تفريغ مقطع : من لم يكفر اليهود والنصارى أو شك فى كفرهم أو حسن مذهبهم فهو كافر ...

قال الشيخُ ابن عثيمين -رحمه الله- في «القول المفيد»: «فمَن رضي دين النصارى دينًا يدينون الله به; فهو كافر؛ لأنه ساوَى غيرَ دين الإسلام بالإسلام; فقد كذّب قولَ الله -جل وعلا-: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْه﴾. وبهذا يكون كافرًا.

وبهذا نعرف الخطر العظيم الذي أصاب المسلمين اليوم باختلاطهم مع النصارى، والنصارى يدعون إلى دينهم صباحًا ومساءً، والمسلمون لا يتحركون، بل بعضُ المسلمين الذين ما عرفوا الإسلام حقيقةً يَلِينُون لهؤلاء،: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾، وهذا من المحنة التي أصابت المسلمين الآن، وآلت بهم إلى هذا الذل الذي صاروا فيه». انتهى كلامُه.

من أشد ما يكون أن يُصحَّحَ المسلمُ مذهبَ المشركين ودينَهم .. مَن صحَّحَ مذهبَ المشركين -وما أكثرَ مَن يُصحَّحَ مذهبهم!! ويُدافعُ عنهم!!- خصوصًا اليهود والنصارى، فالدعوةُ قائمة إلى الوَحدة بين الأديان -كما يزعمون- بين الإسلام واليهودية والنصرانية، ويقولون: كلُّها أديانٌ صحيحة!! وكلُّهم مؤمنون بالله فلا نُكفِّرهم!! .. هذا أشدُّ كُفرًا من الذي شكَّ في كُفرهم؛ لأنه صحَّحَ مذهبهم، وقال: إنهم يُؤمنون بالله ويتَّبعون الأنبياء: اليهود يتَّبعون موسى، والنصارى يتَّبعون عيسى.

فيُقال لهم: لم يتَّبعوا لا موسى، ولا عيسى، ولو كانوا يتَّبعونهما لآمنوا بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم- لأنّ موسى وعيسى -عليهما السلام- بشَّرا بمحمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وهو موجودٌ في التوراة والإنجيل: في التوراة التي أُنزلتْ على موسى موجودٌ فيها ذِكرُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ﴾. [الأعراف: 157].

الإنجيل الذي نُزِّلَ على عيسى فيه ذِكرُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، بل صرَّح عيسى -نفسه- عليه السلام- بذلك: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾. [الصف: 6].

مَن الذي جاء بعد عيسى -عليه السلام-؟!

هو نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، وله أسماءٌ كثيرةٌ ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. [البقرة: 146].

فمَن صحَّحَ شيئًا من ذلك خرج من رِبْقَةِ الإسلام!! أين هذا من الأمّة في هذه المحنة التي تمرُّ بها .. تَتَقَلْقَلُ فيها قواعد توحيدها -والقومُ مشغولون-؟!!

على المسلم أن يعتقد كُفرَ الكفّار أيًّا كانوا، وكلُّ مَن أشرك بالله ودعا غيرَ الله بأي نوعٌ من أنواع الشرك الأكبر؛ فيجب تكفيره بالحُكم عليه بالكُفر، ولا يجوزُ الشكُّ في كُفره، ولا يجوزُ تصحيح ما هو عليه من الكُفر؛ فيُقال: هذا صاحبُ دين!! هذا أحسنُ من الوثنيين!! لماذا؟! لأنّ الكُفرَ مِلَّةٌ واحدةٌ.

ونبينا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول -كما في «صحيح مسلم»-: «والذي نفسي بيده لا يسمعُ بي أحدٌ من هذه الأمّة -يعني: أمّةَ الدعوة- يهوديُّ ولا نصرانيُّ، ثم لم يُؤمن بالذي جئتُ به إلا دخلَ النارَ».

ينبني على تكفير الكفّار أحكامٌ كثيرةٌ، منها: أنه يجبُ بُغضهم، ومعاداتهم، وعدمُ موالاتهم، حتى ولو كانوا من أقرب الناس إلى المسلم، وعلى هذا تظاهرتِ النصوص في الكتاب والسُّنة.

وبما يترتب على تكفير المُشرِك أنه إذا ماتَ المُشرِك والكافر؛ فإنّ المُسلمَ لا يتولّى جنازته إلا إذا لم يُوجد مَن يدفنه من الكُفّار؛ فإنه يُوارَى بالتراب، ولا يُدفنُ في مقابر المسلمين.

فالمسلمون لا يتولَّون جنازةَ الكافرِ: لا يُغسلونها، ولا يُكَفِّنُونَها، ولا يحملونها، ولا يُشيِّعونها، ولا يحضرون دفنها، ولا تُدفن في مقابر المسلمين.

فالمسلمُ لا يُشيِّع جنازة الكافر، ولا يُجهِّزها، ولا تُدفن في مقابر المسلمين.

أين هذه الأحكامُ من أولئك القوم الذين يَغشُّون الأمّة، ويرون الناس يتورطون في نواقض الإسلام العظيمة التي يخرجون بها منه، وهم لا يُبالون ..

شغلتهم السياسة والكراسيّ!! وما هم فيه من بُلَهْنِيَةِ العَيش مما امتصوه من دماء المسلمين بزعم «الدعوة»!! حتى صارَ المسلمون إلى هذه الهُوّة الهابطة، وصرتَ ترى الناسَ لا يحكمون على الكافرَ، ويجادلون!! مَن أتى بنصوص الكتاب والسُّنة للحُكم عليه بما هو أهلُه .. يُصحَّحَون مذهبَ الكافرين المشركين، ويشهدون لهم بأنهم على دينٍ وصراطٍ مستقيمٍ، وأنهم في الجنة من أهل الخلود!!

إلى اللهِ المُشتَكى، وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك