنِّ عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ
  إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ
  الْكَلَامُ طَيِّبٌ وَخَبِيثٌ وَبَيَانُ شَأْنِهِ
  الْآثَارُ الْخَطِيرَةُ وَالثَّمَرَاتُ الْمُرَّةُ لِلتَّطَرُّفِ الْفِكْرِيِّ
  • شارك