تفريغ مقطع : أهـو هـو؟!! رجـل يختار كيف يموت!!

أهـو هـو؟!! رجـل يختار كيف يموت!!

عَنْ شَدَّادِ بنِ الهَادِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-, فِيمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ, وَعَبْدُ الرَّزَّاق, وَالحَاكِمُ, وَالبَيْهَقِيُّ, وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ فِي ((صَحِيحِ الجَامِعِ)), وَغَيْرِهِ, عَنْ شَدَّادِ بنِ الهَادِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ, ثُمَّ قَالَ: أُهَاجِرُ مَعَكَ, فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْضَ أَصْحَابِهِ, فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ، غَنِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- سَبْيًا، فَقَسَمَهُ وَقَسَمَ لَهُ، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ, وَكَانَ يَرْاعَى ظَهْرَهُم -كَانَ فِي إِبِلِهِم يَرْعَاهَا, فَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا-، فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ, فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قَسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-؛ فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: ((قَسَمْتُهُ لَكَ)), قَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا -وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ- بِسَهْمٍ؛ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الجَنَّةَ, فَقَالَ: ((إِنْ تَصْدُق اللَّهَ يَصْدُقكَ)), فَلَبِثُوا قَلِيلًا، ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ العَدُو، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحْمَلُ, قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ, فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((أَهُوَ هُوَ؟)), قَالُوا: نَعَمْ, قَالَ: ((صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ اللَّهُ))، ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ, فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ -أَيْ مِنْ دُعَائِهِ-: ((اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ، فَقُتِلَ شَهِيدًا, أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ)).

خُذْ هَذَا السَّبْي, فَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ، لَمْ اتَّبِعْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى أَنْ أُحَصِّلَ فِي الدُّنْيَا مَغْنَمًا, وَلَا أَنْ أُفِيدَ فِيهَا فَائِدَةً، وَإِنَّمَا اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَي بِسَهْمٍ هَاهُنَا, يَخْتَارُ مِيتَةً يُؤتِيهِ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إِيَّاهَا كَمَا اخْتَارَهَا، وَيُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِلَى حَلْقِهِ، أَنْ أُرْمَى بِسَهْمٍ هَاهُنَا -وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ-؛ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الجَنَّة, فَوَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى صِدْقِهِ مَعَ رَبِّهِ, قَالَ: ((إِنْ تَصْدُق اللَّهَ يَصْدُقكَ)), فَجِيءَ بِهِ مَحْمُولًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَتَأَكَّدَ مِنْهُ: ((أَهُوَ هُوَ؟)), قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. السَّهْمُ فِي حَلْقِهِ، فِي المَوْضِعِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ بِإِصْبَعِهِ، فَقَالَ: ((صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ اللَّهُ))، ثُمَّ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَمَا كَانَ مِنْهُ.

هَذِهِ حَقِيقَةُ الدِّينِ, حَقِيقَةُ الإِخْلَاصِ, حَقِيقَةُ العَمَلِ لِخِدْمَةِ دِينِ رَبِّ العَالمِينَ, لَيْسَ هَاهُنَا شَيْء، الفَائِدَةُ هُنَاكَ ، الأَجْرُ هُنَاك، المَثُوبَةُ هُنَاك، وَأَمَّا هَاهُنَا فِي الدُّنْيَا؛ فَتَعَبٌ وَنَصَبٌ، وَعَنَاءٌ وَبَلَاءٌ، وَأَلَمٌ وَمَشَقَّةٌ, وَاللَّهُ يَشْرَحُ الصَّدْرَ، وَيُصْلِحُ البَالَ، وَيُطَمْئِنُ القَلْبَ، وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك