تفريغ مقطع : مِن أقوى المقاطع الموجهة لتاركِ الصلاة

((مِن أقوى المقاطع الموجهة لتاركِ الصلاة))

الفلاحُ والنجاحُ والإيمانُ للخاشعينَ في الصلاةِ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون: 1-2].

والصلاةُ قُرَّةُ العَيْنِ: يقولُ النبيُّ ﷺ: ((حُبِّبَ إليَّ الطِّيبُ والنساء، وجُعِلَت قُرَّةُ عَيْنِي في الصلاةِ)).

نحنُ في هذا الأمرِ على خِلَافِ ما كان عليه رسولُ اللهِ ﷺ إلَّا مَن رَحِمَ اللهُ، يعني كان النبيُّ ﷺ إذا حَزَبَهُ شيءٌ يعني: إذا جَاءَهُ شيءٌ مِمَّا لا يُدْفَعُ، إذا أتاهُ شيءٌ صَعْبٌ، إذا عَسُرَ عليه أَمْرٌ- فَزِعَ إلى الصلاةِ ﷺ، وكان يقولُ: ((أَرِحْنَا بِهَا يا بِلَال))، الآن نقول: أَرِحْنَا بها أيُّهَا المُؤذِّن؟!! لا؛ نقولُ: أَرِحْنَا منها أيها المُؤذِّن!! لا نصبرُ عليها ولا نطمئنُ فيها، ولا نَخْشَع.

الصلاةُ هي حظُّكَ مِن دينِكَ، وإنْ أَرَدْتَ أنْ تعرِفَ قَدْرَ دينِكَ؛ فانظُر إلى قَدْرِ الصلاةِ، فقَدْرُ دينِكَ على قَدْرِ صَلَاتِكَ، الذينَ يَنْقُرُونَ صلاتَهُم؛ لا يُصَلُّونَ أصلًا كما قالَ الرسولُ ﷺ.

الدُّنْيَا مَاضيةٌ، والحياةُ مُنقضيةٌ، والأعمارُ فانيةٌ، وَسَيَلْقَى العبدُ ربَّهُ، وَأَوَّلُ ما يسألُهُ اللهُ ربُّ العالمين عنه الصلاة، فإنْ قُبِلَت؛ قُبِلَ سائرُ عملِهِ، وإنْ رُدِّت رُدَّ عليه سائرُ عملِهِ.

الصلاة؛ ليس عَمَلٌ تركُهُ كُفْر إلَّا الصلاة كما قالَ العلماءُ؛ لأنَّ العلماءَ يقولون: مَن تركَ الصلاةَ فهو كافرُ، واختلفوا هل هو كافرٌ كُفْرًا أكبر، هذا رأيٌ وهو قويٌّ جدًّا، وجمهورُ أهلِ العلمِ على أنه إذا تَرَكَهَا تكاسُلًا وتهاونًا فإنهُ كافرٌ، ولكنَّهُ كافرٌ كُفْرًا أَصْغَر.

ما الفرقُ بين الأمريْن؟

*الرأي الأولُ: الذي ينتصرُ له كثيرٌ مِن أهلِ العلمِ ومعهم أدلةٌ قويةٌ: أنه إذا تركَ فرضًا واحدًا تكاسُلًا وتهاونًا مِن غيرِ ما عُذر؛ فإنهُ يكفُر كُفرًا أكبر.

الكُفرُ الأكبرُ: معناهُ أنه ارتدَّ، يعني حَرُمَت عليه امرأتُهُ بانَت منهُ بينونةً كُبرى-، وإذا ماتَ لا يَرِثُهُ أهلُهُ، ولا يَرِثُ هو مَن ماتَ مِن أهلِهِ، إذا ماتَ لا يَلْزَمُ المُسلمينَ أنْ يُغَسِّلُوهُ ولا أنْ يُكَفِّنُوهُ، ولا يجوزُ لهم بل يحرمُ عليهم- أنْ يُصَلُّوا عليه، ولا أنْ يَشْهَدُوا جنازتَهُ؛ هذا كافرٌ، فهذا قَوْلٌ.

*القولُ الثاني: أنه كافرٌ أيضًا، ولكنَّهُ كفرٌ لا يُخرِجُ مِن المِلَّةِ، وهو يُستتابُ، فإنْ تابَ وإلَّا قُتِلَ، قُتِلَ حدًّا على القاعدةِ العامةِ، وأيضًا لا يُمكنُ أنْ يُتَصَوَّرُ أنْ يكونَ السيفُ على رقبتِهِ ويُقالُ له: صَلِّ، ويقول: لا أُصَلِّ حتى يُقتلَ ويكونُ في قلبِهِ مِثقالُ ذرةٍ مِن إسلامٍ لا مِن إيمان، فيكونُ في هذه الحالةِ قد مَاتَ كافرًا كُفرًا أكبر أيضًا.

ولكنْ تقعيدُ الأحكامِ على حَسَبِ أقوالِ أهلِ العلم كما قالَ جمهورُهُم في هذه المسألةِ العظيمةِ، فأمرٌ كبيرٌ.

الصلاةُ عمودُ هذا الدِّينِ، ونظامُ هذا الدينِ، والإمامُ أحمد لمَّا سُئِلَ عن الرَّجُلِ عندَهُ المَرْأَةُ لا تُصلِّي؛ قال: طَلِّقْهَا إنه لا خيرَ فيها، كافرة، لأنَّ مذهبَهُ أنَّ مَن تركَ الصلاةَ تكاسُلًا وتهاونًا فهو كافرٌ كُفرًا أَكْبَر، فكيف يَضُمُّ عِنْدَهُ في بَيْتِهِ امرأةً كافرةً، ويُعاشِرُهَا ويُجامِعُهَا، كيف؟!!

لا تُصَلِّي، قال: طَلِّقْهَا فإنهُ لا خيرَ فيها.

الصلاة؛ نَشَأْنَا وَنَشَأَ النَّاسُ على التَّهَاونِ في أمرِ الصلاةِ، أنَظَلُّ كذلك حتى نموتَ؟!!

مَنَّ اللهُ علينا بالمعرفةِ والعلمِ، ونوَّرَ اللهُ ربُّ العالمين لنا البصائر، فلنُقْبِل على دينِ اللهِ ولنَتَعَلَّم، وإذا لم تَصْبِر عَلَى ذُلِّ التعلُّمِ ساعة؛ صَبَرْتَ على ذُلِّ الجهلِ طولَ العُمرِ، اتَّقِ اللهَ في نفسِكَ وفي أهلِكَ وفي أبنائِك.

 

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك