تفريغ مقطع : قصة الجندي التركي المتعصب... بالمقص لا بالسكين

قصة الجندي التركي المتعصب... بالمقص لا بالسكين

وَحَكَت كُتُبُ الأَدَبِ الحَدِيثِ أَنَّ قَائِدًا تُرْكِيًّا كَانَ قَائِدَ فِرْقَةٍ عِنْدَهُ جُنْدِيٌّ فِي فِرْقَتِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ الجُنْدِيُّ ذَا عَقْلِيَّةٍ جَدَلِيَّةٍ عَنِيفَةٍ, وَكَانَ يَتَعَصَّبُ لِرَأْيِهِ لَا يَكَادُ يَجِدُ العَقْلُ عِنْدَهُ عَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَقَ مَنَافِذَ العَقْلِ، وَسَدَّ نَوَافِذَ المَعْرِفَةِ، وَيَتَعَصَّبُ لِرَأْيِهِ لَا يَحِيدُ عَنْهُ قِيدَ أُنْمُلَةٍ، وَفِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ اخْتَلَفُوا مَعًا -القَائِدُ مَعَ جُنْدِيِّهِ-, يَقُولُ القَائِدُ: إِنَّ البِطِّيخَةَ تُشَقُّ بِالسِّكِّينِ شَقًّا، وَيَقُولُ الجُنْدِيُّ: بَلْ إِنَّ البِطِّيخَةَ تُفْتَحُ بِالمَقَصِّ فَتْحًا!!

فَأَخَذَ القَائِدُ يُحَاوِلُ أَنْ يُقْنِعَ جُنْدِيَّهُ، يَتَعَصَّبُ الجُنْدِيُّ، يَتَحَجَّرُ بِالعِنَادِ البَغْلِيِّ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ!!

فَلَمَّا ضَاقَ بِهِ ذَرْعًا؛ أَمَرَ سَائِرَ الفِرْقَةِ بِأَنْ تَضْرِبَهُ, فَضَرَبُوهُ ضَرْبًا مُبَرِّحًا, وَهُوَ يَرْفَعُ شِعَارَهُ وَرَايَتَهُ، يَصْنَعُ حِزْبًا وَجَمَاعَةً, وَهُوَ يَقُولُ: بِالمِقَصِّ لَا بِالسِّكِّينِ تُفْتَحُ البِطِّيخَةُ يَا مِسْكِين!!

يُضْرَبُ مَا يُضْرَبُ, وَلَا يَتَخَلَّى عَنْ شِعَارِهِ, كَأَنَّمَا أَصْبَحَ شَيْئًا فِي دِمَاهُ!!

فَلَمَّا ضَاقَ بِهِ قَائِدُهُ؛ أَمَرَهُم أَنْ يَحْمِلُوهُ، ثُمَّ يَرْمُوهُ فِي المَاءِ فِي نَهْرٍ قَرِيبٍ, فَحَمَلُوهُ فَأَلْقَوْهُ هُنَالِكَ فِي النَّهْرِ, وَلَكِنْ جَرَتْ المَقَادِيرُ بِأَنَّ الجُنْدِيَّ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ السِّبَاحَةَ وَلَا يُجِيدُ العَوْم، فَأَخَذَ يَرْسُبُ وَيَطْفُو, يَغُوصُ وَيَعْلُو, فَإِذَا مَا عَلَا قَالَ: بِالمِقَصِّ لَا بِالسِّكِّينِ تُفْتَحُ البِطِّيخَةُ يَا مِسْكِين, فَلَمَّا أَنْ أَدْرَكَهُ الغَرَقُ وَأَشْفَى عَلَيْهِ يَرْسُبُ يَغُوصُ يَغُوصُ يَغُوصُ, لَمْ يَسْتَطِع أَنْ يَقُولَ شَيْئًا, فَرَفَعَ يَدَيْهِ هَكَذَا... (عَلَامَةَ المَقَصِّ)!!

إِلَى الرَّمَقِ الأَخِيرِ يَتَعَصَّبُ لِفَكْرَةٍ خَائِبَةٍ!!

وَإِنَّ أَضْيَقَ سِجْنٍ يُسْجَنُ فِيهِ المَرْءُ هُوَ فِكْرَةٌ خَائِبَةٌ, لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَقِّقَهَا فِي دُنْيَا اللَّهِ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَخَلَّى عَنْهَا؛ فَيَظَلَّ مَحْبُوسًا فِي جِلْدِهِ!! أَضْيَقُ سِجْنٍ قَطُّ فِي هَذِهِ الحَيَاة!!

مَا الَّذِي يَجْعَلُنَا نَتَعَصَّبُ لِلرَّأْيِ الخَائِبِ؟

الَّذِي يَجْعَلُنَا لَا نَأْتِي بِحِكْمَةِ العِيدِ فِي يَوْمِ العِيدِ, وَالِّذِي يَجْعَلُنَا نَتَعَصَّبُ لِلرَّأْيِ الخَائِبِ؛ هُوَ الحَاجِزُ النَّفْسِيُّ, وَمَا الحَاجِزُ النَّفْسِيُّ؟

هُوَ تِلْكَ الجِبَالُ مِنَ الجَلِيدِ تَقُومُ بَيْنَ الأَرْوَاحِ, لَا تُشْرِقُ عَلَيْهَا شَمْسُ المَحَبَّةِ, فَلَوْ أَنَّ أَشِعَّةَ شَمْسِ المَحَبَّةِ أَصَابَت تِلْكَ الجِبَالَ مِنَ الجَلِيدِ بَيْنَ القُلُوبِ وَالأَرْوَاحِ؛ لَصَارَت هَذِهِ الجُزرُ المُنْعَزِلَةُ مِنَ المُسْلِمِينَ شَيْئًا وَاحِدًا, قَلْبًا وَاحِدًا, نَبْضًا وَاحِدًا, وَحِينَئِذٍ يَرْهَبُهُم العَالَمُ جَمِيعَهُ, وَأَمَّا أَنَّهُم يَتَفَرَّقُونَ فَهِيَ المَذَلَّةُ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


الرد على العقلانيين -الرد على من أدخل العقل في العبادات
كَفَّرُوهُم!! جَعَلُوهُم مُرْتَدِّينَ!! إِذَنْ حَلَالٌ دَمُهُم؛ حَرامٌ حَيَاتُهُم, حَلَالٌ أَعْرَاضُهُم؛ حَرَامٌ بَقَاؤُهُم, فَلْيَذْهَبُوا إِلَى الجَحِيمِ!!
رسالةُ حَسَن البنَّا للإخوان المسلمين اليوم
كبيرةُ الكذبِ على اللهِ وعلى رسولهِ
فرقة تفجر وفرقة تستنكر... التقية الإخوانية
مَن الذِي يَتَمَسَّكُ بِالإسلَامِ إِنْ تَرَكَهُ أَهلُه؟!
لماذا أنت هكذا كالجبار في الأرض؟
الحكمة من اختصاص الله للأشهر الحُرُم بالحُرمة
إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
اصمتوا رحمكم الله... ألا تبصرون؟!
تَحذِيرٌ هَامٌّ لطُلَّابِ العِلْمِ: احْذَرُوا هَذَا الخُلُق العَفِن!!
إسقاط النظام الآن يعني: الحرب الأهلية
هـل كان الإمام أحمد عميلًا لأمن دولة الواثق؟!
الحرب على مصر حرب عقائدية فهل تخاض بالطعن في ثوابت الدين
أَحْيَاكَ اللهُ كَما أحْيَيْتَنِي- العلامة محمد سعيد رسلان
  • شارك