وَرِسَالَةٌ إِلَى الْخَوَارِجِ!))

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَمَّا بَعْدُ:

((دِينُ الْإِسْلَامِ قَائِمٌ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ للهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ))

فَإِنَّ مُقْتَضَى عَقْدِ الْإِيمَانِ أَنْ يَقُولَ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: أَمَرْتُ وَنَهَيْتُ,  وَيَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

مُقْتَضَى عَقْدِ الْإِيمَانِ أَنْ يَخْرُجَ الْعَبْدُ مِنْ دَاعِيَةِ هَوَاهُ إلى طَاعَةِ سَيِّدِهِ وَمَوْلَاهُ.

 وَهَذَا مَا يَتَحَقَّقُ بِعَيْنِهِ فِي الْحَجِّ؛ يَقُولُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: فَارِقْ أَهْلَكَ.

فَيَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

 يَقَوْلُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: غَادِرْ وَطَنَكَ.

فَيَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

 يَقُولُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: اخْلَعْ ثَوْبَكَ.

فَيَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

 يَقُولُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: طُفْ بِالْبَيْتِ سَبْعًا.

يَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

 يَقُولُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: اسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعًا.

يَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

 يَقُولُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: انْحَرْ هَدْيَكَ.

يَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

 يَقُولُ الرَّبُّ الْجَلِيلُ: احْلِقْ رَأْسَكَ.

يَقُولُ الْعَبْدُ الذَّلِيلُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

 ((الِاسْتِسْلَامُ للهِ -جَلَّ وَعَلَا- شَاخِصًا فِي قِصَّةِ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ))

((إِنَّ الْمَشَاعِرَ وَمَوَاضِعَ الْأَنْسَاكِ -فِي الْحَجِّ- مِنْ جُمْلَةِ الْحِكَمِ فِيهَا؛ أَنَّ فِيهَا تَذْكِيرَاتٍ بِمَقَامَاتِ الْخَلِيلِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ فِي عِبَادَاتِ رَبِّهِمْ، وَإِيمَانًا بِاللهِ وَرُسُلِهِ، وَحَثًّا عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِمْ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِمُ الدِّينِيَّةِ، وَكُلُّ أَحْوَالِ الرُّسُلِ دِينِيَّةٌ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125]».

وَمِنْ ذَلِكَ؛ أَنَّهُ لَمَّا تَمَكَّنَ حُبُّ إِسْمَاعِيلَ مِنْ قَلْبِهِ، وَأَرَادَ اللهُ أَنْ يَمْتَحِنَ خَلِيلَهُ إِبْرَاهِيمَ لِتَقْدِيمِ مَحَبَّةِ رَبِّهِ وَخُلَّتِهِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ الْمُشَارَكَةَ وَالْمُزَاحَمَةَ، فَأَمَرَهُ فِي الْمَنَامِ أَنْ يَذْبَحَ إِسْمَاعِيلَ، وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ مِنَ اللهِ، فَقَالَ لِإِسْمَاعِيلَ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}.

 {فَلَمَّا أَسْلَمَا}؛ أَيْ: خَضَعَا لِأَمْرِ اللهِ، وَانْقَادَا لِأَمْرِهِ تَعَالَى، وَوَطَّنَا أَنْفُسَهُمَا عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْمُزْعِجِ الَّذِي لَا تَكَادُ النُّفُوسُ تَصْبِرُ عَلَى عُشْرِ مِعْشَارِهِ.

{وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ}، نَزَلَ الْفَرَجُ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يا إِبْرَاهِيمُ} {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: 102 -105].

فَحَصَلَ تَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى هَذِهِ الْمِحْنَةِ وَالْبَلْوَى الشَّاقَّةِ الْمُزْعِجَةِ، وَحَصَلَتِ الْمُقَدِّمَاتُ وَالْجَزْمُ الْمُصَمِّمُ، وَتَمَّ لَهُمَا الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ، وَحَصَلَ لَهُمَا الشَّرَفُ وَالْقُرْبُ وَالزُّلْفَى مِنَ اللهِ، وَمَا ذَلِكَ مِنْ أَلْطَافِ الرَّبِ بِعَزِيزٍ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 105-107].

وَأيُّ ذِبْحٍ أَعْظَمُ مِنْ كَوْنِهِ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ هَذِهِ الْعِبَادَةِ الَّتِي لَا يُشْبِهُهَا عِبَادَة، وَصَارَ سُنَّةً فِي عَقِبِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ، وَيُدْرَكُ بِهِ ثَوَابُهُ وَرِضَاهُ: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الصافات: 108-109].

ثُمَّ إِنَّ اللهَ أَتَمَّ النِّعْمَةَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَرَحِمَ زَوْجْتَهُ سَارَّةَ عَلَى الْكِبَرِ وَالْعُقْمِ وَالْيَأْسِ بِالبِشَارَةِ بِالِابْنِ الْجَلِيلِ وَهُوَ إِسْحَاقُ، وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ.

فَالْحَجُّ امْتِثَالٌ لِأَمْرِ اللهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَاسْتِجَابَةٌ لِنِدَائِهِ، وَهَذِهِ الِاسْتِجَابَةُ، وَهَذَا الِامْتِثَالُ تَتَجَلَّى فِيهِمَا الطَّاعَةُ الْخَالِصَةُ وَالْإِسْلَامُ الْحَقُّ.

((التَّوْحِيدُ رُوحُ الْحَجِّ))

عِبَادَ اللهِ! النَّبِيُّ ﷺ يُذَكِّرُنَا حَجُّهُ بِمَا كَانَ قَبْلُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ وَبِالْبَيْتِ الْحَرَامِ وَبِالْمَشَاعِرِ وَالْمَنَاسِكِ كُلِّهَا وَيُعْلِنُ التَّوْحِيدَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، يُقَبِّلُ حَجَرًا، وَيَرْجُمُ حَجَرًا، وَفِي هَذَا كُلِّهِ يُطِيعُ رَبَّهُ وَيَدْعُو إِلَى دِينِهِ مُتَمَسِّكًا بِهُ، صَابِرًا عَلَى الْأَذَى فِيهِ.

النَّبِيُّ ﷺ يُعْلِنُ الْعُبُودِيَّةَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 ((اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا سُمْعَةَ فِيهَا, وَلَا رِيَاءَ)) ؛ مِنْ أَوَّلِ لَحْظَةٍ عَلَى التَّوْحِيدِ عَلَى الْجَادَّةِ.

 تَوْحِيدُ الْعَزِيزِ الْمَجِيدِ, وَاتِّبَاعُ الْمَعْصُومِ ﷺ بِهِمَا تَنْجُوا مِنْ عَذَابِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَبَّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ضَرَبَ لَنَا الْمَثَلَ بِنَبِيِّهِ ﷺ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65].

 يَقُولُهَا لِلنَّبِيِّ؛ وَحَاشَاهُ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}.

فَكُلُّ عَمَلٍ مَهْمَا كَبُرَ.. مَهْمَا عَظُمَ.. مَهْمَا تَسَامَى ظَاهِرًا وَبَادِيًا لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِذَا غَابَ عَنْهُ التَّوْحِيدُ.

 أَيُّ عَمَلٍ لَا يُقْبَلُ عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ إِذَا انْطَوَى عَلَى الشِّرْكِ.

 لَا يَقْبَلُ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا, وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهَهُ -جَلَّ وَعَلَا-.

التَّوْحِيدُ هُوَ شِعَارُ الْحَجِّ, وَالْحَجُّ تَتَبَدَّى فِيهِ فِي كُلِّ مَظَاهِرِهِ, وَأَقْوَالِهِ, وَأَعْمَالِهِ, وَحَرَكَاتِهِ, وَسَكَنَاتِهِ تَوْحِيدُ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا-.

وَهُوَ تَدْرِيبٌ عَمَلَيٌّ عَلَى تَوْحِيدِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ, وَإِخْلَاصِ النِّيَّةِ للهِ تَعَالَى وَحْدَهُ, وَعَلَى قَصْدِهِ لَا قَصْدِ سِوَاهُ بِالْعِبَادَةِ, مَعَ إِفْرَادِهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِي الْقَصْدِ وَالنِّيَّةِ بِكُلِّ عِبَادَةٍ, وَبِكُلِّ حَرَكَةٍ وَسَكَنَةٍ, وَبِكُلِّ إِنْفَاقٍ, وَبِكُلِّ سَفَرٍ, وَبِكُلِّ حَلٍّ وَتَرْحَالٍ؛ كُلُّ ذَلِكَ للهِ -جَلَّ وَعَلَا-, {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}؛ لِا لِسِوَاهُ.

 ((الْفَرَحُ الشَّرْعِيُّ فِي الْعِيدَيْنِ))

عِبَادَ اللهِ! إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَأَقَامَ بِهَا ﷺ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، نَحَرَ يَوْمَ النَّحْرِ فِي الْمَنْحَرِ, ثُمَّ قَالَ: ((نَحَرْتُ هَا هُنَا, وَمِنَى كُلُّهَا مَنْحَرٌ))؛ كَمَا قَامَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ, وَقَالَ: ((وَقَفْتُ هَا هُنَا, وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ)).

رَجَعَ النَّبِيُّ ﷺ فَأَقَامَ بِمِنًى ثَلَاثَةَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ مُتِمًّا غَيْرَ مُتَعَجِّلٍ ﷺ ثُمَّ قَالَ: ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- )).

هَذِهِ الْأَيَّامُ أَيَّامٌ حَرَّمَ اللهُ فِيهَا الصِّيَامَ.

فِي ((الصَّحِيحَيْنِ)) تَحْرِيمُ النَّبِيِّ ﷺ لِصِيَامِ يَوْمِ الْأَضْحَى وَيَوْمِ الْفِطْرِ.

لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟».

قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الْأَضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ».

 ((حُرْمَةُ الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ))

عِبَادَ اللهِ! فِي خُطَبِ النَّبِيِّ ﷺ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَفِي يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِي ثَانِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ أَعْلَنَ ﷺ أَنَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْرَاضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ مُحَرَّمَةٌ تَحْرِيمًا أَبَدِيًّا؛ فَقَالَ ﷺ: ((إِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ)).

فَهُوَ تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ، لَا يَحِلُّ أَبَدًا لِمُسْلِمٍ دَمُ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ؛ أَنْ يَجْرَحَهُ أَوْ يَقْطَعَ مِنْهُ عُضْوًا، أَوْ أَنْ يُرِيقَ دَمَهُ، إِلَّا بِمَا أَحَلَّهُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مِنْ ذَلِكَ.

بَلْ إنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ إِخَافَةِ المُسْلِمِينَ، وَعَنْ إِرْهَابِهِمْ؛ فَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَخَافَ أَهْلَ المَدِينَةِ؛ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ؛ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، مَنْ أَخَافَهَا، فَقَدْ أَخَافَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ، وَأَشَارَ إِلَى مَا بَيْنَ جَنْبَيْهِ ﷺ». أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالبُخَارِيُّ فِي «التَّارِيخِ الكَبِيرِ», وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ ﷺ: أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَنَامَ رَجُلٌ مِنهُمْ؛ فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ -مَعَ النَّائِمِ- فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا».

«لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِماً», فَكَيْفَ بِقَتْلِهِ؟! فَكَيْفَ بِذَبْحِهِ؟!!

يَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ لِلْكَعْبَةِ مُخَاطِبًا: ((مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ! مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ حُرْمَةً مِنْكِ؛ مَالِهِ، وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا)).

فَأَيْنَ هَذَا مِنْ وَاقِعٍ مَرِيرٍ؟!!

أَيْنَ هَذَا مِنْ وَاقِعٍ أَلِيمٍ؟!!

أَيْنَ هَذَا مِنَ الِاعْتِدَاءِ عَلَى الْحُرُمَاتِ؟!!

أَيْنَ هَذَا مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ بِغَيْرِ حَقٍّ؟!!

أَيْنَ هَذَا مِنْ إِشَاعَةِ الْفَوْضَى بِكُلِّ سَبِيلٍ؟!!

 ((رِسَالَةٌ إِلَى الْخَوَارِجِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ))

عِبَادَ اللهِ! فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الَّتِي هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ؛ أَدْعُو التَّكْفِيرِيِّينَ مِنَ الْإِخْوَانِ الْمُفْلِسِينَ, وَالْقُطْبِيِّينَ, وَالتَّكْفِيرِيِّينَ مِنَ الدَّاعِشِيِّينَ, وَغَيْرِهِمْ, إِلَى أَنْ يَفِيئُوا إِلَى اللهِ, وَأَنْ يَرْجِعُوا إِلَى رُشْدِهِمْ, وَأَنْ يَتَّقُوا اللهَ رَبَّهُمْ, وَأَنْ يَعْدِلُوا قَبْلَ أَنْ يُطَالِبُوا غَيْرَهُمْ بِالْعَدْلِ.

وَعَلَى الْإِخْوَانِ الْمُفْلِسِينَ خَاصَّةً أَنْ يُحَضِّرُوا الْجَوَابَ الَّذِي سَيَكُونُ مِنْهُمْ أَمَامَ اللهِ -جَلَّ وَعَلَا- يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا أَحْدَثُوهُ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ؛ مِنَ الْفَوْضَى, وَالْفَسَادِ, وَالْجُوعِ, وَالْفَقْرِ, وَالتَّشْرِيدِ.

الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ دَعَوْا إِلَى قِيَامِ الثَّوْرَةِ فِي سُورِيَّا, عَلَيْهِمْ كِفْلٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- مِمَّا يَقَعُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ مِنَ السُّورِيِّينَ مِنْ عَشَرَاتِ الْآلَافِ؛ تَصُدُّهُمُ الْبِلَادُ الْأُورُوبِّيَّةُ شَرَّ صَدٍّ، وَتَرَدُّهُمْ أَسْوَءَ رَدٍّ، وَلَا تَقْبَلُهُمْ.

وَهَؤُلَاءِ السُّورِيُّونَ لَمْ يَرْتَكِبُوا جُرْمًا, وَلَمْ يُعِينُوا عَلَى مُنْكَرٍ، وَإِنَّمَا كَانُوا وَادِعِينَ، فَأَتَى أُولَئِكَ الْمُجْرِمُونَ؛ فَأَزُّوا السُّفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ سُورِيَّا, وَحَشَدُوا السُّفَهَاءَ مِنْ غَيْرِهَا، وَوَقَعَ مَا وَقَعَ, وَذَهَبَتْ سُورِيَّا مَعَ الرِّيحِ!!

فَمَا يَقَعُ مِنْ هَتْكِ الْأَعْرَاضِ كِفْلٌ مِنْ وِزْرِهِ عَلَى الْإِخْوَانِ الْمُجْرِمِينَ, وَعَلَى كُلِّ مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ مِنَ التَّكْفِيرِيِّينَ الْهَالِكِينَ، كُلُّ هَؤُلَاءِ يَنْبَغِي عَلَيْهِمْ أَنْ يَتُوبُوا إِلَى اللهِ, وَأَنْ يُحَضِّرُوا جَوَابَهُمْ عِنْدَمَا يَسْأَلُهُمُ اللهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْعَرْضِ عَلَيْهِ، فَمَاذَا سَيَقُولُونَ؟!!

مَزَّقْنَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، شَتَّتْنَاهَا وَبَدَّدْنَاهَا، وَكُنَّا وَسِيلَةً وَسَبَبًا لِهَتْكِ أَعْرَاضِ نِسَائِهَا, وَذَبْحِ رِجَالِهَا, وَتَيْتِيمِ أَطْفَالِهَا, وَذَهَابِ ثَرْوَاتِهَا, وَتَمْكِينِ أَعْدَاءِ الْإِسْلَامِ مِنْهَا!!

الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ خَاصَّةً عَلَيْهِمْ أَنْ يُرَاجِعُوا أَنْفُسَهُمْ مِمَّا كَانَ مِنْ جَرَّاءِ مَا دَعَوْا إِلَيْهِ, وَحَضُّوا عَلَيْهِ, وَسَعَوْا مُثَابِرِينَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ فِي لِيبْيَا, وَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنَ الْفَوْضَى, وَالْقَتْلِ وَالْخَرَابِ, وَالْمَخَافَةِ وَعَدَمِ الْأَمْنِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُورِ.

الْإِخْوَانُ الْمُسْلِمُونَ؛ الَّذِينَ خَانُوا اللهَ وَالْأَرْضَ, وَخَانُوا الدِّينَ وَالْعِرْضَ، يَحْدُثُ مَا يَحْدُثُ مِنَ الْخَرَابِ وَالْفَوْضَى, وَالْقَتْلِ, وَالسَّفْكِ, وَهَتْكِ الْأَعْرَاضِ, وَضَيَاعِ الْأَوْطَانِ بِسَبَبِهِمْ، دُعَاةُ شَرٍّ.

أَقُولُ لِهَؤُلَاءِ جَمِيعًا: عَلَيْكُمْ أَنْ تَعْدِلُوا قَبْلَ أَنْ تُطَالِبُوا غَيْرَكُمْ بِالْعَدْلِ.

قَالَ اللهُ -جَلَّ وَعَلَا-: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [البقرة: 44].

 ((عِيشُوا لِلْآخِرَةِ!))

عِبَادَ اللهِ! النَّبِيُّ ﷺ حَرَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كُلَّ شَيْءٍ لَا يُرَوِّعُهُ, وَلَا يُفْزِعُهُ, وَمَا أَعْظَمَهَا عِنْدَ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ!!

فَأَخْلِصُوا النِّيَّةَ لِلَّهِ!

وَوَحِّدُوا اللهَ!

وَتَعَلَّمُوا دِينَ اللهِ!

وَتَآلَفُوا!

وَتَنَاصَحُوا!

وَتَنَاصَرُوا!

وَتَحَابُّوا!

وَتَمَاسَكُوا, وَتَرَاصُّوا؛ حَتَّى تَكُونُوا كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ!

 فَإِنَّهُ لَنْ يُرْفَعَ الذُّلُّ عَنْكُمْ, وَلَنْ يَرُدَّ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ عَادِيَةَ الْأُمَمِ عَنْكُمْ؛ إِلَّا بِمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ: ((حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ)).

اتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ! وَاجْتَهِدُوا فِي أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُكُمْ خَالِصَةً لِلَّهِ، لِلَّهِ وَحْدَهُ.

 فَلْيَكُنْ ذَبْحُكُمْ لِلَّهِ.

 مَلْعُونٌ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ؛ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ -لِوَلِيٍّ، أَوْ لِقَبْرٍ، أَوْ لِشَمْسٍ، أَوْ لِقَمَرٍ، أَوْ لِكَنِيسَةٍ، أَوْ لِعَذْرَاءَ، أَوْ لِنَبِيٍّ- فَهُوَ مُشْرِكٌ شِرْكًا أَكْبَرَ.

 ((مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللهِ فَهُوَ مَلْعُونٌ))؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ.

لَا تَذْبَحُوا إِلَّا لِلَّهِ؛ ((بِاسْمِ اللهِ, وَاللَّهُ أَكْبَرُ؛ اللَّهُمَّ مِنْكَ وَإِلَيْكَ؛ عَنْ فُلَانٍ وَآلِ بَيْتِهِ))؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ.

اذْبَحُوهَا بِأَيْدِيكُمْ؛ فِعْلُهُ ﷺ، فَإِنْ لَمْ تَقْدِرُوا فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَشْهَدُوا، ثُمَّ أَخْلِصُوا لِلَّهِ.

وَلَا يَخْدَعَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ.

 ((إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ -أَيْ يَئِسَ عَلَى الْإِقْلَابِ الْمَكَانِيِّ- إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ, وَلَكِنْ بِالتَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ)).

 فَكُفُّوا تَحْرِيشَ الشَّيْطَانِ عَنْكُمْ!

تَوَادُّوا, تَنَاصَحُوا؛ فَإِنَّ هَذَا الدِّينَ لَوْ عَلِمَهُ أَهْلُهُ, وَاللَّهِ لَكَانُوا أَسْعَدَ أَهْلِ الْأَرْضِ, وَإِنْ كَانُوا فِي قِلَّةٍ؛ وَإِنْ كَانُوا فِي عُدْمٍ, وَإِنْ كَانُوا لَا يَجِدُونَ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَالصَّحَابَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- كَانُوا مُقِلِّينَ.

 كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَنَامُ عَلَى الْحَصِيرِ يُؤَثِّرُ فِي جَنْبِهِ.

أَخْلِصُوا الْقَصْدَ لِلَّهِ.

عِيشُوا لِلدِّينِ.

عِيشُوا لِلْآخِرَةِ؛ كُونُوا أَبْنَاءَ الْآخِرَةِ يَا أَبْنَاءَ الدُّنْيَا، وَلَا تَسْتَبْدِلُوا فَانِيًا بِبَاقٍ، وَلَا تَسْتَبْدِلُوا رَخِيصًا بِثَمِينٍ.

فَإِنَّ الدُّنْيَا لَوْ كَانَتْ مِنْ ذَهَبٍ يَفْنَى, وَالْآخِرَةُ لَوْ كَانَتْ مِنْ خَزَفٍ يَبْقَى؛ لَفُضِّلَتِ الْآخِرَةُ عَلَى الدُّنْيَا.

 فَكَيْفَ وَالدُّنْيَا مِنْ خَزَفٍ يَفْنَى, وَالْآخِرَةُ مِنْ ذَهَبٍ يَبْقَى؟!!

فَلْتَعْتَدِلْ أَمَامَكُمْ مَوَازِينُكُمْ!

 وَلْتَضَعُوا أَقْدَامَكُمْ عَلَى صِرَاطِ رَبِّكُمْ!

أَدِيمُوا ذِكْرَ اللهِ؛ أَدْمِنُوا ذِكْرَ اللهِ؛ لِتَرِقَّ الْقُلُوبُ الْغَلِيظَةُ!

 أَدِيمُوا ذِكْرَ اللهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُذِيبُ قَسَاوَةَ الْقَلْبِ إِلَّا ذِكْرُ اللهِ!

تَعَلَّمُوا دِينَ رَبِّكُمْ, وَحِّدُوا رَبَّكُمْ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-!

 تَعَلَّمُوا الْعَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ, وَارْجِعُوا إِلَيْهَا؛ فَإِنَّ الْعَمَلَ لَوْ كَانَ صَالِحًا ظَاهِرًا لَا يُقْبَلُ إِلَّا وَمَعَهُ رُوحُهُ.

 تَصَوَّرِ الْيَوْمَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ؛ وَأَنْتَ تُهْدِي عَزِيزًا عَلَيْكَ أَثِيرًا لَدَيْكَ مُحَبَّبًا عِنْدَكَ كَبْشًا مَيِّتًا تَحْمِلُ جُثَّتَهُ أَوْ تَجُرُّهَا جَرًّا؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَضَعَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ؛ تَقُولُ: هَدِيَّتِي إِلَيْكَ!

 لَوْ صَنَعْتَ ذَلِكَ مَعَ مَنْ لَا يَمْلِكُ لَكَ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا -وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْكَ شَأْنًا- مَا قَبِلَ مِنْكَ ذَلِكَ, وَلَحَمَلَ عَلَيْكَ.

لَوْ حَمَلْتَ ذَلِكَ إِلَى مَلِكٍ إِلَى سُلْطَانٍ مِنْ سَلَاطِينِ الْأَرْضِ؛ لَأَوْجَعَكَ ضَرْبًا, وَلَغَيَّبَكَ فِي غَيَابَاتِ السُّجُونِ حِينًا طَوِيلًا.

فَكَيْفَ تَرْضَى لِرَبِّكَ مَا لَا تَرْضَاهُ لِنَفْسِكَ وَلَا تَرْضَاهُ لِأَحَدٍ مِمَّنْ تُحِبُّ فَتُهْدِي رَبَّكَ أَعْمَالًا لَا رُوحَ فِيهَا, وَرُوحُ الْأَعْمَالِ الْإخلَاصُ فِيهَا, وَالْخُشُوعُ.

فَإِذَا قَدَّمْتَ عَمَلًا لَا إِخْلَاصَ فِيهِ, وَلَا خُشُوعَ؛ فَقَدْ أَهْدَيْتَ رَبَّكَ عَمَلًا مَيِّتًا لَا رُوحَ فِيهِ.

أَفِيقُوا؛ فَإِنَّ الْأَمْرَ جِدٌّ؛ وَالْأُمَّةُ تُرِيدُكُمْ كُلَّكُمْ.

 وَلَا يَظُنَّنَّ أَحَدٌ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى اللهِ؛ يَقُولُ: لَا عِلْمَ عِنْدِي, لَا مَالَ لَدَيَّ, لَا قُدْرَةَ أَمْتَلِكُهَا.

 أَلَا شَاهَتْ وُجُوهُ الْأَبْعَدِينَ!

 مَا أَقْبَحَ الْجَهْلَ وَأَقْبَحَ أَهْلَهُ!

 بَلْ يَسْتَطِيعُ كُلُّ أَحَدٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: ((الْمُسْلِمُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ)).

لَوْ أَدَّيْتَ عَمَلَكَ, وَاتَّقَيْتَ رَبَّكَ وَأَخْلَصْتَ فِي أَدَاءِ مَا نِيطَ بِعُنُقِكَ, وَأَكَلْتَ مِنْ حَلَالٍ, وَأَطْعَمْتَ أَهْلَكَ وَأَبْنَاءَكَ تَكُونُ قَدْ قَدَّمْتَ أَعْظَمَ خِدْمَةٍ لِدِينِ اللهِ.

 وَمِنْ هُنَا فَابْدَأْ.

 وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعًا مَرْحُومًا, وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقًا مَعْصُومًا, وَلَا تَجْعَلْ فِينَا وَلَا حَوْلَنَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَطْرُودًا وَلَا مَحْرُومًا.

اللَّهُمَّ خُذْ بِأَيْدِينَا إِلَيْكَ, وَأَقْبِلْ بِقُلُوبِنَا عَلَيْكَ.

اللَّهُمَّ اهْدِ قُلُوبَنَا, وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا, وَأَصْلِحْ بَالَنَا, وَاشْرَحْ صُدُورَنَا, وَسَدِّدْ أَلسِنَتَنَا, وَوَفِّقْنَا لِكُلِّ خَيْرٍ.

وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.