تفريغ مقطع : هل هناك فرقة يُقال لها الرسلانية أو الجامية أو السلفية المدخلية؟

 اصْبِرُوا يَا أَهلَ السُّنَّة, فَإِنَّ اللهَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مُبتَلِيكُم؛ حَتَّى يَعلَمَ الصَّادِقَ مِنَ الكَاذِب، وَالمُحِقَّ مِنَ المُبْطِل، اصْبِرُوا.
قَالَ أَبُو عُثمَانَ الصَّابُونِيّ -رَحِمَهُ اللهُ رَحمَةً وَاسِعَةً- فِي آخِرِ ((عَقِيدَةِ السَّلَفِ)):
((وَلَا يَهُولَنَّ إِخوَانِي مِن أَهلِ السُّنَّةِ كَثرَةُ المُبتَدِعَة وَقِلَّةُ أَهلِ السَّنَّة, فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَخبَرَ عَن ذَلِكَ، وَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: ((بَينَ يَدَي السَّاعَةِ أَنْ يَقِلَّ العِلمُ وَيَكثُرَ الجَهلُ)).

قَالَ: ((وَالسُّنَّةُ عِلمٌ وَالبِدعَةُ جَهلٌ, فَالأَمرُ كَمَا أَخبَرَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-)). وَكَمَا قَالَ شَيخُ الإِسلَامِ -رَحِمَهُ اللهُ-:

((كُلَّمَا بَعُدنَا عَن عَصرِ النِّبُوَّةِ؛ زَادَ الشَّرُّ وَقَلَّ الخَيرُ، وَكُلَّمَا اقتَرَبنَا مِن عَصرِ النِّبُوَّةِ؛ زَادَ الخَيرُ وَقَلَّ الشَّرُّ ((
وَلَا يَأتِي علَى النَّاسِ عَامٌ إِلَّا وَالذِي بَعدَهُ شَرٌّ مِنهُ حَتَّى نَلقَى النَّبِيَّ علَى الحَوضِ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ-.
عُدَّةُ القَومِ اليَومَ فِي التُّرُّهَاتِ وَالأَكَاذِيبِ وَالبُهتَانِ!!
لَا يَنَالُونَ مِن أَهلِ السُّنَّةِ شَيئًا، وَالسُّنَّةُ ظَاهِرَةٌ، وَالسُّنَّةُ سَارِيَةٌ، وَالسُّنَّةُ مُنتَشِرَةٌ، وَأَهلُ السُّنَّةِ -ثَبَّتَهُم اللهُ- قَائمُونَ علَى الحَقِّ، دَاعُونَ إِلَيهِ, ثَابِتُونَ عَلَيهِ بِتَثبِيتِ رَبِّ العَالمِينَ وَحَولِهِ وَطَولِهِ وَقُوَّتِهِ.
فَلَا يَنَالُونَ مِن أَهلِ السُّنَّة إِلَّا بِالأَكَاذِيبِ، إِلَّا بِالأَراجِيفِ!!
يَقُولُونَ: هَؤلَاءِ فِرقَة, جُزءٌ مِن السَّلَفِيِّينَ، السَّلَفِيَّةُ المَدخَلِيَّة!!
مَا هِيَ السَّلَفِيَّةُ المَدخَلِيَّةُ؟! هَل يَستَطِيعُونَ لهَا تَعرِيفًا؟!
هَل يَستَطِيعُ أَحَدُهُم أَنْ يَجعَلَ لهَا حَدًّا تَنضَبِطُ بِه؟!
إِن قَصَدُوا أَنَّهُم علَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِفَهمِ أَصحَابِ النَّبِيِّ وَمَن تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ؛ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَذَلِك، سَمَّوْهُم مَا سَمَّوْهُم، وَلَا يَضُرُّهُم إِنْ شَاءَ اللهُ
فَيَقُولُونَ: السَّلَفِيَّةُ صَارَت جَمَاعَات!!
كَيفَ تَكُونُ سَلَفِيَّة وَتَكُونُ جَمَاعَات؟!
هَذَا جَمعٌ بَينَ النَّقِيضَين؛ لَوْ كَانَت سَلَفِيَّة مَا كَانَت جَمَاعَات!!
السَّلَفِيَّةُ شَيءٌ وَاحِدٌ، وَكُلُّ مَا عَدَا أَهلِ الحَقِّ فِيهَا؛ فَهُمْ مِن أَهلِ البِدعَة: قُطبِيُّونَ، مُتَأَخوِنُونَ، تَكفِيرِيُّونَ، قُلْ مَا شِئت!!
وَلَكِنَّ أَهلَ السُّنَّةِ مِمَّن يُنسَبُ إِلَى السَّلَفِ؛ لَا يَكُونُونَ إِلَّا علَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِفَهمِ الصَّحَابَةِ وَمَن تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ.
وَلَكِنَّ شَأنَ أَهلِ البِدَع فِي كُلِّ زَمَانٍ هُوَ هَذَا، كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا وَمِنهُم أَبُو عُثمَانَ الصَّابُونِيّ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فِي ((عَقِيدَةِ السَّلَفِ)):

((أَنَّ مِن شَأنِ أَهلِ البِدعَةِ أَنَّهُم يَلمِزُونَ أَهلَ السُّنَّة، وَأَهلُ السُّنَّةِ يَنَالُهُم مِن ذَلِكَ قِسطٌ مِمَّا نَالَ الرَّسُولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ((
فَإِنَّ الكُفَّارَ نَعَتُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بِالجُنُونِ، وَنَعَتُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بِالافْتِرَاءِ، وَنَعَتُوا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّهُ سَاحِرٌ، وَأَنَّهُ شَاعِرٌ, إِلَى غَيرِ مَا قَالُوا مِن ذَلِكَ، وَهُوَ مِن كُلِّ ذَلِكَ بَرِيءٌ -صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيهِ- مَعَ الفَارِق فِي القِيَاسِ. 
أَهلُ البِدعَةِ فِي كُلِّ عَصرٍ يَلمِزُونَ أَهلَ السُّنَّة، يَقُولُونَ: هَؤلَاءِ -كَمَا قَالُوا فِي القَدِيمِ- حَشْوِيَّة، هَؤلَاءِ جَبرِيَّة، هَؤلَاءِ تِيُوس!! هَؤلَاءِ لَا يَفهَمُونَ مَا يَحمِلُونَ مِنَ العِلمِ, إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِمَّا قَالُوا فِي حَقِّ أَهلِ السُّنَّة!! وَأَهلُ السُّنَّةِ مِن ذَلِكَ بَرَاء؛ لِأَنَّ مِن عَلَامَةِ السُّنِّيِّ الصَّحِيحِ أَنْ يَنعَتَهُ المُرجِئُ بِأَنَّهُ خَارِجِيٌّ, وَأَنْ يَنعَتَهُ الخَارِجِيُّ بِأَنَّهُ مُرجِئٌ!!
السَّلَفِيُّ الحَقُّ الذِي هُوَ علَى الجَادَّةِ يَرمِيهِ المُرجِئُ بِأَنَّهُ خَارِجِيٌّ, وَيَرمِيهِ الخَارِجِيُّ بِأَنَّهُ مُرجِئِيٌّ, وَمَا هَوَ إِلَّا علَى السُّنَّةِ وَعلَى الجَادَّةِ، فَكَمَا قَالُوا لِأَسلَافِنَا المُتَقَدِّمِينَ مِن أَهلِ السُّنَّة: حَشْوِيَّة، جَبرِيَّة، تيُوسٌ، نَوَاصِبٌ, إِلَى غَيرِ ذَلِكَ مِن تِلكَ الأَلقَابِ التِي تَنَابَذُوا بِهَا!!
كَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي هَذَا العَصرِ: جَامِيَّة... مَدخَلِيَّة... وَأَضَافُوا إِلَيهَا رَسلَانِيَّة, كَمَا كَتَبَ ذَلِكَ الصَّحَافِيُّ فِي صَحِيفَتِهِ: البُرهَامِيَّةُ وَالرَّسلَانِيَّةُ!!
لَيسَ هُنَاكَ مَا يُقَالُ لَهُ الرَّسلَانِيَّةُ؛ لَستُ قَائِدًا وَلَستُ بزَعِيمٍ, وَلَا بِصَاحِبِ فِرقَة، أَنَا مِن إِخوَانِي وَهُم مِنِّي؛ يُقَوِّمُونَنِي إِذَا اعوَجَجت، وَيُصَوِّبُونَنِي إِذَا أَخطَأت، وَيَأطُرُونَنِي عَلَى الحَقِّ إِذَا جَانَبتُه، وَيَحمِلُونَنِي علَى المِنهَاجِ إِذَا خَالَفتُه، وَأَحمِلُ لَهُم بِذَلِكَ حِينَئذٍ المِنَّةَ -وَللهِ المِنَّةُ وَحدهُ-، وَأُجَزِّيهِم خَيرًا.
وَأَمَّا أُولئكَ الذِينَ لهُم السَّمعُ وَالطَّاعَةُ مِن أَصحَابِ التَّنظِيمَاتِ فَلَهُم شَأنٌ آخَر، فَالقَومُ فِي وَادٍ وَنَحنُ فِي وَادٍ.
وَأَمَّا أَنَّ هُنَاكَ مَا يُقَالُ لَهُ البُرهَامِيَّةُ فَهُمَا فِرقَتَانِ: فِرقَةٌ صُوفِيَّةٌ فِي أَقصَى الجَنُوب، وَفِرقَةٌ حِزبِيَّةٌ فِي أَقصَى الشَّمَال. بُرهَامِيَّةٌ وَبُرهَامِيَّة، لَا فَارِقَ بِينَهُمَا فِي الانحِرَافِ، وَإِنْ وُجِدَتَ بَينَهُمَا فَوارِقُ؛ وَلَكِن يَشمَلُهُمَا جَمِيعًا لَفظُ الابتِدَاع.
وَأَمَّا نَحنُ؛ فَنَحنُ نَدعُو إِلَى الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِفَهمِ الصَّحَابَةِ وَمَن تَبِعَهُم بِإِحسَانٍ...
نَدعُو إِلَى التَّوحِيدِ, وَنُنَفِّرُ النَّاسَ مِنَ الشِّركِ وَنَنهَاهُم عَنهُ...
نَدعُو إِلَى الاتِّبَاعِ, وَنُنَفِّرُ النَّاسَ مِنَ الابتِدَاعِ وَنُحَذِّرهُم مِنهُ، وَنُحَذِّرُ النَّاسَ مِنَ الشِّركِ وَالمُشرِكِينَ، كَمَا نُحَذِّرُهُم مِنَ البِدعَةِ وَالمُبتَدِعِينَ...
وَهَذا مَا يُؤلِمُ القَوم، إِنْ لَمْ تَكُونُوا مِثلَهُم فَلَنْ يَرضَوْا عَنكُم، وَلَنْ يَرضَوْا عَنكُم حَتَّى تَتَّبِعُوا سَبِيلَهُم، وَحتَّى تَكُونُوا علَى طَرِيقِهِم...
فَاثبُتُوا عِبَادَ اللهِ، وَاضرَعُوا إِلَى اللهِ رَبِّ العَالمِينَ بِالدُّعَاءِ الخَالِصِ؛ لِيُثَبِّتَنَا أَجمَعِينَ علَى الحَقِّ الذِي هَدَانَا إِلَيهِ حَتَّى يَقبِضَنَا عَلَيهِ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصحَابِهِ أَجمَعِينَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك