تفريغ مقطع : ملخص لكل ما يخص الأُضحية

وَالأُضْحِيَّةُ: هِيَ مَا يُذْبَحُ فِي يَوْمِ العِيدِ مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ العِيدِ، وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيق، إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ ثَالِثِ أَيَّامِ التَّشْرِيق -وَهُوَ اليَوْمُ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ ذِي الحِجَّة-، فَمَا يُذْبَحُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ رَبِّ العَالمِينَ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فِي هَذَا الوَقْتِ الشَّرِيفِ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ رَبِّ العَالمِينَ؛ إِنَّمَا هُوَ الأُضْحِيَّةُ، الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا المُسْلِمُونَ إِلَى رَبِّهِم، لِأَنَّهُ مَا تَقَرَّبَ العَبْدُ إِلَى اللَّهِ رَبِّ العَالمِينَ فِي هَذَا اليَوْمِ بِمِثْلِ إِهْرَاقِ الدِّمَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ رَبَّ العَالمِينَ لَيُحِبُّ ذَلِكَ.

وَأَمَّا الأُضْحِيَّةُ فَلَهَا شُرُوطٌ يَنْبَغِي أَنْ تَتَوَفَّرَ فِيهَا، وَقَدْ بَيَّنَهَا الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:

* وَأَوَّلُ ذَلِكَ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالوَقْتِ، فَإِنَّ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الإِمَامُ مِنْ صَلَاةِ العِيدِ؛ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَ مَكَانَهَا أُخْرَى، كَمَا أَمَرَ بِذَلِكَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-, فَيَنْبَغِي أَنْ تُذْبَحَ فِي الوَقْتِ الَّذِي حَدَّدَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-, فَهَذِهِ الأَيَّامُ كُلُّهَا أَيَّامُ ذَبْحٍ بِذِكْرٍ للَّهِ رَبِّ العَالمِينَ عِنْدَ الذَّبْحِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-, بِذِكْرِهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالى- عَلَى الأَضَاحِي، وَبِذِكْرِهِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، فَهَذِهِ الأَوْقَاتِ -مِنْ بَعْدِ صَلَاةِ العِيدِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنَ اليَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ- كُلُّهَا وَقْتُ ذَبْحٍ، فَمَنْ ذَبَحَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ إِذَا ذَبَحَ يَوْمَ العِيدِ؛ فَهَذَا أَفْضَلُ، وَاليَوْمُ الأَوَّلُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَفْضَلُ مِنَ اليَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ، وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؛ أَفْضَلُ مِنَ اليَوْمِ الثَّالِث مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيق.

وَإِذَا كَانَت مُعْلَنَة كَانَتْ أَفْضَلَ مِمَّنْ أَنْ تَكُونَ مُخَبَّئَة، حَتَّى إِنَّ الإِمَامَ كَانَ يُضَحِّي بِالمُصَلَّى، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-, بِسْمِ اللَّهِ, وَاللَّهُ أَكْبَر, اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ، اللَّهُمَّ عَنْ فُلَانٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، كَمَا عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.

* وَالشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ الأُضْحِيَّةِ: أَنْ تَكُونَ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ؛ وَهِيَ الإِبِلُ، وَالبَقَرُ، وَالغَنَمُ مِنَ الضَّأْنِ وَمِنَ المَعْزِ.

* وِأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ: فَأَنْ تَكُونَ قَدْ تَوَفَّرَ فِيهَا شَرْطُ السِّنِّ المَحْدُودِ، كَمَا بَيَّنَهُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ أَنْ تَكُونَ جَزَعَةً مِنَ الضَّأْنِ، أَوْ أَنْ تَكُونَ ثَنِيَّةً مِنْ غَيْرِ الضَّأْنِ، فَأَمَّا الجَزَعَةُ مِنَ الضَّأْنِ، فَمَا تَمَّ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَهَذِهِ تُجْزِئُ، وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الثَّنِيَّةِ، فَلِكُلٍ سِنٌّ؛ فَأَمَّا الإِبِلُ: فَمَا أَتَمَّ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ، وَأَمَّا البَقَرُ: فَمَا أَتَمَّ عَامَيْن، وَأَمَّا المَعْزُ فَمَا أَتَمَّ سَنَةً وَاحِدَة.

* وَهَذَا شَرْطٌ أَخَرُ: أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الأَضَاحِي مُبَرَّأَةً مِنَ العُيُوبِ, الَّتِي إِذَا وُجِدَت مَنَعَت الإِجْزَاء، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُضَحِّيَ بِهَا، وَقَدْ بَيَّنَهَا الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَكْثَرَ مِنْ حَدِيثٍ؛ وَمِنْهَا حَدِيثُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ, مِنْ رِوَايَةِ البَرَاءِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- سُئِلَ عَمَّا لَا يُجْزِئُ مِنَ الأَضَاحِي؛ فَأَشَارَ بِيَدِهِ بِأَصَابِعِهِ الأَرْبَعَة، .وَهِيَ الإِشَارَةُ الَّتِي لَمْ يُوَفَّق أُوَلئِكَ المَخْذُلُونَ، فَاتَّخَذُوهَا لهُم شِعَارًا، وَإِنَّمَا هِيَ إِشَارَةٌ لِلْعُيُوبِ، الَّتِي ذَكَرَهَا الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-. وَبَيَّنَ أَنَّ العَوْرَاءَ البَيِّنَ عَوَرُهَا، وَكَذَلِكَ العَرْجَاءُ البَيِّنُ عَرَجُهَا أَوْ ظَلْعُهَا، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، وَكَذَلِكَ الَّتِي أَصَابَهَا الهُزَالُ حَتَّى لَا تُنْقِي، فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنَ العُيُوبِ الَّتِي لَا تُجْزِئُ فِي الأُضْحِيَّةِ، وَمَا فَوْقَهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى؛ فَإِنَّ العَمْيَاءَ مِنْ بَابِ أَوْلَى لَا تُجْزِئ، وَالكَسِيحَةُ كَذَلِكَ، وَعَلَى مِثْلِهَا فَقِسْ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك