تاريخ النشر الخميس,15 شوال 1439 / 28 يونيو 2018

تفريغ خطبة فَضَائِلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ


((فَضَائِلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((الْغَايَةُ مِنْ خَلْقِ الْخَلْقِ تَوْحِيدُ اللهِ))

فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- خَلَقَنَا لِنَعْبُدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْغَايَةِ أَرْسَلَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ, وَنَبَّأَ النَّبِيِّينَ, وَأَنْزَلَ الْكُتُبَ.

وَلِأَجْلِ تَحْقِيقِ هَذِهِ الْغَايَةِ قَامَتِ الْمَعْرَكَةُ بَيْنَ جُنْدِ الرَّحْمَنِ وَجُنْدِ الشَّيْطَانِ؛ فَلِأَجْلِ تَوْحِيدِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- وَلِأَجْلِ إِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لِوَجْهِهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كَانَ هَذَا كُلُّهُ.

((أَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبْدِ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَقُولَ: ((أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)), وَهِيَ آخِرُ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْعَبْدُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى يَسْلَمَ؛ ((مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ مِنَ الدُّنْيَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)) .

 فَهِيَ أَوَّلُ مَا يَدْخُلُ بِهِ الدِّينَ, وَآخِرُ مَا يُفَارِقُ عَلَيْهِ الْحَيَاةَ, وَهُوَ يَحْيَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الْغَايَتَيْنِ, بَيْنَ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ مِنْ أَجْلِ تَحْقِيقِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ وَهِيَ نَفْيٌ: لَا إِلَهَ, وَإِثْبَاتٌ: إِلَّا اللهُ.

فَأَوَّلُ وَاجِبٍ عَلَى الإنسَانِ مَعْرِفَةُ مَعْنَى هَذِهِ الكَلِمَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبيِّه ﷺ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19]، أَي: فَاعْلَمْ -يَا مُحَمَّدُ- أنَّهُ لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إلَّا اللهُ.

فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) أَوَّلُ الوَاجِبَاتِ:

فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ  مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ قَالَ لَهُ: ((إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)).

وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنْ يُوَحِّدُوا اللهَ)).

قَالَ شَيْخُ الإسْلَامِ -رَحِمَهُ اللهُ-: ((وَقَد عُلِمَ بالاضْطِرَارِ مِن دِينِ الرَّسُولِ ﷺ، وَاتَّفَقَتْ عَلَيهِ الأمَّةُ: أنَّ أَصْلَ الإسْلَامِ، وَأَوَّلَ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الخَلْقُ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.

فَبِذَلِكَ يَصِيرُ الكَافِرُ مُسْلِمًا، وَالعَدُوُّ وَلِيًّا، وَالمُبَاحُ دَمُهُ وَمَالُهُ مَعْصُومَ الدَّمِ وَالمَالِ.

ثُمَّ إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِن قَلْبِهِ؛ فَقَد دَخَلَ فِي الإيمَانِ، وَإِن قَالَهُ بِلِسَانِهِ دُونَ قَلْبِهِ، فَهُو فِي ظَاهِرِ الإسْلَامِ دُونَ بَاطِنِ الإيمَانِ)).

((جُمْلَةٌ مِنْ فَضَائِلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))

لَقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ فِي أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ فَضْلَ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))، وَفَضْلَ الذِّكْرِ بِهَا، مَعَ تَحْقِيقِهَا، وَالصِّدْقِ فِيهَا، وَالإِخْلَاصِ، مَعَ المَحَبَّةِ لَهَا، وَمُوَالَاةِ أَهْلِهَا.

*فَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ فَضْلَ الصِّدْقِ فِيهَا:

فَقَدْ أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ  مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ)).

*وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ صَاحِبَ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) مَعْصُومُ الدَّمِ وَالمَالِ:

فَعَنْ طَارِقِ بْنِ أَشْيَمَ الأَشْجَعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ؛ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ)). رَوَاهُ مُسْلِمٌ .

*وَقَد عَلَّقَ النَّبيُّ ﷺ عِصْمَةَ المَالِ وَالدَّمِ بِأَمْرَينِ:

الأوَّلُ: قَولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.

وَالثَّانِي: الكُفْرُ بِمَا يُعْبَدُ مِن دُونِ اللهِ، فَلَمْ يَكْتَفِ بِاللَّفْظِ المُجَرَّدِ عَن المَعْنَى، بَل لَابُدَّ مِن قَولِهَا وَالعَمَلِ بِهَا.

وَهَذَا مِن أَعْظَمِ مَا يبيِّنُ مَعْنَى ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))، فَإنَّهُ لَم يَجْعَلِ التَّلَفُّظَ بِهَا عَاصِمًا للدَّمِ وَالمَالِ، بَلْ وَلَا مَعْرِفَةَ مَعْنَاهَا مَع التَّلفُّظِ بِهَا، بَلْ وَلَا الإقْرَارَ بِذَلِكَ، بَلْ وَلَا كَونَهُ لَا يَدْعُو إلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، بَل لَا يَحْرُمُ دَمُهُ وَمَالُهُ حَتَّى يُضِيفَ إِلَى ذَلِكَ الكُفْرَ بِمَا يُعْبَدُ مِن دُونِ اللهِ، فَإِنْ شَكَّ أَو تَرَدَّدَ؛ لَم يَحْرُمْ مَالُهُ وَدَمُهُ.

*وَبَيَّنَ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ:

كَمَا فِي ((الصَّحِيحَينِ)) , مِنْ رِوَايَةِ: عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ)).

قَولُهُ ﷺ: ((فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ))؛ أَي: مَنَعَ مِن النَّارِ، أَو مَنَعَ النَّارَ أَنْ تُصِيبَهُ.

قَولُهُ ﷺ: ((مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))؛ أَي: بِشَرْطِ الإخْلَاصِ.

*وَمَنْ أَتَى بِشَرْطِ العِلْمِ دَخَلَ الجَنَّةَ:

فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ  مِنْ رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ دَخَلَ الْجَنَّةَ)).

يَنْبَغِي أَن يَعْلَمَ الشَّاهِدُ بـ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) مَعْنَاهَا.

وَهَذِهِ الكَلِمَةُ العَظِيمَةُ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الكُفْرِ بِالطَّاغُوتِ، وَالإيمَانِ باللهِ، فَإِنَّ مَنْ نَفَى الإلَهِيَّةَ، وَأَثْبَتَ الإيجَابَ للهِ سُبْحَانَهُ؛ كَانَ مِمَّنْ كَفَرَ بِالطَّاغُوتِ، وَآمَنَ باللهِ.

وَالإلَهُ: هُو المَعْبُودُ المُطَاعُ، وَهُو الَّذِي يُطاعُ فَلَا يُعْصَى هيبةً لَهُ وَإِجْلَالًا، وَمَحَبَّةً، وَخَوْفًا، وَرَجَاءً، وَتَوَكُّلًا عَلَيهِ، وَسُؤَالًا مِنْهُ، وَدُعَاءً لَهُ، وَلَا يَصْلُحُ ذَلِكَ كُلُّهُ إلَّا للهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.

فَمَنْ أَشْرَكَ مَخْلُوقًا فِي شَيءٍ مِن هَذِهِ الأمُورِ الَّتِي هِي مِن خَصَائِصِ الألُوهِيَّة؛ كَانَ ذَلِكَ قَدْحًا فِي قَولِ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ))، وَنَقْصًا فِي تَوْحِيدِهِ، وَكَانَ فِيهِ مِن عُبُودِيَّةِ المَخْلُوقِ بحَسَبِ مَا فِيهِ مِن ذَلِكَ، وَهَذَا كُلُّهُ مِن فُرُوعِ الشِّرْكِ.

وَعُبَّادُ القُبُورِ لَم يَعْرِفُوا مَعْنَى هَذِهِ الكَلِمَةِ، وَلَا عَرَفُوا الإلَهِيَّةَ المَنْفِيَّةَ عَن غَيرِ اللهِ، الثَّابِتَةَ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

*ومَنْ أَتَى بِشَرْطِ الإِخْلَاصِ؛ فَهُوَ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ القِيَامَةِ:

فَقَدْ أَخْرَجَ البُخَارِيُّ , مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ: مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ)).

وَمَنْ قَالَهَا، وَأَتَى بِشَرْطِ اليَقِينِ فِيهَا؛ فَقَدْ بَشَّرَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِالجَنَّةِ، كَمَا فِي ((صَحِيحِ مُسْلِمٍ)) , مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((مَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ؛ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ)).

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ هُوَ يَتَوَلَّى الصَالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ , صَلَاةً وَسَلَامًا دَائِمَيْنِ مُتَلَازِمَيْنِ إِلَى يَومِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:

*فَـ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) أَعْلَى مَرَاتِبِ الإِيمَانِ:

كَمَا فِي ((الصَّحِيحَيْنِ)) , مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً -وَهَذِهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ- أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً؛ فَأَفْضَلُهَا: قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ -هِيَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الإِيمَانِ-، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ)).

فـ ((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) أَعْلَى مَرَاتِبِ الإِيمَانِ.

((لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)) سَبَبٌ لِدُخُولِ الجَنَّةِ، وَالنَّجَاةِ مِن النَّارِ، وَمُقْتَضٍ لِذَلِكَ، وَلَكِنَّ المُقْتَضِي لَا يَعْمَلُ عَمَلَهُ إلَّا باسْتِجْمَاعِ شُرُوطِهِ وَانتِفَاءِ مَوَانعِهِ، فَقَد يَتَخلَّفُ عَنهُ مُقتَضَاهُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ مِن شُرُوطِهِ أَو لوُجُودِ مَانِعٍ؛ وَلِهَذَا قِيلَ للحَسَنِ: إنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: مَنْ قَالَ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا الله)) دَخَلَ الجَنَّةَ.

فَقَالَ: مَنْ قَالَ: ((لَا إِلَهَ إِلَّا الله))، فَأَدَّى حَقَّهَا وفَرْضَهَا؛ دَخَلَ الجَنَّةَ.

وَقَالَ وَهْبُ بنُ مُنَبِّهٍ لِمَنْ سَأَلَهُ: أَلَيْسَ ((لَا إِلَهَ إِلَّا الله)) مِفْتَاحَ الجَنَّةِ؟

قَالَ: بَلَى؛ وَلَكِنْ مَا مِنْ مِفْتَاحٍ إلَّا وَلَهُ أَسْنَانٌ، فَإِن جِئْتَ بِمِفْتَاحٍ لَهُ أَسْنَانٌ؛ فُتِحَ لَكَ، وإلَّا لَم يُفْتَحْ .

 ((التَّوْحِيدُ عِزُّكُمْ وَمَجْدُكُمْ))

يَا أُمَّةَ التَّوْحِيدِ! التَّوْحِيدُ عِزُّكُمْ, فَخرُكُمْ, مَجْدُكُمْ, مَتَى مَا حَقَّقْتُمُوهُ أَعَزَّكُمُ اللهُ وَرَفَعَكُمْ, وَمَتَى مَا خَالَفْتُمْ فِيهِ أَذَلَّكُمْ وَحَطَّكُمْ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: ((إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)) .

وَمَا هُوَ دِينُكُمْ؟

هُوَ دِينُ إِبْرَاهِيمَ، هُوَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ ﷺ.

نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُمَسِّكَنَا دِينَهُ حَتَّى نَلْقَى وَجْهَهُ, وَأَنْ يُقِيمَنَا عَلَيْهِ ثَابِتِينَ حَتَّى يَقْبِضَنَا عَلَى ذَلِكَ فَالِحِينَ مُفْلِحِينَ, غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَحْزُونِينَ؛ إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.

التعليقات


خطب قد تعجبك


  • شارك