تفريغ مقطع : لحظة تراجع الرسلان عن خطأ أخطأه

أَسْأَلُ اللهَ -جَلَّتْ قدرتُهُ وَتَقدَّسَتْ أَسمَاؤهُ- أنْ يُحَسِّنَ نِيَّاتِنَا, وَأنْ يَجْعَلَهَا خَالِصَةً لِوَجهِهِ...

يَبْقَى أَمرٌ أَخِير:

كُنتُ قَد ذَكَرتُ مُتَابِعًا لِكَثِيرٍ مِن أَهلِ العِلمِ, حِكَايَةَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحمَةُ اللهِ عَليهِ- وَالشَّيْءُ بِالشَّيْءِ يُذْكَرُ, وَالعَوْدُ لِلفَضْلِ أَحْمَدُ, وَالإعْتِرَافُ بِالحَقِّ فَضِيلَةٌ لَيْسَ كَمِثْلِهَا فَضِيلَة, وَالإِنْصَافُ مِنَ النَّفْسِ هُوَ أَشْرَفُ مَا يَتَحَلَّى بِهِ العَبْدُ, وَقَولُ الحَقِّ -وَقَوْلُ الحَقِّ- وَلَوْ عَلَى النَّفْسِ هُوَ أَحَبُّ الأَشْيَاءِ إِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا-.

كُنتُ قَد ذَكَرتُ أنَّ أبَا حَنِيفَة ظَلَّ كَمَا يَقُولُ مُسْعَرُ بنُ كُدَامٍ رَحمَةُ اللهِ عَليهِ- يَقُولُ: ((أَبُو حَنِيفَة ظَلَّ يُصَلِّي الفَجرَ أَوْ الغَدَاةَ بِوضُوءِ العِشَاءِ أَربَعِينَ سَنَة)).

وَضَعَّفَ الإِمَامُ (الألباني) هَذَا الكَلَامُ بَلْ كَذَّبَهُ فِي هَامِشِ صَفْحَةِ عِشرِينَ وَمِئَة (ص 120) مِن ((صِفَةِ صَلَاةِ النَّبِيِّ)) صَلَّى اللهُ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-, وَحَكَى عَن الفَيرُوز أَبَادِي هَكَذَا تُقْرَأ- ويقرَؤُهَا كَثِير (ويُحْكَى عَنِ الفَيرُوزَ آبَادِي) أنَّه قَالَ:

((إنَّمَا هَذَا مِنَ الكَذِبِ المُخْتَلَقِ عَلَى أَبِي حَنِيفَة, وَلَمْ يَكْن مِنْ هَدْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أنْ يُحْيِيَ اللَيْلَ كُلَّهُ, بَلْ هَذَا مُجَافٍى لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-, وَلَمْ يَثبُتْ عَنهُ أَنَّهُ أَحْيَ اللَيْلَ كُلَّهُ إِلَّا فِي وَقَائِعَ عَينٍ مَعْدُودَةٍ مَعْلُومَةٍ, حُصِيَتْ وَأُحْصِيَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ-)).

وَأَبُو حَنِيفَة أَعْلَى كَعْبًا, وَأَنْعَمُ عَينًا مِنْ أنْ يُخَالِفَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ- فِي مِثْلِ هَذَا مِنْ سُنَّتِهِ, فَهَذا مِمَّا أُلْصِقَ إِلَيهِ وَحُمِلَ عَلَيهِ رَحمَةُ اللهِ عَليهِ-.

نَبَّهَنِي إِلَى هَذَا بَعْضُ إِخوَانِنَا بَعدَ صَلَاةِ الجُمْعَةِ المَاضِيةِ زَادَهُ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ عِلْمًا وَعِلْمًا وَعِلْمًا وَحِلْمًا وَفَضْلًا- وَهُوَ أَمْرٌ عَجِيبٌ جِدًّا, فَقد قَرَأْتُ هَذَا الكِتابَ بِهَوامِشِهِ, وَفَهَارِسِهِ, وَمُقَدِّمَاتِهِ, وَجِلْدَهُ وَمَا عَلَيهِ, وَمَا عَلَى جِلْدَتِهِ, مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ بِفَضْلِ اللهِ رَبِّ العَالَمِينَ وَحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ, وَمَا مِنْ مَوْضِعٍ فِيهِ إِلَّا وَنَقَشَهُ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ عَلَى صَفْحَةِ قَلْبِي وَعَقْلِي, وَلَا أَدْرِي كَيْفَ غَابَ هَذَا عَنِّي؛ لِتَعْلَمُوا أنَّ اللهَ رَبَّ العَالَمِينَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك