تفريغ مقطع : الرد المفحم على من يقول لماذا كذا وما الحكمة من كذا

((الرد المفحم على من يقول لماذا كذا وما الحكمة من كذا))

مَا مِن شَيءٍ إلَّا وهو مَبْنيٌّ مُؤسَّسٌ على الحكمةِ، وَلَكِنْ قَد تَعْلَمُ ذَلِكَ وَقَد لَا تَعْلَمُهُ، وَهَذَا مَا فَسَّرَت به عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- الأمْرَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ للحَائِضِ، لَمَّا جَاءَت مُعَاذَةُ العدوية، فَقَالَت لِعَائِشَة -رَضِيَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهَا-: مَا للمَرْأَةِ إِذَا هِيَ حَاضَت تُؤمَرُ بِقَضَاءِ الصِّيَامِ وَلَا تُؤمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ، استنكَرَت عائشةُ جدًّا، قالت: ((أحروريةٌ أنتِ؟!! أخارجيَّةُ أنت؟!!))

فقالت: لا، ولكنِّي أَسْألُ.

فقالت: ((كانَ ذَلِكَ يُصيبُنَا على عهدِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم-؛ فكُنَّا نُؤمَرُ بِقَضَاءِ الصيامِ ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصلاة)).

بماذا عَلَّلَت؟

بالأمرِ، لم تُعَلِّل إلَّا بِالنَّصِّ، الحائضُ إذا حَاضَت تَفْعَلُ كذا ولا تَفْعَلُ كذا، انتهى الأمرُ.

مع أنَّ الحكمةَ في وجهٍ مِن وجوهِهَا ظاهرةٌ؛ لأنَّ الصلوات مُتكاثرة، وأمَّا الصيامُ فإنه لا يكونُ قَضَاءً إلَّا إذا وَقَعَ في شَهْرٍ بِعَيْنِهِ، فهي أيامٌ معدودات، لأنها تحيضُ في غيرِ رمضان؛ فلا صيام، فإذن الذي تُؤمَرُ بقضائِهِ هو الصيامُ الفرضُ، فهذا لا يتجاوزُ ثمانيةَ أيامٍ، يَقلُّ عن ذلك قليلًا، يزيدُ عن ذلك قليلًا، فهذا مقدورٌ عليه.

وأمَّا الصَّلَوَات، فلو أنها تحيضُ عشرةَ أيامٍ، فأمرناهَا بأنْ تُصَلِّيَ الصلوات التي فاتَتْهَا؛ هذا فيه مَشَقَّة، هذا يُمْكِنُ أنْ تُفَكِّرَ فيه على أنه وَجْهٌ مِن وجوهٍ الحكمةِ، لا على أنه لذلك جاءَ الأمرُ والنهي.

ومع ذلك فعائشة لم تلتفت إلى هذا، وإنما قالت: ((كان ذلك يُصيبُنَا على عهدِ النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم-؛ فكُنَّا نُؤمَرُ بقضاءِ الصيامِ ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصلاة))، انتهى الأمرُ.

يأتيك مَن يقولُ لك: لِمَا كانت الصلواتُ خمس؟!!

ولماذا كانت الظُّهرُ أربع والمغربُ ثلاث ركعات؟!!

وهذا جَهْرٌ وهذا سِرٌّ إلى غيرِ ذلك؟!!

لو أنك أردْتَ أنْ تُفْحِمَهُ؛ فقُل له: لماذا كُنتَ رجُلًا؟!! لماذا لم تكُن امرأة؟!!

فسيقولُ: حكمة.

فقُل له: وأنا أقولُ أيضًا هذه حكمة، وتنتهي المسألة والله المستعان.


التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك