تفريغ مقطع : سَبِيلُ الذُّرِّيَّةِ الصَّالِحَةِ

((سَبِيلُ الذُّرِّيَّةِ الصَّالِحَةِ))

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ﷺ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَلِمَاذَا نَتْرُكُ أَوْلَادَنَا بِلَا دَفْعٍ إِلَى أَنْ يَتَعَلَّمُوا؟!!

لَا بُدَ أَنْ نَجْعَلَ بِيئَةً لِهَؤُلَاءِ الْأَوْلَادِ.. هَذِهِ الْبِيئَةُ يَحْمِلُونَ بِهَا الْقُرْآنَ، نُرِيدُ بِيئَةً يَحْمِلُونَ فِيهَا الْعِلْمَ.

كَمَا تُفَرِّغُ وَلَدَكَ لِدَرْسِهِ فَفَرِّغْهُ لِدِينِهِ وَشَرِيعَتِهِ، وَدِينُهُ هُوَ أَوَّلُ مَا يَصِلُ إِلَيْكَ، دِينُهُ.. لَا عِلْمُهُ الدُّنْيَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ صَارَ طَبِيبًا.. بَعْدَ كَمْ تَرَى ذَلِكَ؟ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً.. يَعْنِي بَعْدَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً تَرَاهُ طَبِيبًا.. أَنْتَ ضَامِنٌ تَعِيشُ أَمْ لَا؟!!

لَكِنْ إِنْ عَلَّمْتَهُ دِينَهُ تَرَاهُ فِي أَقْرَبِ وَقْتٍ.

أَذْكُرُ أَنَّنِي كُنْتُ أُعَلِّمُ الصِّبْيَةَ فِي مَسْجِدِ أَوْلَادِ غَانِمٍ -وَهَذَا مُنْذُ مَا يَزِيدُ عَنْ عِشْرِينَ سَنَةً-، فَعَلَّمْتُ الْأَوْلَادَ كَيْفَ يَتَعَامَلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ مُنْذُ أَنْ يَدْخُلوا الْبَيْتَ إِلَى أَنْ يَنَامُوا.

وَكُنْتُ أَذْكُرُ لَهُمْ مِنْ قَصَصِ الْقُرْآنِ وَقَصَصِ السُّنَّةِ وَرِوَايَاتِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَحِكَايَاتِهِمْ فِي هَذِهِ الدُّرُوسِ، وَاللهِ! كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَأْتِي تَقُولُ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا.. جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا.. لَقَدْ تَغَيَّرَ وَلَدِي.

بَلْ إِنَّ وَلَدًا فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ أَصْلَحَ بَيْنَ خَالَتَيْهِ، حَدَثَ بَيْنَهُمَا شِقَاقٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا الشِّقَاقُ؟!! تَعْلَمُونَ أَيْنَ سَنَصِيرُ؟!! سَنَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ رَوْضَةً مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ حُفْرَةً مِنْ حُفَرِ النَّارِ، وَأَخَذَ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قِصَّةَ الْمَلِكِ، فَسَمِعُوا هَذِهِ الْقِصَّةَ، تَأَثَّرُوا بِهَا، فَأَخَذَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تُعَانِقُ أُخْتَهَا وَتَبْكِي.

وَهَذَا الْوَلَدُ كَانَ صَغِيرًا، سُبْحَانَ اللهِ! مُنْذُ أَيَّامٍ هَذَا الْوَلَدُ لَقِيتُهُ فِي مَصْلَحَةٍ مِنَ الْمَصَالِحِ، ذَهَبْتُ لِأَدْفَعَ بَعْضَ الرُّسُومِ فَوَجَدْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي قَامَ وَرَحَّبَ بِي وَقَالَ: وَاللهِ! لَا تَدْفَعُ شَيْئًا، أَنَا أَدْفَعُ هَذَا الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَدْفَعَهُ، قُلْتُ لَهُ: جَزَاكَ اللهُ خَيْرًا، قَالَ: لَا وَاللهِ!

فَدِينُ الْوَلَدِ يَظْهَرُ فِي لَحْظَتِهِ، وَأَمَّا عِلْمُهُ الدُّنْيَوِيُّ فَقَدْ تُحَصِّلُهُ أَوْ لَا تُحَصِّلُهُ!

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك