تفريغ مقطع : لمَاذا أنت غَضُوب لا يقِفُ أمامَ غضَبِكَ أحد؟

سَتَمُوتُ وَحدَك، وَتُبعَثُ وَحدَك، وَتُسأَلُ بَينَ يَدَيْ اللَّهِ وَحدَك...

وَسَوفُ تُحَاسَبُ عَلَى مَا أَظهَرتَ وَمَا أَضمَرت، وَسَوفُ تُحَاسَبُ عَلَى مَا قَدَّمتَ وَمَا أَخَّرت.

وَمَعلُومٌ أَنَّ الإِنسَانَ سَيَقِفُ بَينَ يَدَيْ رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كَمَا وَلَدَتهُ أُمُّهُ، لَا يَخفَى عَلَى اللَّهِ مِنهُ شَيء، وَكُلُّ مَا قَدَّمَ فِي هَذِهِ الحَياة فِي الفُرصَةِ التِي أَعطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا- مَسطُورٌ مَكتُوبٌ {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ} لِأَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يُحصَى عَلَيهِ شَيء!!

بَل إِنَّ اللَّهَ فَسَيَستَنطِقُ الأَعضَاء؛ لِكَي تَنطِقَ بِمَا عَمِلَ الإِنسَانُ فِي هَذِهِ الحَيَاة، وَمَا اقتَرفَهُ وَمَا اجتَنَاهُ، لِأَنَّ الإِنسَانَ سَيُدَافِعُ عَن نَفسِهِ أَمَامَ اللَّه، وَاللَّهُ لَا تَخفَى عَلَيهِ خَافِيَة، وَلَكِنَّ الإِنسَانَ سَيَقِفُ يُدَافِعُ عَن نَفسِهِ أَمَامَ اللَّهِ عَمَّا اقتَرَفَت يَدَاهُ!!

فَيَقُولُ اللَّهُ رَبُّ العَالمِينَ: سَأَجعَلُ عَلَيكَ اليَومَ شَاهِدًا مِن نَفسِك، فَمَا ظَلَمَهُ وَإِنَّمَا عَدَلَ فِيهِ غَايَةَ العَدلِ, وَهُوَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ.

يَختِمُ عَلَى فَمِهِ وَيَأمُرُ أَعضَاءَهُ بِأَنْ تَنطِقَ بِمَا عَمِلَت فِي هَذِهِ الحَيَاة، وَمَا اقتَرَفَت مِن السَّيِّئاتِ وَالخَطَايَا وَالذُّنُوبِ،

ثُمَّ بَعدَ ذَلِكَ يُنطِقُهُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، فَيُقبِلُ عَلَى أَعضَائِهِ لَائِمًا يَقُولُ: وَيحَكُنَّ! عَنكُنَّ كُنتُ أُنَاظِر!!

فَتَقُولُ أعَضَاؤهُ وَجَوارِحُهُ: {أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ}

يَنبَغِي أَنْ تُغَيِّرَ مِن حَيَاتِك، لَا تَستَسلِم، طعَامُك وَشَرَابُك...

لمَاذَا أَنتَ سَمِينٌ بَدِينٌ مِن غَيرِ مَا مُبَرِّر؟!

لمَاذَا؟ سَوفَ تُوزَنُ عِندَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَحمًا وَشَحمًا؟!

((إنَّ اللَّهَ يُبغِضُ الحَبرَ السَّمِين))

لمَاذَا تُسرِفُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَفِي الكَلامِ وَالمَنَام؟!

لمَاذَا لَا تُغَيِّرُ حَيَاتَك؟!

لمَاذَا لَا تَتَوَقَّف مِن أَجلِ أَن تُرَاجِعَ مَا كَان؟ وَمِن أَجلِ أَنْ تَنظُرَ فِيمَا هُوَ آت؟!

مِن أَجلِ أَنْ تُبَدِّلَ مَسَارًا خَاطِئًا سِرتَ فِيهِ وَأَنتَ مُمْعِنٌ فِي السَّيرِ فِيهِ، وَكُلُّ لَحظَةٍ تَمضِي فِي هَذِهِ الطَّرِيق؛ فَإِنَّهَا تُوَصِّلُكَ إِلَى الخَرابِ وَالدَّمَارِ وَالبَوَارِ!!

تَوَقَّف وَتَأَمَّل فِي أَخلَاقِكَ وَطِبَاعِكَ, فَإِنَّكَ تَجِدُ الغَضُوبَ إِذَا مَا رَاجَعتَهُ وَقُلتَ لَهُ:

هَذَا لَا يَجمُلُ بِكَ, أَنتَ رَجُلٌ عَاقِلٌ مُتَّزِنٌ، وَإِذَا مَا غَضِبتَ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدرِي مَا يَخرُجُ مِن فَمِك...

لَوْ أَنَّكَ نَظَرت فِي مِرآةٍ فِي حَالِ غَضَبِكَ؛ لَأَبغَضَّتَ نَفسَكَ، كَالشَّيطَانِ ثَائِرَ الرَّأسِ, مُنتَفِضَ البَدَنِ, لَا تَكَادُ تَستَقِرُّ عَلَى حَالٍ, اتَّقِ اللَّهَ!!

سَيَقُولُ لَكَ: هَذَا طَبعِي فَقَد خُلِقتُ غَضُوبًا!!

نَعَم؛ وَقَد نَزَلَ الشَّرعُ مِنَ السَّمَاءِ لِيُغَيِّرَ الطِّبَاعَ، فَحُجَّتُكَ غَيرُ مَقبُولَة.

يَنبَغِي عَلَينَا؛ أَنْ نَجتَهِدَ فِي تَغيِيرِ مَا نَحنُ فِيهِ بَعدَ أَنْ نَنظُرَ فِيهِ بِرَوِيَّةٍ وَرِفقٍ، وَأَنْ نَعلَمَ أَنَّ المُستَقبَلَ الحَقِيقِيَّ هُوَ مَا يَأتِي لَا مَا مَضَى، وَلَا مَا نَتَخَيَّلُه وَنَتَوَهَّمُهُ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


الرَّدُّ عَلَى مُنكِرِي خِتَان الإِنَاث
فائدة عزيزة جدًّا فى تفسير قوله تعالى {اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ}
قصة الجندي التركي المتعصب... بالمقص لا بالسكين
استقبال القبلة _ اتخاذ السترة _ النية
عدد ركعات صلاة التراويح ــ ومتى ينصرف المأموم ــــ وهل تمنع المرأة من صلاة التراويح في المسجد؟
شؤم المعصية.. هل تظنون أنكم أفضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
دِينُ اللَّهِ؛ تَعَلَّمُوهُ, وَاصْرِفُوا فِيهِ الأَعمَارَ, وَأَفنُوا فِيهِ الأَوقَات, فَإِنَّ الأَمْرَ كَبِيرٌ
تحذيرٌ هَامٌّ للنِّسَاءِ اللاتِي تُرْضِعْنَ أَطْفَالًا غَيْرَ أَطْفَالِهِنَّ
المعنى الصحيح للآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
فرقة تفجر وفرقة تستنكر... التقية الإخوانية
صيغ التكبير الواردة عن السلف
اِجْتَمِعُوا عَلَى عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ وَلَا تَتَفَرَّقُوا
من حقوق الحاكم: توقيره وعدم سَبِّهِ وإهانتهِ
مقطع تاريخي : حول تعامل الإعلام مع أحداث البطرسية
جملة مختصرة من أحكام عيد الفطر
  • شارك