تاريخ النشر السبت,06 شعبان 1439 / 21 أبريل 2018

تفريغ خطبة شَعْبَانُ وَحَصَادُ الْعَامِ


((شَعْبَانُ وَحَصَادُ الْعَامِ))

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((مِنْ فَضَائِلِ شَهْرِ شَعْبَانَ))

فَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، عَنِ الحِبِّ بْنِ الْحِبِّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ أَبِيهِ وَعَنْ أُمِّهِ أُمِّ أَيْمَنَ حَاضِنَةِ رَسُولِ اللهِ ، وَأَيْمَنُ هُوَ أَخُو أُسَامَةَ لِأُمِّهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَعَنْ أُمِّهِ وَعَنْ أَبِيهِ-.

قَالَ: «قُلْتُ لِلنَّبِيِّ : مَا لِي أَرَاكَ تَصُومُ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ مَا لَا تَصُومُ فِي غَيْرِهِ مِنَ الشُّهُورِ -يَعْنِي خَلَا رَمَضَانَ-؟!!

فَقَالَ النَّبِيُّ : «هَذَا شَهْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ, تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-؛ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي فِيهِ وَأَنَا صَائِمٌ».

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ يُوَضِّحُ فِيهِ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُرْفَعُ الرَّفْعَ السَّنَوِيَّ.

تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ رَفْعًا يَوْمِيًّا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ؛ إِذْ يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَلَائِكَةٌ كَمَا أَخْبَرَ الرَّسُولُ ﷺ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ وَفِي صَلَاةِ الْعَصْرِ.

تُرْفَعُ الْأَعْمَالُ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هَكَذَا يَوْمِيًّا, ثُمَّ ((تُعْرَضُ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ -كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا تُعْرَضُ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ-, وَيَغْفِرُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ إِلَّا لِمُشْرِكٍ، وَرَجُلٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيَقُولُ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: أَجِّلَا هَذَيْنِ -أَنْظِرَا هَذَيْنِ- حَتَّى يَصْطَلِحَا)).

فَهَذَا عَرْضٌ أُسْبُوعِيٌّ فِي كُلِّ يَوْمِ اثْنَيْن وَخَمِيس.

ثُمَّ يَأْتِي الْعَرْضُ السَّنَوِيُّ عَلَى رَبِّ الْعِزَّةِ بِأَعْمَالِ خَلْقِهِ -جَلَّ وَعَلَا- فِي شَهْرِ شَعْبَانَ كَمَا أَخْبَرَ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ مُحَمَّدٌ ﷺ: ((هَذَا شَهْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ))؛ إِذْ إنَّهُ يَقَعُ بَيْنَ رَجَبٍ -وَهُوَ شَهْرٌ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ, وَالْعَرَبُ كَانَتْ -حَتَّى فِي جَاهِلِيَّتِهَا- تُقَدِّسُ وَتَحْتَرِمُ الْأَشْهُرَ الحُرُمَ؛ فَكَيْفَ وَاللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا حُرُمٌ بِحُرْمَةِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِلَى أَنْ يَرِثَ اللهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا؟!!

فَالْعَرَبُ كَانَتْ تُقَدِّسُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, وَالْمُسْلِمُونَ أَشَدُّ مَعْرِفَةً لِقَدْرِ الْأَشْهُرِ الحُرُمِ فِي هَذَا الْإِسْلَامِ الْعَظِيمِ, فَالنَّاسُ يَعْرِفُونَ قَدْرَ شَهْرِ رَجَبٍ.

وَأَمَّا شَهْرُ رَمَضَانَ؛ فَإِنَّهُ شَهْرُ الْقُرْآنِ, وَشَهْرُ الْقِيَامِ وَالذِّكْرِ, وَشَهْرُ الصِّيَامِ, وَهُوَ شَهْرٌ مَعْلُومُ الْفَضِيلَةِ عِنْدَ النَّاسِ كَافَّةً.

وَأَمَّا هَذَا الشَّهْرُ شَهْرُ شَعْبَانَ؛ وَمَا سُمِّيَ شَعْبَانَ إِلَّا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتَشَعَّبُونَ فِيهِ فِي أَمْرِ الْغَزْوِ؛ إِذْ يَخْرُجُونَ مِنَ الشَّهْرِ الحَرَامِ مُتَعَطِّشِينَ إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ، كَمَا كَانَ الشَّأْنُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ فَسُمِّيَ شَعْبَانَ لِهَذَا الْأَمْرِ الَّذِي مَرَّ ذِكْرُهُ.

فَيَقُولُ نَبِيُّنَا : إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ يَقَعُ بَيْنَ شَهْرَيْنِ مَعْلُومَيِ الْقَدْرِ, مَعْرُوفَيِ الْفَضْلِ عِنْدَ النَّاسِ كَافَّةً؛ وَعَلَيْهِ فَيَغْفُلُ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ, ثُمَّ إِنَّهُ تُعْرَضُ فِيهِ الْأَعْمَالُ وَتُرْفَعُ, وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ. هَذَا كَلَامُهُ .

*اسْتِعْدَادُ النَّبِيِّ ﷺ لِرَمَضَانَ بِكَثْرَةِ الصَّوْمِ فِي شَعْبَانَ:

إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَسْتَعِدُّ لِلدُّخُولِ عَلَى رَمَضَانَ؛ فَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- قَالَتْ: «مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَصُومُ فِي شَهْرٍ قَطُّ خَلَا رَمَضَانَ مَا كَانَ يَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، وَإِنْ كَانَ لَيَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا».

وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ».

فَكَانَ الرَّسُولُ  يَأْتِي إِلَى هَذَا الشَّهْرِ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ لَا يَتْرُكُ الصِّيَامَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يَصُومُ، يُمَرِّنُ الْأُمَّةَ وَيُعَلِّمُهَا وَيُعَوِّدُهَا عَلَى هَذَا الْإِخْلَاصِ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ لِأَنَّ هَذَا الصِّيَامَ يُنْتِجُ التَّقْوَى، كَمَا أَخْبَرَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ فِي عِلَّةِ فَرْضِ هَذَا الشَّهْرِ عَلَى الْأُمَّةِ؛ {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، فَتُحَصِّلُونَ التَّقْوَى للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ بِهَذِهِ الْمُرَاقَبَةِ للهِ -جَلَّ وَعَلَا-؛ إِذْ هُوَ سِرٌّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ.

 ((مَحَبَّةُ النَّبِيِّ ﷺ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلُهُ وَهُوَ صَائِمٌ))

إِذَا كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ ﷺ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي تَتَشَرَّفُ بِهِ الْإِنْسَانِيَّةُ, وَتَفْخَرُ بِهِ الْبَشَرِيَّةُ, وَالَّذِي لَا تَجِدُ فِيهِ هَنَةً مِنَ الْهَنَاتِ, وَلَا تَجِدُ فِيهِ -حَاشَا للهِ- سَقْطَةً مِنَ السَّقْطَاتِ, وَمَعَ ذَلِكَ يُحِبُّ -مَعَ كَمَالِ تَمَامِ عَمَلِهِ ﷺ- أَنْ يُرْفَعَ هَذَا الْعَمَلُ الْعَظِيمُ إِلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ صَائِمٌ ﷺ.

فِي حَالَةٍ مِنْ حَالَاتِ شَرَفِ النَّفْسِ مَعْلَومَةٍ لِكُلِّ مَنْ كَانَ صَائِمًا بِالْحَقِيقَةِ, لِكُلِّ مَنْ صَامَ قَلْبُهُ، وَصَامَتْ جَوَارِحُهُ تَبَعًا، فَصَامَ تَصَوُّرُهُ، وَصَامَ فِكْرُهُ، وَصَامَ يَقِينُهُ عَنِ الْوُقُوعِ فِي كُلِّ مَا يُغْضِبُ اللهَ -جَلَّ وَعَلَا-.

لِكُلِّ مَنْ كَانَ صَائِمًا يَعْلَمُ حَالَةَ شَرَفِ النَّفْسِ الَّتِي تَكُونُ عَلَيْهَا النَّفْسُ، وَشَرَفِ الرُّوحِ عِنْدَمَا تَكُونُ مَوْصُولَةً بِاللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَاطِعَةً حَاسِمَةً لِمَادَّةِ اللَّذَّةِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْعُرُوقِ بِالشَّهَوَاتِ؛ لِكَيْ تَصْفُوَ النَّفْسُ مُقْتَرِبَةً مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.

يُحِبُّ نَبِيُّكُمْ ﷺ -مَعَ كَمَالِ تَمَامِ عَمَلِهِ- أَنْ يُعِرَضَ عَمَلُهُ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ صَائِمٌ, فَكَيْفَ بِمَنْ عَمَلُهُ بِجِوَارِ عَمَلِ نَبِيِّهِ ﷺ كَحَبَّةٍ مِنْ رَمْلٍ فِي صَحْرَاءَ مُتَرَامِيَةِ الْأَطْرَافِ لَا يَبْلُغُ الطَّرْفُ مَدَاهَا, وَلَا تَنْتَهِي الْقَدَمُ إِلَى مُنْتَهَاهَا؟!!

فَكَيْفَ بِمَنْ عَمَلُهُ بِجِوَارِ عَمَلِ نَبِيِّهِ ﷺ كَقَطْرَةٍ فِي بَحْرٍ أَوْ أَقَلَّ؟!!

كَيْفَ وَالنِّسْبَةُ هَاهُنَا غَيْرُ مَعْقُولَةٍ وَلَا مَفْهُومَةٍ؟!!

كَيْفَ لَا يُحِبُّ الْمَرْءُ وَلَا يَحْرِصُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلُهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ عَلَى اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَهُوَ صَائِمٌ كَمَا كَانَ الشَّأْنُ عِنْدَ نَبِيِّهِ ﷺ؟!!

((أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ))

عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُصْلِحَ مَا أَفْسَدَهُ, وَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَصِلَ مَا قَطَعَهُ, وَعَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ مُتَوَقِّيًا حَذِرًا.

وَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهَ- فَالتَّقْوَى هِيَ وَصِيَّةُ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لِلْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء: 131].

والتَّقْوَى: هِيَ أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ بِفِعْلِ المَأْمُورِ وَتَرْكِ المَحْظُورِ، فَهَذِهِ تَقْوَى اللهِ.

 ((مُحَاسَبَةُ النَّفْسِ فِي شَهْرِ الْحَصَادِ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ مُحَاسَبَةَ النَّفْسِ وَاجِبَةٌ، يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُحَاسِبَ نَفْسَكَ.

يَنْبَغِي عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي حَالِ قَلْبِهِ، وَمَا أَنْذَرَ عِلْمَ الْقُلُوبِ! فَإِنَّ النَّاسِ فِي غَفْلَةٍ -إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا--، فَأَقْبَلَ عَلَى قَلْبِهِ مُفَتِّشًا، وَفِي أَطْوَاءِ ضَمِيرِهِ مُنَقِّبًا؛ لِيَنْظُرَ مَا انْطَوَى عَلَيْهِ قَلْبُهُ، وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ فُؤَادُهُ، وَلِيَتَأَمَّلَ فِي حَالِهِ، أَمُرْضٍ هُوَ لِرَبِّهِ بِفِعَالِهِ وَقَالِهِ، أَمْ هُوَ عَابِدٌ لِهَوَاهُ؟!!

وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ((الزُّهْدِ)) ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: ((حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا؛ أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكَمُ الْيَوْمَ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)).

وَذَكَرَ -أَيْضًا- عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ((لَا تَلْقَى الْمُؤْمِنَ إِلَّا يُحَاسِبُ نَفْسَهُ، مَا أَرَدْتُ بِكَلِمَتِي؟ مَا أَرَدْتُ بِأَكْلَتِي؟ مَا أَرَدْتُ بِشَرْبَتِي؟

وَالْفَاجِرُ يَمْضِي قُدُمَا، لَا يُحَاسِبُ نَفْسَهُ)).

 لَا تَلْقَى الْمُؤْمِنَ إِلَّا يُحَاسِبُ نَفْسَهُ، وَأَمَّا الْفَاجِرُ فَيَمْضِي قُدُمًا!!

إِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَضَاعَ نَفْسَهُ وَظَلَمَهَا؛ ضَيَّعَ حَظَّهَا مِنْ رَبِّهَا.

قَالَ الْحَسَنُ: ((إِنَّ الْعَبْدَ لَا يَزَالُ بِخَيْرٍ، مَا كَانَ لَهُ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِهِ، وَكَانَتِ الْمُحَاسَبَةُ مِنْ هِمَّتِهِ)).

حَاسِبْ نَفْسَكَ، فَمُحَاسَبَةُ النَّفْسِ وَاجِبَةٌ، حَتَّى لَا يَنْدَمَ الْمَرْءُ وَلَاتَ سَاعَةَ مَنْدَمِ!!

 ((الْعُمُرُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ))

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ! اسْأَلُوا اللهَ أَنْ يُعِينَكُمْ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، وَأَنْ يُحْسِنَ لَكَ الْمُسْتَقْبَلَ وَالْخِتَامَ.

وَاعْلَمُوا أَنَّ الْغَبْنَ كُلَّ الْغَبْنِ فِي خُسْرَانِ الْعُمُرِ وَالْأَوْقَاتِ، وَأَنَّ كُلَّ وَقْتٍ يَمُرُّ عَلَيْكَ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللهِ فَإِنَّهُ خَسَارَةٌ وَنَدَامَةٌ، فَالرَّابِحُ مَنِ اغْتَنَمَ عُمُرَهُ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ، وَتَزَوَّدْ فِيهِ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ؛ لِيَسْعَدَ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَبَعْدَ الْمَمَاتِ.

وَالْخَاسِرُ مَنْ فَرَّطَ فِي الْأَوْقَاتِ، وَأَهْمَلَهَا وَتَهَاوَنَ بِالْوَاجِبَاتِ الَّتِي أَوْجَبَ اللهُ عَلَيْهِ وَضَيَّعَهَا.

فَاعْرِفُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- قَدْرَ الْأَوْقَاتِ وَاغْتَنِمُوهَا، وَانْظُرُوا إِلَى سُرْعَةِ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي وَانْقِضَائِهَا فَأَدْرِكُوهَا، تَرَوْا أَنَّ الْأَوْقَاتَ تُطْوَى خَلْفَكُمْ طَيًّا، وَأَنَّ كُلَّ لَحْظَةٍ تُقَرِّبُكُمْ مِنَ الْآخِرَةِ شَيْئًا فَشَيْئًا.

أَسْأَلُ اللهَ -جَلَّتْ قُدْرَتُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ- أَنْ يَمُنَّ عَلَيْنَا بِالْيَقَظَةِ بَعْدَ الْغَفْلَةِ، وَأَنْ يَهْدِيَنَا إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

التعليقات


خطب قد تعجبك


  • شارك