تفريغ مقطع : جهل الخوارج قديما وحديثا

((من الدرس الثامن عشر من سلسلة القصة الكاملة لخوارج عصرنا 23شوال 1436 الموافق 8-8-2015))

الوجهُ السادس من أوجهِ الشَّبهِ بين خوارجِ عصرِنا وأسلافِهم مِن الخوارجِ المتقدمين: عدمُ وجودِ العلماء بينهم، وهذا الوجهُ مترتبٌ على الوجهِ الذي قَبْلَهُ، وهذا الذي عابَهُ ابنُ عباسٍ -رضي الله عنهما- عليهم لمَّا جاءَ يُناظرُهم -أي الخوارج- عندما قال لهم: ((جِئتكُم من عند أصحابِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وليس فيكم منهم أحد ومِن عند ابن عمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليهم نَزَلَ القرآنُ وهُم أعلمُ بتأويلِهِ)).

أخرجهُ أبو داوود والنسائي في ((فضائل عليٍّ))، والبيهقيُّ، وعبد الرزاق في ((المُصَنَّفِ)) وإسنادهُ حَسن.

فهذا الحديثُ أفادنا أنَّ الخوارجَ لم يكُن يوجد فيهم صحابيٌّ واحد ولذلك قال: ((وليس فيكم منهم أحد)).

ويترتبُ على ذلك عدم وجودِ العلماء في صفوفِ الخوارجِ؛ لأنَّ العلماءَ في زمنِ ابن عباس كانوا هم الصحابة، واليوم الواقع خيرُ شاهدٍ على هذا الوجه، فلا يوجدُ في صفوفِ الخوارجِ مَن يُطلق عليه طالبُ عِلم فضلًا عن أنْ يكونَ بينهم عالِم، وغالبُ مَن يقودهم طبيبٌ بشريٌّ تخصصهُ جراحةٌ في دماءِ الأمة كالظواهري وسيد فضل أو خِريجُ اقتصادٍ وإدارة كأسامة بن لادن، ويُصرِّحون بعدم رغبتِهم في وجودِ العلماءِ في صفوفِهم.

 قال المقدسي: مِن ثم فلا حاجةَ المجاهدين لفقهاء ومُنَظَّرين من خارجِ صَفِّهِم لأنَّ فقهاءَهم الذين يُوجِّهونَهم ويتخيرون لهم الأوْلَى والأَنْقَى والأنْكَى مِن الجهادِ والقتالِ من أفقهِ الناسِ وأقواهم بصيرةً وذلك لأنَّ فِقْهَهم يُولَدُ مِن رَحِم الجهادِ ومن ميادين القتالِ وخنادقِهِ حيث الصدقُ مع اللهِ والبُعْدُ عن الأهواءِ المُضِلَّة والشهوات المُذِلَّة، فإذا أُضيف إلى ذلك ما ذكرناهُ مِن العِلمِ بالشرعِ والإحاطةِ بالواقعِ لم تَكد فِراسةُ أحدِهم تُخطئ.

الحكمةُ في ذلك أنَّ العلماءَ على مَرِّ العصورِ كانوا سدًّا منيعًا بين الشبابِ ومنهج الخوارج، ولذلك رَكَّزَ خوارجُ عصرِنا على كبارِ العلماء.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك