((خَصَائِصُ الصَّلَاةِ))
الشَّيْخ الْعَلَّامَة: عَبْد الْعَزِيز بْنِ عَبْدِ الله آل الشَّيْخ -حَفِظَهُ اللهُ-.
الْمُفْتِي الْعَامُّ لِلْمَمْلَكَةِ الْعَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ وَرَئِيسُ هَيْئَةِ كِبَارِ الْعُلَمَاءِ
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، َصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أمَّا بَعْدُ:
((الصَّلَاةُ مِنْ أَجَلِّ الطَّاعَاتِ وَأَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ))
فَيَا أَيِّهَا النَّاسُ! اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- حَقَّ التَّقْوَى!
عِبَادَ اللهِ! الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ هِيَ الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، هِيَ عَمُودُ الدِّينِ، لَهَا مِنَ الْأَهَمِّيَّةِ وَالشَّأْنِ مَا اللهُ بِهِ عَلِيمٌ.
هَذِهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ الَّتِي فَرَضَهَا اللهُ عَلَى الْعِبَادِ فِي الْيَوْمِ خَمْسَ مَرَّاتٍ هِيَ مِنْ أَجَلِّ الطَّاعَاتِ وَأَعْظَمِ الْقُرُبَاتِ.
((الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ فِي الْإِسْلَامِ))
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ! لَقَدْ جَاءَ الْأَمْرُ بِهَا فِي كِتَابِ رَبِّنَا وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا ﷺ.
يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 4].
وَيَقُولُ: {قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [إبراهيم: 31].
أَيِّهَا الْمُسْلِمُ! إِنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- أَمَرَ بِهَذِهِ الصَّلَاةِ فِي عِدَّةِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ وَفِي سُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ.
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43].
((خَصَائِصُ الصَّلَاةِ))
وَلِهَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ خَصَائِصُ لَيْسَتْ لِغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ:
* فَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّ طَرِيقَ فَرْضِيَّتِهَا خَارِجٌ عَنْ جَمِيعِ الْفَرَائِضِ الْإِسْلَامِيَّةِ؛ فَكَانَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَنْزِلُ بِالْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ بِفَرِيضَةٍ أَوْ تَحْرِيمٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
أَمَّا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ فَكَانَ فَرْضَيَّتُهَا لَيْلَةَ عُرِجَ بِالنَّبِيِّ ﷺ إِلَى السَّمَاءِ، فَخَاطَبَهُ اللهُ شَفَاهِيَةً بِالصَّلَاةِ وَأَمَرَهُ بِهَا خَمْسِينَ صَلَاةٍ، فَمَا زَالَ مُحَمَّدٌ ﷺ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ رَبِّهِ وَمُوسَى، وَمُوسَى يَقُولُ لِمُحَمَّدٍ: ((اسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَجَعَلَهَا اللهُ خَمْسًا فِي الْعَمَلِ خَمْسِينَ فِي الثَّوَابِ، وَقَال: ((أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي)).
* هَذِهِ الصَّلَوَاتُ أَطْلَقَ اللهُ عَلَيْهَا اسْمَ الْإِيمَانِ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143] أَيْ: صَلَوَاتِكُمْ.
* هَذِهِ الصَّلَوَاتُ تُذْكَرُ -أَحْيَانًا- مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} [الأنبياء: 73].
فَذَكَرَ الصَّلَاةَ بَعْدَ أَعْمَالِ الْخَيْرِ، وَهِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ، لَكِنْ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ؛ لِأَهَمِّيَّتِهَا.
وَقَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [العنكبوت: 45].
* هَذِهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ جَاءَ ذِكْرُهَا مَعَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَوَامِرِ، قَالَ -جَلَّ وَعَلَا-: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام: 162-163].
وَقَالَ: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].
وَقَالَ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: 56].
* وَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّ اللهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ بِالِاصْطِبَارِ عَلَيْهَا: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132].
* وَمِنْهَا: أَنَّ اللهَ افْتَرَضَهَا عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَهِيَ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ، يُطَالَبُ بِهَا الْمَرِيضُ كَمَا يُطَالَبُ بِهَا الصَّحِيحُ، وَيُطَالَبُ بِهَا الْمُسَافِرُ كَمَا يُطَالَبُ بِهَا الْمُقِيمُ، فَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ بِمَرَضٍ وَلَا سَفَرٍ، وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ، إِلَّا أَنَّ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- تَفَضَّلَ بِفَضْلِهِ الْعَظِيمِ فَخَفَّفَ بَعْضَ شُرُوطِهَا وَبَعْضَ عَدَدِهَا وَأَفْعَالِهَا، يَقُولُ ﷺ لِلْمَرِيضِ: ((صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا)).
* وَجَعَلَ اللهُ لَهَا الطَّهَارَةَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا، يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 3].
أَيْ: فَطَهِّرْ ثَوْبَكَ؛ فَالطَّهَارَةُ مَشْرُوطَةٌ لِلصَّلَاةِ؛ طَهَارَةٌ لِلثَّوْبِ، وَطَهَارَةٌ لِلْبُقْعَةِ، وَطَهَارَةُ الْجَسَدِ، يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].
* وَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّهَا عِبَادَةٌ تَعُمُّ الْقَلْبَ وَاللِّسَانَ وَالْجَوَارِحَ.
* وَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّهَا دِينٌ أَمَرَ اللهُ بِهَا فِي جَمِيعِ الشَّرَائِعِ؛ فَهِيَ مِنْ أَخْلَاقِ الْأَنْبِيَاءِ -عَلَيْهُمُ السَّلَامُ-، فَمَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا وَالصَّلَاةُ فِي شَرِيعَتِهِمْ.
يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- عَنْ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي} [إبراهيم: 40].
وَيَقُولُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 55].
وَيَقُولُ عِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 31].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! وَهِيَ آخِرُ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا مُحَمَّدٌ ﷺ أُمَّتَهُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، وَكَانَ يَقُولُ: ((الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ))، يُغَرْغِرُ بِهَا، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى النُّطْقِ بِهَا ﷺ.
((فَضَائِلُ الصَّلَاةِ الْعَظِيمَةُ))
وَلَمَّا كَانَتْ لِلصَّلَاةِ تِلْكَ الْخَصَائِصُ وَالْمُمَيِّزَاتُ كَانَ لَهَا فَضَائِلُ عَظِيمَةٌ:
* وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّهَا خَيْرُ الْأَعْمَالِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: جَاءَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: ((يَا رَسُولُ الله! أَيِّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟)).
قَالَ: ((الصَّلَاةُ)).
((ثُمْ أَيٌّ؟)).
قَالَ: ((الجِهَادُ)).
فَجَعَلَ الصَّلَاةَ خَيْرَ الْأَعْمَالِ.
وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاَعْلَمُوا أَنْ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ الصَّلَاةُ)).
* وَمِنْ فَضَائِلِهَا: أَنَّهَا نُورٌ وَبُرْهَانٌ لِصَاحِبِهَا، يَقُولُ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ حَفِظَهَا وَحَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا نَجَاةٌ وَلَا بُرْهَانٌ، وَحُشِرَ مَعَ فِرْعَونَ وَقَارُونَ وَأُبيِّ بِنِ خَلَفٍ)).
* وَمِنْ فَضَائِلِ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ: أَنَّهَا سَبَبٌ لِصَلَاحِ الْعَمَلِ، يَقُولُ ﷺ: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَعْمَالِ صَلَاتُهُ، فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ)).
* وَمِنْهَا: أَنَّهَا سَبَبٌ لِلنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرَاتِ، وَالتَّخَلُّقِ بِالْأَخْلَاقِ الْفَاضِلَةِ.
يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت: 45].
* وَهَذِهِ الصَّلَوَاتُ عَوْنٌ لَكَ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِكَ، يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45].
وَيَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153].
* وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ مُكَفِّرَةٌ لِلذُّنُوب وَالسَّيِّئَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا، يَقُولُ ﷺ: ((الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، والْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ)).
* وَمِنْ خَصَائِصِهَا: أَنَّهَا قُرَّةُ عَيْنِ الْمُؤْمِنِ، وَرَاحَةُ نَفْسِهِ، وَانْشِرَاحُ صَدْرِهِ، فَإِنْ أَدَّاهَا فَقَدِ انْشَرَحَ صَدْرُهُ، وَطَابَتْ نَفْسُهُ، وَقُرَّتْ عَيْنُهُ.
يَقُولُ ﷺ: ((أَرِحْنَا يَا بِلَالُ بِالصَّلَاةِ)).
فَجَعَلَ رَاحَةً لَهُمْ وَأُنْسًا لَهُ.
وَيَقُولُ: ((حُبِّبَ لِي مِنْ دِنْيَاكُمُ النَّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ)).
((ضَرُورَةُ الْحِفَاظِ عَلَى الصَّلَاةِ))
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ! فَأَدِّ هَذِهِ الْفَرِيضَةَ طَاعَةً للهِ، وَاشْكُرِ اللهَ الَّذِي فَرَضَهَا عَلَيْكَ؛ لِأَنَّ فِي فَرْضِيَّتِهَا ثَوَابًا عَظِيمًا وَأَجْرًا كَبِيرًا لَكَ، فَاحْمَدِ اللهَ أَنْ فَرَضَهَا عَلَيْكَ لِتَنَالَ رِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ، وَاشْكُرِ اللهَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ.
وَقَوِّ نَفْسَكَ عَلَى فِعْلِهَا، وَاحْرِصْ عَلَى أَدَائِهَا، وَأْمُرْ أَهْلَكَ مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِهَا؛ فَإِنَّهَا خَيْرُ الْخِصَالِ.
وَاحْذَرِ التَّهَاوُنَ بِهَا وَالِاسْتِخْفَافَ بِهَا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخُسْرَانِ الْعَظِيمِ.
وَأَدِّهَا كَمَا أَمَرَ اللهُ بِطُمَأْنِينَةٍ وَخُشُوعٍ فِي أَرْكَانِهَا وَقِرَاءَتِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَاسْأَلِ اللهَ التَّوْفِيقَ، وَاللهُ -تَعَالَى- يَقُولُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 262].
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمْ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ-.
أَمَّا بَعْدُ:
((تَرْكُ الصَّلَاةِ عُنْوَانُ الضَّلَالِ وَالشَّقَاءِ))
فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ! اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- حَقَّ التَّقْوَى.
عِبَادَ اللهِ! أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ مَنْ جَحَدَهَا وَأَنْكَرَ وُجُوبَهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ خَارِجٌ مِنَ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ، وَأَنَّ مَنِ اسْتَهْزَأَ بِهَا أَوِ اسْتَخَفَّ بِهَا وَسَخِرَ بِهَا فَذَاكَ عُنْوَانُ ضَلَالِهِ وَشَقَائِهِ، فَهِيَ التُّرْجَمَانُ لِمَا فِي الْقَلْبِ مِنْ إِيمَانٍ، وَمَنْ أَدَّى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ دَلَّ عَلَى إِيمَانِهِ، وَمَنْ تَخَلَّى عَنْهَا دَلَّ عَلَى شَقَائِهِ وَنِفَاقِهِ.
يَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَىٰ يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142].
وَيَقُولُ ﷺ: ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ)).
وَيَقُولُ ﷺ: ((بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ)).
وَيَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا- عَنِ الْكُفَّارِ إِذَا قِيلَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 42-46].
فَجَعَلَ تَرْكَ الصَّلَاةِ مُسَاوِيًا لِلتَّكْذِيبِ بِيَوْمِ الدِّينِ وَإِنْكَارِ الْمَعَادِ!
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ! فَحَافِظْ عَلَيْهَا، وَإِيَّاكَ أَنْ يَخْدَعَكَ الشَّيْطَانُ عَنْهَا، أَدِّهَا فِي كُلِّ أَوْقَاتِهَا، أَدِّهَا خَمْسًا فِي أَوْقَاتِهَا، وَاحْرِصْ عَلَى ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء: 103].
((جَرِيمَةُ انْتِشَارِ الْمُخَدِّرَاتِ وَعَوَاقِبُهَا السَّيِّئَةُ))
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! بِالْأَمْسِ سَمِعْنَا خَبَرًا أُذِيعَ مِنْ وَزَارَةِ الدَّاخِلِيَّةِ كَانَ مَوْضُوعُهُ إِحْصَاءً عَنِ الْمُخَدِّرَاتِ وَأَرْبَابِهَا وَالْمُرَوِّجِينَ لَهَا خِلَالَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَجَاءَ بِهَذَا الْبَيَانِ الْأَمْرُ الْمَهُولُ مِنَ هَذِهِ الْمَوَادِّ السَّيِّئَةِ مِنَ الْحَشِيشِ والْأَفْيُون وَالْأَسْلِحَةِ النَّارِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وَسَائِلِ الْإِجْرَامِ وَالضَّلَالِ.
يَا إِخْوَانِي! الْإِسْلَامُ يَمْنَعُ الْمُسْلِمَ مِنَ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ، ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)).
هَؤُلَاءِ الْمُصَنِّعُونَ لِلْمُخَدِّرَاتِ.. هَؤُلَاءِ مِنْ جِلْدَتِنَا وَمِنْ بِلَادِنَا -هَدَاهُمُ اللهُ لِكُلِّ خَيْرٍ-، هَذِهِ الْجَرَائِمُ الْعَظِيمَةُ وَالْمُنْكَرَاتُ الْقَبِيحَةُ الَّتِي تَهْدِمُ الدِّينَ وَالْقِيَمَ وَالْفَضَائِلَ، وَهِيَ سَبَبٌ لِهَدْمِ الدِّينِ، وَسَبَبُ إِفْسَادِ الْعُقُولِ، وَالْقَضَاءِ عَلَى كِيَانِ الْأُمَّةِ، وَجَعْلِهَا أُمَّةً ضَائِعَةً ضَالَّةً.
إنَّ أُمَّةَ الْإِسْلَامِ تُحَارَبُ الْيَوْمَ؛ تُحَارَبُ بِالسِّلَاحِ الْعَسْكَرِيِّ، وَتُحَارَبُ بِالسِّلَاحِ الْفِكْرِيِّ السَّيِّئِ، وَتُحارَبُ بِسِلَاحِ الْمُخَدِّرَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ؛ فَهِيَ -وَاللهِ- حَرْبٌ ضَرُوسٌ وَبَلَاءٌ عَلَى الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ.
أَيْنَ الْإِسْلَامُ يَا أَخِي؟! أَيْنَ الصَّلَاةُ الَّتِي تَنْهَاكَ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ؟!
أَيْنَ تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ؟! أَيْنَ صِيَامُ رَمَضَانَ؟! أَيْنَ حَجُّكَ؟!
أَيْنَ عَمَلُكَ الصَّالِحُ؟!
إِنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَالشَّبَكَةِ الْإِجْرَامِيَّةِ الْخَطِيرَةِ دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ إِيمَانِكَ، وَضَعْفِ يَقِينِكَ، لَوْ كَانَ فِي قَلْبِكَ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَرْدَلِ إِيمَانٍ مَا رَضِيتَ لِأُمَّتِكَ بِالْفَسَادِ، تَرْضَى أَنْ تَسْعَى لِأُمَّتِكَ بِأَنْ تُدَمِّرَ عُقُولَهَا وَأَفْكَارَهَا؟!
هَذِهِ الْمُخَدِّرَاتُ سَبَبٌ فِي تَشَوُّهِ الْأَجِنَّةِ، وَإِسْقَاطِهَا مُبَكِّرًا، وَسَبَبُ كُلِّ بَلَاءٍ؛ مِنْ تَمَيُّعِ الْأَخْلَاقِ، وَفَسَادِ الْأَعْرَاضِ، وَانْحِلَالِ الْقِيَمِ وَالْفَضَائِلِ، وَجَلْبِ كُلِّ الْمَصَائِبِ، تَدْعُو صَاحِبَهَا إِلَى غَايَةِ الذُّلِّ وَالْهَوَانِ، لَا رَأْيَ وَلَا تَفْكِيرَ وَرَاءَ تِلْكَ الْمُنْكَرَاتِ.
يَا أَيُّهَا النَّاسُ! الْحَقِيقَةُ عِنْدَمَا سَمِعْنَا الْخَبَرَ وَتَفَاصِيلَهُ يَدُلُّ عَلَى أَمْرَيْنِ:
الْأَمْرُ الْأَوَّلُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْجِهَاتِ الْأَمْنِيَّةَ جِهَاتٌ مُوَفَّقَةٌ مُعَانَةٌ، وَالشُّكْرُ للهِ عَلَى وُجُودِهَا لِمُكَافَحَةِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَسِلَاحُ حَرَسِ الْحُدُودِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْجَمَارِكَ مِمَّا يُرَاقِبُونَ هَذِهِ الْحُدُودَ، وَيَكْتَشِفُونَ هَذِهِ الْبَلَايَا بِأَسَالِيبَ مُخْتَلِفَةٍ، وَكُلَّمَا تَفَنَّنَ الْمُرَوِّجُونَ فِي أَسَالِيبِهِمْ وَفَّقَ اللهُ أُولَئِكَ لِلْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ.
إِنَّ هَذِهِ بَلَاءٌ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، بَلَاءٌ عَلَيْكَ وَعَلَى أَوْلَادِكَ وَأَهْلِكَ، وَإِنْ سَلِمْتَ أَنْتَ فَإِنَّ أَهْلَكَ لَا يَسْلَمُوا مِنْ شَرِّهَا.
إِنَّ هَذَا الْمَالَ الْمَأْخُوذَ بِهَذِهِ الطَّريِقَةِ مَالٌ خَبِيثٌ سُحْتٌ ضَارٌّ مُؤْذٍ سَبَبٌ لِلْعَذَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
يَا أَخِي الْمُسْلِمُ! مَيَادِينُ الْكَسْبِ كَثِيرَةٌ، وَطُرُقُ الِاكْتِسَابِ عَظِيمَةٌ، يَكْتَسِبُ بِالْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِيَّاكَ أَنْ يَكُونَ مَكْسَبُكَ خَبِيثًا سَيِّئًا مِنْ هَذِهِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَتَكُونُ دَائِمًا فِي قَلَقٍ وَشَقَاءٍ، هَمُّكَ فَقَطْ جَمْعُ الْمَالِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ السَّيِّئَةِ، لَقَدْ نَقَلُوا أَنَّ هَؤُلَاءِ يَحْمِلُونَ أَمْوَالًا عَظِيمَةً فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الِاعْتِدَاءِ وَالظُّلْمِ الْعَظِيمِ، سَلَبُوا أَمْوَالَ النَّاسِ، وَسَلَبُوا عُقُولَهُمْ، وَهَدُّوا كِيَانَهُمْ، وَقَضَوْا عَلَى قِيَمِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ.
إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ فِي أَنْفُسِهِمْ، وَأَنْ يَأْخُذُوا عَلَى أَيْدِي هَؤُلَاءِ، وَأَنْ يُبَلِّغُوا عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُمْ بَيْنَ الْمُجْتَمَعِ بَلَاءٌ وَضَرَرٌ.
إِنَّ الْأُمَّةَ تَخْشَى مِنَ الْحُرُوبِ الَّتِي تُسَبِّبُ الدَّمَارَ، وَأَيُّ سِلَاحٍ ضِدَّ الْأَخْلَاقِ دَمَارٌ لِلدِّينِ لِلصِّحَّةِ، جَالِبٌ لِلْأَمْرَاضِ، مُفْسِدٌ لِلْأَخْلَاقِ، تُمَيِّعُ الْخُلُقِ، وَغَيْرٌ ذَلِكَ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْبَلَايَا.
فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ! إِنَّ هَذَا الْوَاقِعَ أَمْرٌ عَظِيمٌ وَمُهِمٌّ جِدًّا.
الْأَمْرُ الثَّانِي: يَدُلُّ عَلَى يَقَظَةِ الْأَمْنِ وَاسْتِعْدَادِهِمْ وَتَهْيِئَتِهِمْ، وَوَفَّقَ اللهُ وَزِيرَ دَاخِلِيَّتِنَا لِمَا فِيهِ الْخَيْرُ وَالصَّلَاحُ، وَأَيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ لِمُكَافَحَةِ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْجَرَائِمِ الشَّدِيدَةِ.
إِنَّهُ -وَاللهِ- بَلَاءٌ؛ فَالدُّعَاءُ لَهُمْ بِالتَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ، وَأَنْ يُعِينَهُمُ اللهُ عَلَى هَذِهِ الْمُقَاوَمَةِ الشَّدِيدَةِ لِلْقَضَاءِ عَلَى هَذَا الْغَزْوِ الْفَتَّاكِ الْإِجْرَامِيِّ؛ كَيْ لَا يَسْلُبَ دِينَنَا وَأَخْلَاقَنَا وَقِيَمَنَا وَفَضَائِلَنَا، إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.. أَنْ يُوَفِّقَهُمْ وَيُعِينَهُمْ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ، وَيُسَدِّدَ خُطَاهُمْ، وَيُوَفِّقَهُمْ لِمَا يُحِبَّهُ وَيَرْضَاهُ.
فَالتَّعَاوُنُ مَعَهُمْ فِي الْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الْأَفْكَارِ الْخَبِيثَةِ مَطْلُوبٌ؛ لِأَنَّنَا مَسْؤُولُونَ عَنْ أُمَّتِنَا، وَعَنْ أَنْفُسِنَا، وَعَنْ أَوْلَادِنَا، وَعَنْ مُجْتَمَعِنَا، فَلَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نَسْعَى فِي الضَّرَرِ في أَمْنِ النَّاسِ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.
هَذِهِ الْمُخَدِّرَاتِ مَا تَزَالُ بِصَاحِبِهَا حَتَّى يَفْعَلَ مَا يُرِيدُ مِنْ غَيْرِ حَيَاءٍ مِنْ غَيْرِ خَجَلٍ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ مِنَ اللهِ، فَنَرْجُو اللهَ -جَلَّ وَعَلَا- أَنْ يُوَفِّقَ الْمَسْؤُولِينَ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَنْ يُعِينَهُمْ عَلَى الْقَضَاءِ عَلَى هَذِهِ الْأَوْكَارِ الْإِجْرَامِيَّةِ، وَأَنْ يَمُدَّهُمْ بِعَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَنَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ وَالْعَافِيَةَ.
وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَعَلَيْكُمْ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ، وَصَلُّوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- عَلَى عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، قَالَ تعالى-: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
اللهم صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمَّدٍ، وَارْضَ اللهم عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَعَنْ سَائِرِ أَصْحَابِ نَبِيِّكَ أَجْمَعِينَ، وَعَنِ التَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِعَفْوِكَ وَكَرَمِكَ وَجُودِكَ وَإِحْسَانِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
للهم أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُوَحِّدِينَ، وَاجْعَلِ اللهم هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
اللهم آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، اللهم آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، اللهم آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ وُلَاةَ أَمْرِنَا، وَآمِنِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَارِهِمْ وَأَيِّدْهُمْ بِالْوُلَاةِ الصَّالِحِينَ وَمَنْ يَحْكُمُ بِالْعَدْلِ وَالْخَيْرِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
اللهم يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَفِّقْ إِمَامَنَا إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ لِكُلِّ خَيْرٍ، اللهم وَفِّقْ إِمَامَنَا إِمَامَ الْمُسْلِمِينَ لِكُلِّ خَيْرٍ، وَأَعِنْهُ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَسَدِّدْهُ فِي أَقْوَالِهِ وَأَعْمَالِهِ، وَوَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ وَوَلِيَّ وَلِيِّ عَهْدِهِ لِكُلِّ خَيْرٍ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
اللهم أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ الْغَنِيُّ وَنَحْنُ الْفُقَرَاءُ إِلَيْكَ، أَنْزِلْ عَلَيْنَا الْغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَهُ قُوَّةً لَنَا عَلَى طَاعَتِكَ وَبَلَاغًا لَنَا إِلَى حِينٍ، اللهم أَغِثْنَا، اللهم أَغِثْنَا، اللهم أَغِثْنَا، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.
عِبَادَ اللهِ! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيلَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى عُمُومِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، وَلِذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
***