تفريغ مقطع : ((2))...((هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))

((2))...((هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ))

و رحمتُهُ سبحانهٌ- من لوازمِ ذاتهِ؛ كعِلْمِهِ و قدرتهِ و حياتهِ و سَمْعِهِ وبَصرهِ و إحسانهِ، فيستحيلُ أنْ يكونَ على خلافِ ذلك، وليس كذلك غَضَبُهُ؛ فإنه ليس من لوازمِ ذاتهِ، ولا يكونُ غضبان دائمًا غضبًا لا يُتصور انفكاكُهُ؛ بل يقولُ رسلُهُ وأعْلمُ الخَلْقِ به يوم القيامة كما في ((حديثِ الشفاعة)) وهو في الصحيحين: ((قد غضبَ اليوم غضبًا لم يغضب قبلهُ مِثْلَهُ))؛ كذا يقولُ الأنبياءُ في الموقفِ عند ما يطلب الخَلْقُ منهم الشفاعة عند الله -تبارك وتعالى- لبدءِ الحسابِ- فيقول كلٌّ: ((إنَّ ربي قد غضبَ اليوم غضبًا لم يغضب قبلهُ مِثله ولن يغضب بعده مِثلهُ)).

فالغضبُ من صفاتِ الفِعلِ وليس من صفاتِ الذاتِ، وصِفةُ الفِعلِ: متعلقةٌ بالمشيئة، صفاتُ الفِعل هي التي إذا شاء الله -تبارك وتعالى- أتى بها وإذا لم يشأ لم يأت بها، فهذه صفات الفِعل؛ ومنها الغضب، ومنها الضَّحِكُ، ومنها الرضا، ومنها النزولُ، ومنها الاستواءُ؛ فهي متعلقةٌ بالمشيئة، فكلُّ صفةٍ تعلقت بالمشيئةِ فهي من صفاتِ الفِعل، وأما صفاتُ الذات: فهي لا ينفكُّ عنها اتصاف الذات بها ولا تنفكُّ هي عن الذات، صفاتُ الذات لا تنفكُّ عن ربنا -تبارك وتعالى- بحال، فهي مُلازمة للذات، ومنها صفةُ الرحمة، فإنَّ الله -جلَّ وعلا- هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، وأما صفةُ الغضبِ فهذه صفةُ فِعل؛ وهي متعلقةٌ بالمشيئة، فإذا وُجِد سببُها وغضِبَ الربُّ -تبارك وتعالى- فهذه صفة من صفات الفِعل، لا يكون غضبان دائما غضبًا لا يُتصورُ انفكاكه؛ بل ((إنَّ ربي قد غضبَ اليوم غضبًا لم يغضب قبله مِثله و لن يغضب بعده مثله)).

رحمةُ اللهِ الرحمنِ الرحيم وسِعت كلَّ شيء، و غَضَبُهُ لم يَسَع كلَّ شيء، و هو سبحانه- كتبَ على نفسِهِ الرحمة، ولم يكتُب على نفسهِ الغضب، ووسِعَ كلَّ شيءٍ رحمةً وعِلمًا، و لم يسَع كلَّ شيءٍ غضبًا و انتقامًا، -سبحانه- هو الرحمنُ الرحيم، وهذا هو اللائقُ الليِّق بشأنِ الرحمنِ الرحيم أرحم الراحمين، ولولا ذلك لكُنَّا جميعًا خاسرين هالكين، نعوذُ باللهِ من غضبِ اللهِ ومن سَخَطهِ و مِن أليمِ عقابهِ ونتوبُ إليه ونرجو رحمتَهُ و كرَمَهُ و فَضْلَهُ و لُطْفَهُ.

التعليقات


مقاطع قد تعجبك


  • شارك