تفريغ مقطع : بدعة الإحتفال بالمولد النبوي والرد على شبهات المجيزين

الاحتفالُ بعيدِ ميلادِ الرسولِ ﷺ، تسأل: هل كان النَّبيُّ ﷺ يعلمُ أنَّ هذا الاحتفال يُقَرِّبُ إلى اللهِ أو لا يعلم؟

إنْ قالوا لا يعلم, فأمرٌ عظيم؛ لأنهم عَلِمُوا ما لم يَعْلَمْهُ رسولُ اللهِ ﷺ، وإنْ قالوا يعلم.

قُلنا: إذن؛ تَرَكَها وهو يعلمُ أنها مشروعة دون أنْ يُبَلِّغَ رسالةَ ربِّه؟! فإن لم يفعل فما بَلَّغَ رسالةَ رَبِّهِ!

يعني أنت تسألُ تقول: عيد المولد، عيد ميلاد الرسولِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ- هل كان النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ- يَعْلَمُهُ أو لا يَعْلَمُهُ؟

إنْ قالوا: كان النَّبي ﷺ لا يعلمه، نقول: اهتديتم إلى ما لم يهتدِ إليه رسولُ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ- وهو الناطقُ بالوحي؟!

وإنْ قالوا: كان يعلم.

كان يعلمُ وَكَتَم؟!

هل هنالك مسلمٌ يتَّهمُ النَّبيَّ ﷺ بِمِثْلِ هذا الاتهام؟!

فأنتم إنْ قُلْتُم ذلك تقدحونَ في رسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-، فأين هو ﷺ مِن هذا المُبْتَدَع -وهو الاحتفالُ بعيدِ ميلادِ الرسولِ ﷺ-؟!

هذا جميعُهُ إذا لم تشتمل هذه البدعة على أمورٍ أخرى مُحرَّمة، فكيف إذا اشتملت على مُحَرَّمَاتٍ أُخْرَى لا تُحْصَى؟!!

حينئذٍ تزداد نُكْرًا، مِثْل الاختلاط بين الرِّجال والنِّساء، والأذكار المحرَّفَةِ التي يقعُ فيها الرَّقْصُ والتصفيقُ وأعمالٌ تُشْبِهُ الجنون، ويقولون إنهم يجتمعونَ ثم يَفِزُّونَ فَزَّةَ رجلٍ واحد لماذا؟! قالوا لأنَّ الرَّسولَ ﷺ قد حَضَر!!

ويأتون بأشعارٍ وحكايات فيها مخالفاتٌ صارخةٌ للعقيدةِ الصحيحةِ، فهذه بدعةٌ لم يَشْرَعِ اللهُ ورسولُه ﷺ جنسَها أصلًا، وتُسَمَّى: «بدعةٌ أصلية»، تسمى هذه: «بدعة أصلية».

قد يُقال في المسائل المتعلقة بعيد ميلاد النَّبيِّ ﷺ: هل تمنعون ذكرَ اللهِ وقراءةَ سيرةِ رسولِ اللهِ ﷺ؟

والجواب: ذكرُ اللهِ ومعرفةُ سيرة النَّبيِّ ﷺ من أعظمِ القُرُبَاتِ وأفضلِ الطاعاتِ، وذلك يُحَضُّ عليه ويُرَغَّبُ فيه, وموطنُ النزاع إنما هو تخصيصُ ذلك بيومٍ في السَّنَةِ من غير ما مُخَصِّص، مع الكيفيةِ المُحْدَثَةِ والمخالفاتِ المبتدعة

وقد يُقال: قال ابن الجزري: «رُئِيَ أبو لهب في المنام فقيل له: كيف حالُك؟ قال في النار، ولكنه يُخفف عنه كل ليلة اثنين؛ لأنه فَرِح بِمَولِدِ رسول الله ﷺ، وأعتقَ جاريتَهُ ثُوَيْبَة», فيقولون: مادام هذا حال الكافر استفاد بسبب فَرَحِهِ برسولِ اللهِ ﷺ, فكيف حالُ من يفرح ويحتفلُ بعيدِ ميلادِهِ كلَّ عام وهو مسلمٌ يعبدُ اللهَ -تبارك وتعالى-؟

الجواب: هذا الدليلُ أوهنُ من بيت العنكبوت، بل هو هباء، الرائي الذي حَكَى عنه ابنُ الجزري مجهول! والمرويُّ عنه كافر! فأيُّ إسناد هذا؟!

ومتى كانت الأحلامُ دليلًا على إثباتِ حكمٍ شرعي؟!

وأيضًا: هذا الفرح الذي أتى من أبي لهب فَرَحٌ جِبِلِّي؛ لأنه فَرِحَ بأن رُزِقَ أخوه -الذي مات وترك امرأته حاملًا أنْ رزق- بمولودٍ ذَكَر، فهذا فَرَحٌ جِبِلِّي، ولذلك لم يَفرح بِبَعْثَةِ رسولِ اللهِ ﷺ، بل حاربَهُ أشدَّ المحاربة, وعانده أشدَّ المعاندة -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-.

قد يُقال أيضًا: إنَّ النّبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ- صامَ يومَ الاثنين, فلمَّا سُئِلَ قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-: «ذلك يومٌ وُلِدتُ فيه»، فقالوا: إذن؛ ينبغي أنْ نحتفل بعيدِ ميلادِ النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-!

والجواب: مشروعيةُ صوم الاثنين لا تُنكر، وكذلك فضلُ صيامِهِ، وكذلك يومُ الخميس, فصومُهما مستحبٌ على طول العام، لا في وقت دون وقت، ولكن أنْ تقيس ما هو مشروع -وهو الصيام- على ما لم يُشرع -وهو الاحتفال- قياسٌ مع الفارق, وهو قياسٌ باطل.

وأيضًا: صَحَّ عن النَّبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ- في تَعْلِيلِ صيامِ الاثنين والخميس أنَّه قال: «إنَّ الأعمال تُعرض على الله ربِّ العالمـــين كلَّ اثنين وخميس، فَأُحِبُّ أنْ يُعرض عملي وأنا صائم». -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَسَلَّمَ-.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك