تفريغ مقطع : أين يسكن الجن ..؟

الجِنُّ يَسْكُنُونَ هَذِهِ الأَرْضَ الَّتِي نَعِيشُ فَوْقَهَا، وَيَكْثُرُ تَجَمُّعُهُم فِي الخَرَابِ فِي الخَرَابَاتِ وَالفَلَوَاتِ، الأَمَاكِنُ الَّتِي هِيَ خَاليَةٌ مِن الإِنْسِ-، وَهُم أَيْضًا يَكْثُرُونَ فِي مَوَاضِعِ النَّجَاسَةِ كَالحَمَّامَاتِ وَالحُشُوشِ وَالمَزَابِلِ وَالمَقَابِرِ.

يَقُولُ شَيْخُ الإِسْلَامِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ-: ((يَأْوِي إِلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الأَمَاكِنِ، الَّتِي هِيَ مَأْوَى الشَّيَاطِين: الشِّيوخُ الَّذِينَ تَقْتَرِنُ بِهِم الشَّيَاطِينُ)).

هُنَالِكَ بَعْضُ النَّاسِ الَّذِينَ هُم مِنْ أَحَطِّ طَبَقَاتِ الخَلِيقَةِ، وَالَّذِينَ يَسِيرُونُ مَعَ الشَّيَاطِين سِيرَةً غَيْرَ حَمِيدَةٍ عَلَى الشِّرْكِ وَالكُفْرِ وَالضَّلَالِ وَالمَعْصيَةِ، وَهؤلاءِ الشِّيوخُ يَكْثُرُ تَوَاجُدُهُم فِي المَزَابِلِ وَفِي مَوَاضِعِ القُمَامَةِ، وَكَذَلِكَ يَكْثُرُونَ بِوجُودِهِم فِي المَقَابِرِ؛ لأَنَّ الشَّيَاطِينَ تَكْثُرُ فِي هَذِهِ الأَمَاكِنِ خَاصَّةً.

((وَجَاءَت الأَحَادِيثُ نَاهِيَةً عَن الصَّلَاةِ فِي الحَمَّامِ؛ لأَجْلِ مَا فِي الحَمَّامِ مِن النَّجَاسَةِ، ولأَنَّهَا أَيْضًا مَأْوَى الشَّيَاطِين، وَكَذَلِكَ فِي المَقْبَرَةِ نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَن الصَّلَاةِ فِي المَقْبَرَةِ-؛ لأَنَّهَا ذَرِيعَةٌ إِلَى الشِّرْكِ.

يَكْثُرُ تَجَمُّعُ الجِنِّ أَيْضًا فِي الأَمَاكِنِ الَّتِي يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُفْسِدُوا فِيهَا الخَلْقَ كَالأَسْوَاقِ، وَلِذَلِكَ أَمَرَنَا الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- أَلَّا نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى السُّوقِ -يَعْنِي يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يُوصِي أَنَّ هَذَا السُّوقَ هُوَ حَيْثُ يَنْصِبُ الشَّيْطَانُ رَايَتَهُ بِمَعْرَكَتِهِ-، وَقَد أَوْصَى سَلْمَان رُضْوانُ اللهِ عَلَيْهِ- بَعْضَ أَصْحَابِهِ؛ فَقَالَ: ((لَا تَكُونَنَّ، إِنْ اسْتَطَعْتَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ السُّوقَ وَلَا آخِرَ مَنْ يَخْرُجُ مِنْهُ، فَإِنَّهَا مَعْرَكَةُ الشَّيَاطِين وَبِهَا يَنْصِبُ رَايَتَهُ)).

الشَّيْطَانُ يَنْصِبُ رَايَتَهُ، وَفِي السُّوقِ إِفْسَادٌ، وَفِي السُّوقِ ضَلَالٌ عَظِيمٌ، وَحِلَفٌ بِغَيْرِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، وَغِشٌّ وَخِدَاعٌ وَتَطْفِيفٌ، وَفِيهِ مَا يَكُونُ مِن تِلْكَ المَعَاصِي بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِن النَّظَرِ وَالمُلَامِسَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن تِلْكَ الأُمُورِ، فَكُلُّ هَذِهِ الأَشْيَاءِ تَجْعَلُ السُّوقَ مَرْتَعًا وَمَكَانًا للشَّيَاطِين، تَكْثُرُ الشَّيَاطِينُ فِي السُّوقِ مِنْ أَجْلِ الإِغْوَاءِ وَالغِوَايَةِ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك